طالب عدد من أعضاء مجلس النواب بضرورة تبنى خطة موسعة لترشيد استهلاك المياه والحد من الإسراف، والتى ازدادت الفترة الأخيرة بشكل كبير وتدشين حملات إعلامية للتوعية، وأن يكون هناك إصلاح فى المنظومة بأكملها لحل أزمة الفقر المائى.
ويأتى ذلك فى سياق ما عقده الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، خلال الأيام الأخيرة من جلسة مع الدكتور محمد عبد العاطى، وزير الموارد المائية والرى، والدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والسيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، حول ضرورة ترشيد استهلاك المياه، وأشار رئيس الوزراء إلى حجم التحديات التى تواجهنا فى قطاع المياه، مؤكدًا أن ذلك يفرض علينا ضرورة العمل على تحقيق وفر حقيقى فى كميات المياه المستهلكة، وفى هذا الصدد تم التأكيد على أهمية استمرار تنسيق الجهود المبذولة من جانب الجهات المختلفة فى الدولة، سعياً لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة، وترشيداً لاستهلاك المياه، وتحقيقا لاستغلالها بالشكل الأمثل، بما يلبى كافة الاحتياجات والمتطلبات المتعلقة بالتوسع العمرانى، والزيادة السكانية المستمرة، وذلك من خلال التوسع فى إنشاء محطات التحلية بالمحافظات الساحلية، إلى جانب التوسع فى إقامة محطات المعالجة الثلاثية لمياه الصرف الصحى، واستخدامها فى الأغراض المخصصة لذلك، مؤكدا على ضرورة التوسع فى استخدام القطع الموفرة للمياه، وأن يتم العمل على تغليظ العقوبات على الإسراف فى استخدام المياه، وكذا الوصلات الخلسة، بما يحقق أهداف الدولة فى الاستفادة من كل قطرة مياه.
ويذكر أن لجنة الزراعة بالبرلمان، كانت قد انتهت من مشروع قانون الرى، والذى تضمن كافة التشريعات الخاصة بالرى والصرف فى قانون واحد، والهدف الأساسى من التشريع هو تحقيق استراتيجية مصر المائية 2017- 2037، وفى سبيل مواجهة التعديات، وفى سبيل الحفاظ على كل مصادر الموارد المائية يلزم القانون الوزارات المختصة بحماية البحار والبحيرات والمحميات الطبيعية، ولم يقتصر الأمر على ذلك فقط، بل حظر القانون التعدى على البحار والبحيرات أو تلويثها أو استخدامها بما يتنافى مع طبيعتها، وتغليظ العقوبات الخاصة بذلك لمنع ظاهرة التعديات على البحيرات.
وفيما يخص مياه الأمطار والسيول خاصة بعد التغيرات المناخية الأخيرة، عظم القانون الاستفادة منها، ووضع عقوبات مباشرة لكل من يكون له دور فى إهدار استهلاك المياه واستنزاف الموارد المائية، وذلك بعد وضع قواعد جديدة لتعظيم الاستفادة من المياه الجوفية والحفاظ على الخزان الجوفى.
النائب أحمد السجينى، رئيس لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، أكد أن الحديث عن تغليط عقوبات لابد وأن يسبقه مراجعة الإجراءات الخاصة بالرقابة والمحاسبة، والتى تكون من خلال عدادات استهلاك المياه، وتكون موجودة على الوحدات العقارية ومراجعة كفاءتها والتى عادة ما تكون غير صالحة للمحاسبة، وهو ما يجعل التقديرات تأتى غير معبرة عن الواقع.
وأوضح أن استهلاك المياه فى أعمال رى الحدائق والميادين سواء العامة أو الخاصة فليس كل الأماكن موصل لها مياه عكرة أو معالجة لرى المسطحات الخضراء فى الجزر الوسطى والميادين، مشيرًا إلى أن لجنة الإدارة المحلية كانت قد عقدت جلسة بشأن المواصفات الفنية التى تطرحها الجهات الإدراية ويحددها الكود المصرى فى البناء فيما يخص نوعية المزروعات التى تتم فى الجزر الوسطى والميادين، خاصة وأن البلاد أوشكت على الدخول فى مرحلة تدبر مائى لابد وأن يكون حاضر، قائلا: "تلاحظ لدينا أن الكثير من الجهات الإدارية عندما تقوم بطرح ما يخص الرى فى هذه الجزر تعتمد على نوعية من المزروعات تحتاج إلى كميات مائية مرتفعة على مثيلتها، وهو ما يستلزم النظر للمزروعات التى تستخدم، وتدريب قيادات الجهات الإدارية فى ذلك ..فكم المياه التى تستخدم كبير".
وشدد "السجينى" أن تغليظ العقوبة ليس الحل السحرى، والأهم هو إصلاح الأمر، ووجود معدات لازمة لها وخلق وعى بأهمية الترشيد، مشيرًا إلى أنه يمكن الاستعانة بطرق جديدة لتركيب المعدات المائية "الحنفيات" بشكل يجعلها تغلق بفترات محددة آليا، وتعد ضمن القطع الموفرة للمياه لتعمم على مستوى المطاعم والمبانى الحكومية والعامة لتكون أداة ينتقل من خلالها للمواطن ليسعى هو لاستخدامها بنفسه فى منزله.
وأكد النائب مجدى ملك، وكيل لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب، أن اللجنة ستسعى لإقرار مشروع قانون الرى قبل انتهاء الفصل التشريعى، والذى تم مناقشته داخل اللجنة على مدار 7 أشهر، وينتظر العرض على الجلسة العامة، والذى يمثل أولوية هامة فى تعظيم الاستفادة من مواردنا المائية والحفاظ عليها وأملاك الدولة التابعة لوزارة الرى.
وأشار وكيل لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب، إلى أنه لابد من توجيه تطوير الرى فى المرحلة المقبلة، وزيادة مخصصات التطوير لمواجهة الزيادة السكانية لمواجهة أى احتمال عجز فى المياه الفترة المقبلة، خاصة وأن نصيب الفرد تتضائل لـ 560 متر مكعب بدلا من 1000 متر مكعب "المعدل العالمى"، وهو ما يعنى أننا فى مرحلة الفقر المائى والتى دخلنا فيها منذ 1981 وهى ليست وليدة هذه الأيام.
وأوضح أن هناك نسبة كبيرة من حصة مياه النيل لمصر، والتى تصل لـ 55 مليار متر مكعب سنويا لا يستفاد منها وتقدر بـ 15 مليار، نتيجة بخر وتسرب، فعلى مدار العقود الماضية لم يكن هناك تطوير للترع والمصارف ولم يحدث تبطين لها وبالتالى يحدث تسرب، مشيرًا إلى أن لابد من تطوير الرى بالتحول من الرى بالغمر إلى الرى بالرش والذى سيوفر كميات كبيرة من المياه.
وأشار إلى أن قبل تغليط عقوبة الإسراف فلابد من توفير السبل التى تحمى المواطن والمزارع من هذا الإسراف بتوفير وسائل تنظم ترشيد الاستهلاك، هذا بجانب وضع آليات للاستفادة من مياه الأمطار والسيول، والمياه الجوفية.
ويقول النائب يسرى المغازى، وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن هناك عدد من الآليات التى بموجبها يتم ترشيد الاستهلاك، ومنها إعادة إصلاح الخطوط على صعيد المدن والمراكز والقرى ورفع كفاءتها، خاصة وأن هناك ما يقرب من 35 إلى 45% من مياه الشرب النظيفة، ما يعنى أن هناك استثمارات مهدرة جراء هذه المياه المهدرة، ويجب ضرورة إعادة رفع الكفاءة لضمان توفير هذه المياه.
وشدد وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، على ضرورة مد خطوط مياه مستقلة لرى الحدائق والمتنزهات على مستوى الجمهورية، لمنع استغلال المياه النظيفة المخصصة للشرب، على أن يتم استخدام المياه المعالجة فى عمليات الرى، مؤكدًا أن صيانة محطات المياه وشبكات مياه الشرب من أهم المحاور أيضًا التى يتم الاعتماد عليها لترشيد استهلاك المياه.
وطالب المغازى، بتدشين حملات توعية وتثقيف المواطنين حول أهمية الترشيد، وخطورة الإسراف فى استخدام المياه، خاصة فى ظل محدودية الموارد المائية، لتعظيم الاستفادة منها، وفى نفس الوقت لتوفير مقننات مائية للتوسعات فى الرقعة الزراعية التى تستهدفها الدولة.
وأوضح النائب طارق متولى، عضو مجلس النواب، أن الإهدار جريمة يرتكبها بعض المواطنين بل وتشارك الحكومة بنسبة فيها، خاصة وأن هناك إسراف فى رى الحدائق وملاعب الجولف ورش الشوارع وغسيل السيارات، وكذلك بتهالك مواسير المياه والبنية التحتية حتى قبل بدء تشغيل سد إثيوبيا وهو ما يعظم من المطالبات بالحفاظ على مياه النيل وترشيد استخداماتها.
وأشار متولى إلى تعدد جهات الهدر والتى تتنوع ما بين مرفق مياه الشرب والصرف الصحى، فالشركات يضخ إليها 11 مليار متر مكعب، بينما استهلاك مصر لا يتعدى 3.5 مليار متر مكعب بما يعنى فقدا لما بين 50٪ إلى 60٪ فى الشبكات المتهالكة ويخرج حوالى 70٪ من نسبة المياه المتبقية فى صورة صرف صحى، وهناك الإسراف فى استخدام مياه الشرب من قبل المواطنين، حيث تستخدم كميات مذهلة فى رش الشوارع وغسيل السيارات، علاوة على استمرار الرى بالغمر فى الأراضى ذات التربة الرملية أو زراعة محاصيل شرهة للمياه كالأرز الذى يستهلك كميات ضخمة من المياه، إلى جانب استخدام كميات كبيرة من المياه فى ملاعب الجولف والمنتجعات السياحية والبحيرات الصناعية، خاصة فى الأماكن الصحراوية، وفوق كل ذلك ارتفاع نسبة الملوثات فى مياه نهر النيل وإلقاء مياه الصرف الصحى والزراعى ومخلفات المصانع رغم المعالجة الجزئية لها.
وأكد أن هناك مساع وخطوات جادة ينبغى اتخاذها لوقف هذا الهدر المتفاقم فى المياه تعتمد في الأساس على ثلاثة محاور، هي تنظيم الزراعة - ترشيد الاستهلاك - تحلية مياه البحر، فعلينا بحث استخدام المياه العكرة فى رى الحدائق، وإجبار المزارعين على الرى بالتنقيط وتطبيق الدورة الثلاثية، ومحاسبة من يخالف بعقوبات كبيرة، مؤكدا أن مشروع قانون الموارد المائية والرى الجديد حال تطبيقه سيساهم في تعظيم الاستفادة من الموارد المائية فى ظل محدوديتها، وذلك من خلال ترشيد الاستهلاك وتطوير منظومة الرى على مستوى الجمهورية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة