كشفت صحيفة "ديلى ميل" البريطانية، أن العلماء يواجهون معضلة رهيبة تتمثل في المخاطرة بحياة قلة من خلال حقنهم بجرعة فيروس كورونا Covid-19 التي قد لا تكون آمنة.
تطوع شون ماك بارتلين Seán McPartlin ، الأيرلندي، لاختبار لقاح فيروس كورونا، والذى يدرس في جامعة أكسفورد، يعتقد ماك بارتلين، 22 عامًا، أن مخاطرة يمكن أن تسرع اللقاح للملايين ضرورية.
شون احد المجندين للقاح كورونا
شون بارتلين، أحد المتطوعين الأبطال في الحرب ضد فيروس كورونا 9 Covid-1، فهو طالب بالدراسات العليا فى الفلسفة يبلغ من العمر 22 عامًا، يعتبرواحدا من عدد من الرجال والنساء الذين يمكن أن يصابوا عن طيب خاطر بفيروس كورونا، كجزء من تجربة اللقاح الرائدة التي اقترحها العلماء بجامعة أكسفورد، وعلى الرغم من أن الأمر قد يبدو متهورا، لأسباب أقلها أن معظمنا أمضى الأشهر الـ 5 الماضية في محاولة لتجنب الإصابة به، فقد يكون القيام بذلك خطوة جريئة فى مكافحة وباء كورونا.
شون، الذي سمع عن التجربة عبر الأصدقاء على فيسبوك، هو واحد من أكثر من 1100 بريطانى، جميعهم تقل أعمارهم عن 30 عامًا، الذين سجلوا أسماءهم في التجربة، ويقول إنه فكر فيها كثيرًا قبل التطوع.
يعترف قائلاً: "حاول والدى أن يخرجني من الأمر، موضحا أنه عندما تكون هناك حرب، لا أحد يريد أن يكون أبنه هو من يذهب ليحارب، أعلم أن فيروس كورونا Covid-19 ، ليس خطيرًا في العادة على الأشخاص الأصحاء في مثل الأشخاص الذين هم في نفس عمرى، كما أننى فكرت أيضًا فى أسوأ سيناريو، وهذا يتعلق بإنقاذ الأرواح، لذلك فهي مخاطرة أرغب في تحملها.
وأضاف شون ماك بارتلين، " إنه وجميع المتطوعين الآخرين الذين اتصل بهم، على دراية كاملة بما يمكن أن يضعوه بأنفسهم، مضيفا "لقد تحدثت حتى مع رجل مصاب بالسرطان، كان مسناً، ولن تسمح له أي لجنة أخلاقيات في العالم بالمشاركة، لكنه فكر في الأمر كثيرًا وأراد المشاركة، شون كان مصرا على قراره، "بالتأكيد يجب أن يكون الأمر متروكًا للمتطوعين ليقرروا ما إذا كانت التجربة محفوفة بالمخاطر".
وافق متطوع آخر، أليستير فريزر، 18 عامًا، من ستافوردشاير بإنجلترا، قائلا: "انه في حالة عدم وجود علاج منقذ للحياة فإن المزيد من الناس سيموتون حول العالم كل يوم حتى نفعل شيئًا.
سارة جلبرت
في 20 يوليو، أعلنت مجموعة أكسفورد في معهد جينر، وهو واحد من 7 مختبرات في جميع أنحاء العالم بإجراء اختبارات اللقاح على البشر.
كانت ضربة اللقاح، التي مولتها شركة الأدوية العملاقة استرازينيكا AstraZeneca ، آمنة ويبدو أنها تعمل، مع جرعتين تحفزان استجابة مناعية قابلة للقياس، وكان هذا نبأ ترحيب، لأسباب أقلها أن الحكومة قد أبرمت بالفعل صفقة لشراء 100 مليون جرعة من العقار التجريبي، ليتم تسليمها "في أقرب وقت ممكن، ولكن قبل أن يحدث ذلك، يجب أن يتم اختباره حتى يتمكن العلماء من معرفة ما إذا كان بإمكانه منع الناس من الإصابة بالمرض أو تقليل أعراض فيروس كورونا Covid-19
وقالت صحيفة "ديلى ميل" البريطانية، تحاكى اللقاحات الفيروس، أو جزءًا من الفيروس فهي تحمى منه، وتحفز جهاز المناعة على تطوير أجسام مضادة وخلايا أخرى مقاومة للعدوى، لكن العلماء الذين يبحثون عنها يجب أن يتبعوا معايير أمان صارمة لأنها تُمنح لملايين الأشخاص الأصحاء.
تتمثل الاستراتيجية الرسمية فى إعطاء اللقاح لأكثر من 10الاف متطوع بريطانى، إلى جانب عشرات الآلاف في الولايات المتحدة، وجنوب إفريقيا، والبرازيل، ثم السماح لهم بممارسة حياتهم اليومية، نظرًا لأن البعض، بلا شك، يتعاملون مع الفيروس، فإن هذه الطريقة، التى تسمى أيضًا التجربة الميدانية ستعطى فى النهاية صورة واضحة عن مستوى الحماية التي يوفرها اللقاح، ومع ذلك، قد تستغرق هذه العملية عامًا.
ادريان هيل
ولذا فإن البروفيسور أدريان هيل، العالم المسؤول عن مختبر أكسفورد، لديه اقتراح آخر، أنه في مراحل متقدمة من إعداد ما يسمى بتجربة "التحدي البشري" يتم تطعيم الأشخاص أولا، ثم تعريض مجموعة صغيرة من الأفراد الأصحاء لفيروس كورونا، سيتم بعد ذلك مراقبة المتطوعين، بما في ذلك المتطوع "شون"، عن كثب فى المختبر لمعرفة أيهم، إن وجد، أصيب بالمرض على مدار عدة أسابيع.
تعد تجارب "التحدي البشري" ممارسة معتادة تُستخدم لاختبار علاجات الأمراض المعدية الشائعة، ولكن أيضًا الأمراض الخطيرة، مثل الكوليرا والزهري، وكذلك الأنفلونزا.
أضاف البروفيسور هيل، إنه فى حالة لقاح فيروس كورونا Covid-19، فمن المحتمل أن يختصر الوقت اللازم للحصول على الموافقة على اللقاح لعدة أشهر، ولكن، قبل أن تبدأ التجربة، يجب أن تتم الموافقة عليها من قبل لجنة الأخلاقيات بهيئة الخدمات الصحية البريطانية NHS، التي تزن المخاطر والفوائد.
ادريان
يقترح البروفيسور أدريان هيل، من جامعة أكسفورد أيضًا، أخذ متطوعين أصحاء ومراقبتهم عن كثب خلال تجربة "التحدي البشري".
أكدت البروفيسور سارة جيلبرت58 عامًا، خبيرة اللقاحات في المعهد، فى أواخر الشهر الماضى، إن شاغلها الأساسى هو أنه بدون "علاج فعال"، لفيروس كورونا Covid-19، لن تكون مثل هذه التجربة ببساطة أخلاقية.
لقاح كورونا وكيفيه عمله
يعتقد البروفيسور جوناثان مونتجمرى، خبير قانون الرعاية الصحية، من جامعة كوليدج لندن، إن المعضلة الأخلاقية التى تواجه علماء أكسفورد ليست بالضرورة الخطر على الحياة على المدى القصير، والذى سيكون عند مجموعة من الشباب ضئيلًا، ولكن الآثار طويلة المدى لفيروس كورونا على الجسم، مضيفا: "لا نعرف الكثير عن التأثير طويل المدى على صحة الناس"، مضيفا "لكننا بدأنا نرى أن هناك بعض الأضرار التي تسببها العدوى في الأعضاء، إذا أخذنا شابًا يبلغ من العمر 20 عامًا يتمتع باللياقة البدنية وبصحة جيدة وأعطيناه الفيروس، فلا يمكننا التأكد من أنه لن يكون هناك بعض الضرر في وقت لاحق من الحياة، إذا كنت تتعامل مع شيء مثل الملاريا أو التيفوئيد، فلديك فهم أفضل بكثير لما سيحدث ومن هم المعرضون له.
وأضاف، مصدر قلق آخر للعلماء، هو ما إذا كانت تجربة التحدي البشري لفيروس كورونا Covid-19، والتي سيتم إجراؤها على متطوعين تقل أعمارهم عن 30 عامًا، فهل ستكشف ما يكفي عن فعالية اللقاح على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا؟
لقاح اكسفورد / استرازينيكا
وقالت الصحيفة، أنه منذ مايو، مع بدء تجارب اللقاح، نشرت منظمة الصحة العالمية، بشكل استباقي مجموعة مفصلة من المبادئ التوجيهية الأخلاقية، لدراسات التحدي البشرى لفيروس كورونا Covid-19، حيث ذكروا أن المشاركة في دراسات تحدي فيروس كورونا ستكون أقل خطورة بالنسبة للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18و 30عاما، حيث أن جهاز المناعة يضعف مع تقدم العمر، وبالتالى يستجيب بشكل أقل للتطعيم.
قال البروفيسور بيتر سميث، عالم الأوبئة من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، إنه على الرغم من أن عددًا متزايدًا في المجتمع الطبي يدعم فكرة تجارب التحدي البشري، فإن استخدام الأشخاص الأصحاء في سن العشرين من شأنه أن يترك فجوات في فهم التأثير على كبار السن.
وأضاف، يمكننا أن ننظر إلى استجابة الشباب الذين يشاركون في تجربة التحدي، ولكن هذا لن يثبت أنها ستتمتع بنفس مستوى الحماية لدى كبار السن."
وأضاف، إنه من المرجح أن تمتد تجربة التحدي البشري لفيروس كورونا إلى 6 أسابيع، مع عزل المتطوعين في منشأة إكلينيكية مخصصة، في البداية، سيتم فحصهم بحثًا عن العدوى الحالية وسيخضعون لاختبار الأجسام المضادة لمدة أسبوعين تقريبًا للتأكد من أنهم لم يكونوا مصابين بالفعل بفيروس كورونا Covid-19بعد ذلك، سيتلقى المشاركون العلاج، إما دواء وهمي، أو اللقاح.
وقال، بمجرد أن يرفع المشاركون استجابة مناعية للقاح، بعد أسبوعين إلى 4 أسابيع تقريبًا، سيتم ملاحظة الأشخاص الذين تم اختبارهم لمدة أسبوعين إلى أربعة أسابيع أخيرة، إذا كانت نتيجة اختبار أحد المتطوعين إيجابية أو ظهرت عليه أعراض فيروس كورونا Covid-19، فقد يتم تمديد هذه الفترة وقد يتم نقلهم إلى مرافق إكلينيكية إضافية حسب الحاجة، موضحا، أنه يجب القول إن مثل هذه التجارب تخضع لرقابة جيدة وآمنة للغاية.
في عام 2006، تسبب التجارب على عقار ايلفانت مان "Elephant Man" 6 متطوعين كانوا اصحاء، دخلوا العناية المركزة بسبب العقار، وكانوا يعانون من فشل الأعضاء، وتورم في جميع أنحاء الجسم، وهي نتيجة لم يكن أحد يتوقعها، لحسن الحظ نجوا، ولكن أحد المشاركين ترك مشوهًا مدى الحياة، بينما عانى آخرون من آثار جانبية طويلة الأمد وضعف جهاز المناعة.
يعتقد البروفيسور سميث، أن السرعة هي الجوهر، "في كل شهر يتأخر فيه تقييم اللقاح، يتأثر مئات الآلاف من الناس ويموتون، في غضون ذلك، يواجه العلماء معضلة رهيبة: هل يخاطرون بحياة قلة لإنقاذ الكثيرين؟
وقالت الصحيفة ، اختلف العالمان البريطانيان اللذان كانا فى طليعة الباحثين عن لقاح لفيروس كورونا، حول خطة مثيرة للجدل لإصابة الأشخاص بالفيروس عمدا.
البروفيسور أدريان هيل، مدير معهد جينر في جامعة أكسفورد، في مراحل متقدمة من إعداد تجربة بشرية لواحد من أكثر الأدوية الواعدة، كجزء من ذلك، يريد إعطاء اللقاح للمتطوعين الشباب الأصحاء قبل تعريضهم للفيروس المسبب لفيروس كورونا Covid-19.
سارة جيلبرت، أستاذة علم اللقاحات في المعهد، لا توافق على خطته بسبب المخاطر المحتملة على المتطوعين، معضلتهم هى ما إذا كان سيتم تعريض المتطوعين للفيروس، والذي يمكن أن يقلل الوقت الذي يستغرقه توفير اللقاح على نطاق واسع، أوالانتظار حتى يتم فهم أى آثار محتملة طويلة المدى بشكل أفضل.
وتقول المصادر، إن تجارب اللقاح وجدت أن ثلثي المستفيدين أصيبوا بالصداع، وأصيب 5 بالحمى، كان البروفيسور هيل، وجون بيل، أستاذا الطب بجامعة أكسفورد، من بين العلماء الذين أعلنوا الشهر الماضي أن التجارب الأولية التي أجريت على 1077 بالغًا بريطانيًا أظهرت أن لقاح أكسفورد قد تسبب في تحفيز الأجسام المضادة القوية، واستجابات الخلايا التائية، مما قد يوفر"دفاعًا مزدوجًا" ضد الفيروس.
خلال التجارب، تبين أن 90 %قد طوروا أجسامًا مضادة معادلة بعد جرعة واحدة من اللقاح، مما دفع الوزراء إلى طلب 190 مليون جرعة من لقاح فيروس كورونا Covid-19، منها 100مليون جرعة من لقاح أكسفورد.
يذكر، أنه تم تسمية معهد جينر مختبر أبحاث اللقاحات في جامعة أكسفورد على اسم إدوارد جينر، الطبيب الإنجليزي من القرن الـ18 الذى صادف لقاحًا للجدرى عندما أجرى تجربة تحدى بدائية على ابن بستانى، وأصابه بجدرى البقر الأقل فتكًا.