رحلة طويلة قضاها الفرعون الذهبى توت عنخ آمون منذ اكتشاف مقبرته فى عشرينيات القرن الماضى حتى يصل محطته الأخيرة للعرض فى المتحف المصرى الكبير، هذا الفرعون الذى آثارت تفاصيل حياته وظروف وفاته الغامضة واكتشاف مقبرته الذهبية فضول العالم أجمع، حتى أصبح أيقونة للحضارة المصرية القديمة.
وشهرة توت عنخ أمون تعود لاكتشاف مقبرته التى كانت هى المقبرة الملكية الوحيدة التى تم اكتشافها سليمة ولم تتعرض للنبش أو السرقة على مدار آلاف السنيين، وتم العثور على مقبرة توت عنخ آمون بكافة مشتملاتها والتى كانت تحتوى على كنوز ضخمة.
وتم تخصيص قاعة لكنوز الملك توت عنخ آمون فى المتحف المصرى بالتحرير، بينما ظلت بعض القطع الأخرى حبيسة المخازن التابعة للمتحف حتى قرار السياحة والآثار بعرض القطع كاملة والتى تتجاوز 5000 قطعة أثرية أغلبها من الذهب الخالص، ولأول مرة فى المتحف المصرى الكبير بعد افتتاحه حيث تم تخصيص قاعتين للعرض داخل المتحف للفرعون الذهبى.
وخلال السنوات الماضية استغلت وزارة الآثار كنوز الفرعون الذهبى فى الترويج الخارجى من خلال معرض توت عنخ آمون الذى جاب عواصم العالم، وحقق نجاحات ترويجية ومادية كبيرة.
وقضت مقتنيات توت عنخ آمون رحلة تخطت الـ30 شهرا، وكانت أولى محطاته فى أمريكا بلوس أنجلوس الأمريكية، يوم 23 مارس 2018، ثم انتقل إلى فرنسا وزارة 1,423,170 زائرا خلال 6 أشهر محققا عائد 5 ملايين دولار، ثم انتقل إلى لندن، المحطة الأخيرة التى عاد بعدها إلى أرض الوطن نهاية أغسطس الماضى.
وفى محطة جديدة لمقتنيات توت عنخ أمون قرر الدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار عرض بعض القطع العائدة من لندن بشكل مؤقت فى متحفى شرم الشيخ والغردقة بشكل مؤقت لحين الانتهاء من تجهيزات المتحف المصرى الكبير حيث المحطة الأخيرة للفرعون الذهبى.
وتضمن القرار عرض 10 قطع بصفة مؤقتة فى متحف شرم الشيخ، الذى سيتم افتتاحه خلال العام الحالى، كما سيتم عرض 10 قطع أخرى فى متحف الغردقة.
وتضمنت القطع تمثالان للملك توت "حارسى المقبرة"، وتمثال الكا الخشبى المذهب وأوانى من الألباستر، وعدد من تماثيل الأوشابتى المذهب والصناديق الخشبية والأوانى الكانوبية، وتمثال توت عنخ آمون واقفا على نمر، ودرع كبير خاص بالملك.
وأيضا تمثال حورس على شكل صقر، وقلادة خاصة بالفرعون الذهبى، وقلادة صغيرة ذهبية للفرعون الذهبى وتمثال صقر ذهبى، ومروحة من الخشب المذهب، ودلاية على شكل طائر أنثى العقاب ناشر جناحية مطعمة بالازورد والعقيق والزجاج، ودلاية من الذهب مطعمة بالأحجار بها جعران وعليها اسم العرش للملك توت عنخ آمون.
وكذلك جعبة أقواس من الخشب المذهب عليه مناظر صيد لتوت عنخ آمون من فوق عربة، وصندوق من الخشب المطعم على شكل خرطوش، وتمثال من الخشب المذهب للمعبود دوا موت اف برأس ابن اوى يقف على قاعدة، وتمثال من الخشب المذهب للملك توت عنخ آمون يقف على فهد من الخشب المغطى باللون الأسود.
وتمثال القرين للملك توت عنخ آمون مغطى بالراتنج الأسود ويرتدى النمس على رأسه، وتمثال من الخشب المذهب للملك توت عنخ آمون على قارب ويمسك بالحربة، وتابوت صغير للملك توت عنخ آمون مكرس للمعبود ايمستى.
وفى تلك الاثناء يتم العمل على إنهاء القاعات الخاصة بالملك توت عنخ أمون فى المتحف المصرى الكبير، حيث تم ترميم الآثار كافة القطع الأثرية الخاصة به، والتى تم نقلها للمتحف، والبالغ عددها نحو 5200 قطعة، من بينها قطع أثرية كانت فى حالة سيئة من الحفظ وموجودة بمخازن المتحف المصرى بالتحرير، ولم يتم عرضها من قبل، إذ سيكون أول عرض لها بقاعة "توت عنخ آمون" عند افتتاح المتحف فى 2021.
كما تم الانتهاء أيضا من ترميم التابوت المذهب الخارجى للملك، والذى تم نقله من مقبرة توت عنخ آمون بوادى الملوك بالأقصر للمتحف فى يوليو 2019، ليتم ترميمه للمرة الأولى منذ اكتشاف مقبرة الفرعون الذهبى فى 4 نوفمبر 1922، وذلك تمهيدا لعرضه مع باقى توابيت الملك ضمن مقتنياته.
وسيتم عرض آثار الملك توت عنخ آمون فى 105 فاترينات، مجتمعة لأول مرة فى مكان واحد فى قاعتين بالمتحف الكبير مساحتهما 7200 متر مربع، حوالى 7 أضعاف مساحة القاعة التى تضم مجموعة الملك الذهبى بالمتحف المصرى بالتحرير.
ونشرت cnn تقريرا مصورا عن المحطة الأخيرة للفرعون الذهبى، حيث أشارت إلى أن مقتنيات مقبرة «توت عنخ آمون» سيكون لها مستقر لائق من حيث الفخامة والمكانة داخل المتحف المصرى الكبير والمنتظر افتتاحه قريبا، وذلك المستقر المستحق يأتى بعد عقود من السفر والترحال بين متاحف العالم.
ويشير التقرير، إلى ما كان من بداية الأسطورة، عندما قام عالم الآثار البريطانى هاورد كارتر باكتشافه التاريخى لمقبرة الملك الصغير بوادى الملوك بالضفة الغربية قرب مدينة الأقصر. كان كارتر وقتها فى عمر الـ 48، وأنفق السنوات بين 1922 و1932 فى إخلاء المقبرة المتخمة وتوثيق مقتنياتها.
وقد التزم الأثرى البريطانى الكبير بتقنيات وآليات خاصة فى عملية إخلاء المقبرة، تعد «استثنائية» بالنسبة لعهده. فقد تم رش «تمثال» حارس المقبرة الشهير بلونيه الذهبى والأسود بشمع البارافين لحمايته، كما أن التابوت الخارجى للملك الشاب تم تعقيمه بالبخار ضد الحشرات، حتى أن تجهيز التابوت وحده للتخزين استغرق نحو ثمانية أشهر.
هذه المقتنيات وغيرها، كانت بطلة لجولات عالمية منذ ستينيات القرن الماضى، ونجحت هذه الجولات فى تمجيد الملك الشاب الذى توفى فى عمر صغير ما بين 18 و19 عاما، وجعله مصدرا للإبهار.
ويتطرق التقرير الموسع إلى دور مركز «الترميم» التابع للمتحف المصرى القديم، والذى يعد الأكبر من نوعه فى منطقة الشرق الأوسط، فإن المركز وعناصره الخبيرة تعمل حاليا على صيانة وترميم نحو خمسة آلاف قطعة تخص «مقتنيات توت عنخ آمون» وحده.
والأكثر آثارة للاهتمام، أن بعض هذه القطع يتم ترميمها وإعدادها للعرض للمرة الأولى على الإطلاق منذ اكتشاف المقبرة الشهيرة. ويشير التقرير إلى أن جولات الملك الشاب طوال السنوات الأخيرة كانت مصدرا أساسيا لتمويل هذا المركز وإعداده، وذلك بحصيلة نحو 120 مليون دولار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة