موجات الانشقاقات التي تضرب جماعة الإخوان خلال الفترة الحالية، ليست وليدة اللحظة، بل منذ سقوطهم من الحكم عام 2013، فالفشل لاحق الجماعة الإرهابية سواء قبل ثورة 30 يونيو، أو بعدها، وقد عاشت مصر قبل ثورة 30 يونيو حالة من الفوضى ومحاولات من جماعة الإخوان للاستحواذ على جميع مفاصل الدولة، ومحاولة فرض إرادتهم على الشعب المصرى بدأت بمحاصرة مؤسسات الدولة واعتصام المحكمة الدستورية شاهد على العصر وأحداث الاتحادية الأكثر دموية، والاستعانة بالإرهابيين لتنفيذ مخططهم فى نشر الفوضى إلا أن الشعب المصرى وقف لهم بالمرصاد.
وشهدت فترة الإخوان ارتكاب العديد من الجرائم بالاعتداءات على مؤسسات الدولة، حيث قاموا بمهاجمه ومحاصرة العديد من مؤسسات الدولة المصرية، وسعوا على فرض هويتهم على الهوية المصرية واختراق المؤسسات الحيوية بالدولة.
محاصرة القضاء
إلا أن مشهدًا من تلك المشاهد، التى قام الإخوان بصنعها، لاينساه أحد من المصريين، ألا وهو حصار المحكمة الدستورية فى عام 2012، حيث قامت جماعة الإخوان آنذاك، بمحاصرة المحكمة الدستورية العليا فى محاولة منهم لمنعها من الانعقاد، حتى لا تُصدر حكما بحل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور.
بث الفوضى
بدوره أكد منتصر عمران، القيادى السابق بالجماعة الإسلامية، أن مصر كانت قبل ثورة 30 يونيو وخاصة في فترة حكم الإخوان تعيش ما أسماه بفترة الأرض الرخوة فكانت عرضة للانهيار في أي وقت وكانت في طريقها إلى التفكك والتناحر بل والاقتتال وما تجربة ليبيا وسوريا واليمن منا ببعيد فعندما تغيب المؤسسات وتعلوا آراء واجتهادات حزبية ضيقة ومصالح ذاتية تنهار الدولة ككيان.
وقال القيادى السابق بالجماعة الإسلامية، سيطر على الميادين الغوغائية والتظاهرات والاضرابات فكل فئة في المجتمع تريد أن تحقق مصالحها على حساب الوطن حتى تم شل حركة الدولة وأصبحت دولة رخوة لا تقوى أن تقوم بسيادتها.
وتابع : جاءت ثورة يونيو قبلة حياة للدولة المصرية أعطتها القوة واعادت إليها سيادتها كما أعطت مؤسسات الدولة دورها الحيوي الذي ضاع منها في فترة الضياع وعدم الاستقرار التي أدخلنا في حكم الإخوان بزعم رعايته للحرية وحقوق الإنسان وهم ابعد ما يكون عنهما ولكن كان الاخوان يريدون تحويل الدولة إلى أرض رخوة السيطرة عليه، أما مصر بعد ثورة يونيو فعادت الى طبيعتها ومكانتها بين الامم حتى أصبحت مثالا يحتذى به من قبل دول العالم بأثره حتى أصبحت التجربة المصرية بعد ثورة يونيو أيقونة في عالم كيف تعود الدولة الى مكانتها وقوتها التي فقدتها حتى زعم ما كان يسمى بثورة الربيع العربي الذي في حقيقته كان خريف قضى على الأخضر في الدولة حتى جعلها صحراء جرداء من كل مكونات ومقومات الدول الحقيقية.
واستطرد :"بعد ثورة يونيو عادت مصر إلى ريادتها في كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والسياحية فتولت مصر رئاسة الاتحاد الافريقي وتعمل جاهدة الي نقل تجربتها الي الدول الأفريقية وآخرها ما حدث اليوم من مؤتمر أفريقيا والتنمية المستدامة الذي يعقد حاليا في اسوان زهرة الجنوب".
التخلص من الإخوان
كما وضع إبراهيم ربيع القيادى السابق بجماعة الإخوان الإرهابية، خطة كاملة للقضاء على الفكر الإخوانى وجميع التيارات صاحبة الأفكار المتطرف، واصفا جماعة الإخوان بالانتهازية التى تتاجر بالدين.
وقال "ربيع" فى تصريحات لـ"اليوم السابع" :"تركنا تنظيمات الاستغلال والانتهازية والمتاجرة الدينية وفي القلب منها تنظيم الإخوان الإرهابي على مدار ما يقرب من قرن من الزمان يتوغل وينتشر في كل شبر من أرض الوطن وقامت هذه التنظيمات الاجرامية باحتلال عقل ووجدان المواطن بعدما قامت بطريقة ممنهجة بالتلاعب بعقله وتزييف وعيه بقناعات دينية باطلة مما أدى لتدمير انتمائه الوطني وتفتيت ضميره الجمعي وتشتيت الاجماع الوطني على الولاء والفداء للوطن تحت شعار نبي هذه التنظيمات سيد قطب "الوطن حفنة من تراب عفن".
وتابع :"رأينا وتجرعنا نتائجه الكارثية من عام 2011 م وحتى الآن وكانت ظهروها الكبير فى 2013 ومازلنا ندفع ثمنا باهظا مئات المليارات من الجنيهات خسائر اقتصادية متراكمة بل ما هو أغلى مئات من شهدائنا في الجيش والشرطة والاف المصابين" مضيفًا :"الفريضة الوطنية الآن هي صياغة مشروع قومي لإعادة هندسة الوعي الوطني وتطعيم الأجيال القادمة بمصل الانتماء والولاء والفداء للوطن، وهذا واجب علينا جميعا نخبة وشعبا وحكومة ومؤسسات دولة ومؤسسات مجتمع مدني يجب أن نقف وقفه حاسمة حازمة ونقول مصر في سنة كذا خالية من فيروس الإخوان وفي يوم كذا مصر ليس بها أي كيان خارج عن قانون الدولة ونجهز الموارد البشرية ونضع الخطط والجداول الزمنية لتحقيق ذلك".
وأضاف :"وعي الأمم والشعوب يتكون من خلال طبقات ثلاثة، ممثلة فى طبقة الوعي الفطري أو ما يمكن تسميته بالوعي الغريزي أو وعي الجينات وهذه هي قاعدة هرم الوعي والشعب المصري على وجه العموم نتيجة للعمق الحضاري والتراكم التراثي، يجعله مدركاً للخطر بشكل فطري وهذا الوعى يتم استدعائه وقت الخطر المهدد للوجود".
وتابع:" أما الطبقة الثانية طبقة الوعي الموجه، أو صناعة الوعي الوطني الرشيد: وهي المنطقة الوسطى لهرم الوعي وهو وعي الوقاية والتحصين واستشراف الخطر بشكل مبني على معارف مكتسبة وشارحة ومفسرة لكل ما تتعرض له البلاد من مخاطر وتهديدات وأزمات والادراك منهجي ومعرفي وليس اسطوري أو خرافي وهذا دور الدولة والنخبة والمؤسسات" مضيفا :" لكن للأسف هذا الدور تم تغيبه على الساحة، لزمن طويل بسبب غياب الرؤية المعرفية وسيطرة قطعان التخلف والظلام الاخوانية والسلفية على منابر التأثير الديني والثقافي والسياسي والتعليمي".
وأضاف :" أما الطبقة الثالثة طبقة الوعي المستدام : وهي قمة هرم الوعي اذا وصلنا إلى هذه المرحلة الصلبة والمتقدمة من الوعي فسيكون الحراك والتدافع المجتمعي قادر على افراز وعيه ذاتياً دون توجيه أو إرشاد أو تصنيع وهذا ما تتمتع بها الأمم المتقدمة والفاعلة في المجتمع الدولي،وحتى نصل إلى تلك المرحلة المتقدمة من الوعي لابد من التأكيد على المرحلتين السابقتين لها".
وقال القيادى السابق بتنظيم الإخوان إن :"صناعة الوعي مشروع قومي وليس مهمة ثانوية ويجب دعمها بتنظيمات سياسية واجتماعية قادرة على التفاعل مع الجماهير والاشتباك معها ثقافيا ومعرفيا، ويجب إعلان النفير العام وتعبئة المجتمع وتفعيل مؤسسات الدولة التنفيذية للمواجه، ويجب على وزارة التعليم أن تكون قاطرة الانقاذ والحماية المستقبلية، بينما وزارة الثقافة لابد من قيامها بدورها في حماية وتأكيد الهوية المصرية، كما أن وزارة الشباب لابد من القيام بمهمتها في رعاية الشباب والطلائع فهم الاحتياطي الاستراتيجي للبلاد، وعلى المجلس القومي للأمومة والطفولة والمجلس القومي للمرأة، صناعة الحاضنة الاسرية لأجيال اكثر وعيا وانقى أخلاقا".
وتابع إن وزارة الاوقاف، هى المسؤول الاول عن صناعة الوجدان الديني والضمير في البلاد، ويجب الجدية والاسراع في اعادة بناء وتأهيل الخطباء والدعاة فقهيا وشرعيا ومعرفيا وثقافيا ومهارات خطابة انهاء سيطرة اي كيانات موازية على المساجد والزوايا كالدعوة السلفية وأنصار السنة والجمعية الشرعية،كما يكون الاعلام المرئي والمقروء والمسموع منابر الوعي والثقافة والإمتاع".
وأضاف :" على الأحزاب السياسية صناعة القيادات الجماهيرية والكوادر السياسية، كما تقوم مراكز البحوث القومية تقديم الدراسات والابحاث الميدانية لظواهر تزييف الوعي وتقديم حلول علمية لها، بينما منظمات المجتمع المدني تكون حراسة الوعي من الاختطاف والاستقطاب الخاطئ".