تعانى جمهورية السودان، شقيقة وادى النيل العريقة، أضرارا جسيمة مادية وبشرية، نتيجة فيضان نهر النيل نتج عنها أزمات إنسانية مع وفاة أكثر من مائة شخص وهدم أكثر من مائة ألف منزل، جزئيا أو كليا، وتضرر أكثر من نصف مليون شخص، حسبما أعلنت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية السودانية.
الكارثة الطبيعية التى يعشيها السودانيون خلال هذه الأيام بعدما أغرقت مياه الفيضانات والسيول العديد من المدن، عقب ارتفاع منسوب مياه النيل بالخرطوم، ما أدى إلى تشريد آلاف الأسر ومصرع العشرات.
ورغم أزمات السودان المتتالية لكن شقيقة وادى النيل قادرة على الخروج كبوتها سريعا، فماضيها لايزال يحمل عظمة كبيرة وأمجاد مبهرة بناها القدماء، خاصة إنها شهدت واحدة من أقوى إمبرطوريات القارة السمراء، وواحدة من أقدم إمبرطوريات وادى النيل، هى إمبرطورية كوش.
أخذت الإمبراطورية المروية، المعروفة باسم إمبراطورية كوش، اسمها من عاصمتها مدينة مروي، التي تقع على بعد نحو 200 كيلومتر شمال شرق الخرطوم الحديثة، وتشتهر تلك الإمبراطورية بعدد كبير من الأهرامات، المبنية على الطراز النوبي، وهي أصغر بكثير وذات زاوية حادة مقارنة بنظيراتها الأكثر شهرة في الجيزة، ولا تزال تقف شامخة وفخورة في السودان الحديث.
تمثل الأهرامات السودانية، التي أصبحت الآن أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، موقع المدينة القديمة التي كانت ذات يوم مروى، كانت المدينة مركز الحضارة القوية لإمبراطورية كوش، وبقاياها صمدت أمام اختبار القرون.
وبحسب كتاب "موسوعة أقاليم مصر الفرعونية – أسوان" تأليف محمد على، تنسب مملكة كوش إلى "كوش بن حام" واتخذت هذا الاسم إبان تتويج "الارا" النوبى، أول ملوك الأسرة الخامسة والعشرون النوبية، الذى غزا وضم مصر، وكان ذلك فى القرن الثامن قبل الميلاد، وكانت المنطقة من حوض النيل التى تعرف بالنوبة موطنا لثلاث ممالك كوشية حكمت فى الماضى الأول بعاصمتها "كرمة"، والثانية تمركزت حول "نبتة"، وآخرها مملكة "مروى"، وكل هذه الممالك تأثرت ثقافيا واقتصاديا وعسكريا بالدولة المصرية الفرعونية القديمة، الواقعة فى الشمال، كما أن الممالك الكوشية تنافست بقوة مع تلك التى كانت فى مصر، وخصوصا خلال الفترة المتأخرة من تاريخ مصر القديمة.
ووفقا للكتاب أيضا، فإن ملوك "كوش" حكموا كفراعنة من الأسرة الخامسة والعشرين، حيث قامت المملكة الكوشية حول نبتى، ثم تراجع النوبيين للجنوب وأقاموا مدينة "مروى" عاصمتهم، وفى سنة 300 قبل الميلاد، وقد انتهت دولتهم على يد مملكة "أكسوم" المسيحية.