آثار قرار المركز القومى للترجمة، لتحديد آليات تعاقد المترجمين مع المكتب الفنى، جدلا واسعا فى الأوساط الثقافية، خاصة الشرط الذى يستوجب مراعاة ألا يتعارض الكتاب مع الأديان، وألا يتعارض الكتاب مع القيم الاجتماعية والأخلاق والأعراف، وتخوف البعض من أنه حال تطبيق اللائحة قد تصبح العديد من الموضوعات محرمة من التناول والصدور من المركز القومى للترجمة.
ونصت اللائحة على:
يفتح باب التقدم بالمقترحات مرتين فى العام خلال شهرى يناير ويوليو، مع مراعاة الشروط الآتية: ألا يكون قد سبق صدور ترجمة للكتاب، أن يكون العمل المعروض للترجمة من اللغة الأصلية وليس عبر لغة وسيطة، تتراوح صفحات الكتاب بين 60 حتى 500 صفحة، مع إمكانية استثناء هذا الشرط إن كان الكتاب جزءا من الكتب التراثية أو حال ترجمة الموسوعات والمعاجم.
كما تشمل الشروط أن يكون الكتاب حديثا ولم يمر على نشره أكثر من خمس سنوات، مع مراعاة ألا يتعارض الكتاب مع الأديان وألا يتعارض مع القيم الاجتماعية والأخلاق والأعراف، وألا يكون المترجم متعاقدا على ترجمة كتاب آخر مع المركز فى نفس الوقت، أن يتقدم المترجم بنسخة أصلية من الكتاب المراد ترجمته، وأن يقدم المترجم ملخصًا لا يقل عن 500 كلمة يوضح نبذة عن مؤلف العمل الأصلى وأهمية الكتاب.
ومن جانبه تواصل "اليوم السابع" مع الدكتورة علا عادل، مديرة المركز القومى للترجمة السابقة، التى وافقت على اللائحة، والتى أكدت أن دور المركز هو الترجمة فالمركز لن يقوم بدور الرقيب على كل الكتب المترجمة، بل على العكس، فقد صدرت لدينا كتب كثيرة تحافظ على الحريات وتعرض وجهات النظر المتعددة، ولكن ما حدث أن بعض المقترحات التى وردت إلينا مؤخرًا كان بها تطاول شديد على مؤسسات دينية وعلى رموز دينية، دون ذكر أمثلة، لكننا أردنا التنبيه وتثبيت الفكرة الأولى التى تدعو لمشاركة الناس، وهناك شكاوى من آلية تقديم المقترحات، ومن يقول إنه قدَّم اقتراحه منذ عام ونصف، ثم جاء الرد بالرفض، فقررنا أن نعمل بالتوازى مع المؤسسات الأخرى المهتمة بالترجمة، وكل مؤسسة لديها آليات معتمدة، فكذلك الجوائز تتبنَّى آليات محددة، معلنةً أنها ستقبل فقط ما لا يتعارض مع منظومة القيم العامة المتعارف عليها، والتى صدرت كتب المركز وفقًا لها.
ووأضافت الدكتورة علا، هناك اعتراض يتم تعديله، فيما يخص آلية تحديد موعد التقديم، وهو أن يكون التقديم مرتين فقط سنويًّا، على ألا تكون مفتوحة طوال الوقت، فلا يمكن وضع خطة موازية، وإلا سوف يؤدى ذلك إلى تكرار المواضيع.
وتابعت الدكتورة علا، أما فكرة تحديد عدد صفحات الكتاب، وتحديد مدة السنوات الخمس، فإن مقترحات الترجمة جزء ضئيل جدًّا مما يُقَدَّم، فالمركز نفسه له خطة، وترد إليه أعمال مشتركة مع مؤسسات أخرى عربية وأجنبية، وتنشر من خلالنا، وهناك سلاسل، ومنصَّات ترجمة، فهل لذلك علاقة ببند التقيد بخمس سنوات؟ فهذا موجود بالفعل، وتخصصات المسرح والفنون والفلسفة والعلوم الاجتماعية كلها موجودة، والنظريات كذلك موجودة، ولم يمسها أحد، ولكن تم الاتفاق أن من يتقدم بمقترح يتم الاطلاع على الكتاب، فإذا كان بالفعل هناك خروج غير عادل على الأعراف والتقاليد بشكل مسيء وفج، يتم رفضه، ولم يسبق للمركز أن نشر كتبًا مسيئة، ولكن ما حدث أننا أعلنا عن تلك الآلية فقط للمتقدمين بمقترحات جديدة، ولم نبتكرها، كى يتاح لهم الاختيار الأسلم من بين مقترحين فيتم اختيار الكتاب الذى يتم من خلاله تقديم شيء مفيد للقارئ، فقد يكون هناك طرح لفكر آخر يهاجم أيًّا من الأديان، وهنا لا بد من نشر هذه الآراء لكى يتاح لنا الرد عليها، وما أقصده هو التطاول الذى يتكرر فى كثير من الكتب، ودور النشر التى عانت من هذا الأمر مرارًا وتكرارًا، حتى إن بعضهم عانى مشاكل تصل إلى الحبس.
وتابعت الدكتورة علا عادل، نحن ضد التطاول على الأديان بشكل عام، لكن لا بد من طرح تلك الرؤى، وإن كانت مختلفة عن معتقداتنا، فمثلًا من المعروف أن كثيرًا من المفكرين فى أوروبا لا يرون أن الإسلام دينًا من الأساس، وهذا الفكر كله يُطرَح لكى يرد عليهم علماء الأزهر والعلماء والمفكرون الآخرون، فطرح فكر الآخر ضرورى وأساسى، ولا يمكن بأى حال اقتطاع جزء أو مشهد من رواية حتى وإن كان البطل شاذًّا أو مثليًّا أو ملحدًا، فكيف أحذفه وهو فكر موجود بالفعل فى الكتاب ولا بد من مناقشته، وهناك فارق بين ذلك، وبين فكرة الترويج لهذه الأفكار فى كتاب، وهذا ما نقف عنده، فأهمية دور الترجمة أنه يتلخَّص فى نقل الثقافات الأخرى المختلفة إلى القارئ العربي، فهى كالمرآة التى تعكس الثقافات الأخرى، ومن واقع احترام الأديان كافة، وثوابت المجتمع المصري، ومن واقع ما أعرفه أنا فلا نضير أعين الناس وعقولهم بهذه الأفكار الشاذة، ولكن كل ما هو فكر وتنوير وثقافة الآخر وحياته وعاداته وتقاليده لا يمكن أن نحجر عليه أبدًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة