رويدًا رويدًا خرجت حركة حماس عن محور سوريا-إيران تارة وتعود إليه تارة أخرى، لكنها لا تغادر حضن تنظيم "الحمدين" الراعى الرسمى للإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط، الممول الأول للحركة، لدرجة أنها تبرر أفعال إمارة الإرهاب وعلاقاتها مع إسرائيل، فى حين تنتقد دول أخرى صنعة سلامًا متكافئًا لخدمة القضية الفلسطينية.
وتوطدت العلاقة بين الدوحة وحماس، والتى تعود إلى سنوات طويلة، إبان حرب 2008، إذ لعبت دورا فى إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عبر علاقاتها مع إسرائيل، وكذا فعلت عام 2012.
.
يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس
وسعت قطر، قبل ذلك، إلى فك العزلة عن الحركة، فدعمتها فى انتخابات يناير 2006 التشريعية، وقدمت لها عقب سيطرتها على القطاع عام 2007، تمويلا قدّر بثلاثين مليون دولار شهريا.
وفك العزلة امتد أيضا إلى حملة علاقات عامة لفائدة قادة فى حماس، وفى مقدمتهم إسماعيل هنية، الذى استقبل بالدوحة، عام 2006، فى أول زيارة له خارج الأراضى الفلسطينية.
ثم كان لقطر دورا فى دعم حماس على الانقلاب على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، حتى جاءت تصريحات أمير قطر التى اعتبر فيها حماس الممثل الشرعى للشعب الفلسطيني.
ومع اندلاع الاحتجاجات فى سوريا، فى مطلع 2011 غادرت قيادة حماس العاصمة دمشق، بعد انقلاب صمتها الإيجابى تجاه نظام بشار الأسد إلى معارضة له. ولم تجد من ملجأ سوى الدوحة، التى احتضنت الرئيس السابق المكتب السياسى لحماس، خالد مشعل، وأهم مستشاريه.
وكان اختيار التحالف القطرى مع حماس مثيرا للجدل، نظرا للعلاقات القوية للدوحة بالولايات المتحدة وإسرائيل، خصمى الحركة اللدودين والذين يعتبران حماس تنظيما إرهابيا.
كما تحلل حركة "حماس" لقطر ما تحرمه على سائر الدول العربية، فما تعتبره "خيانة" فى العلاقات مع إسرائيل تصفه بـ"الجهد المبارك" عندما تقوم به الدوحة.
ووجدت هذه السياسة لحركة حماس ترجمة واضحة على الأرض فى تبرير عضو المكتب السياسى للحركة موسى أبو مرزوق لاتصالات ورحلات قطر السرية إلى تل أبيب، فى وقت انتقدت فيه معاهدة السلام المعلنة للإمارات والبحرين مع إسرائيل.
ووفقًا لموقع " العين " الإماراتى فإن أبو مرزوق الذى كان يتحدث إلى قناة "فرانس 24" من مدينة إسطنبول التركية، زعم أن قطر تحاول مساعدة الشعب الفلسطينى بطرق مختلفة، ولا يمكن تحقيق ذلك وتحديدًا فى قطاع غزة، إلا عبر إسرائيل، ولذلك بالضرورة هى تتواصل مع تل أبيب.
ولم تتوقف الاتصالات السرية للنظام القطرى مع إسرائيل على مدى أكثر من عقدين، ولكنها تكثف فى السنوات الماضية تحت ستار تقديم المساعدات لحركة "حماس" فى غزة.
فالسفير فى وزارة الخارجية القطرية محمد العمادى زار إسرائيل مرات لا تحصى فى السنوات الماضية قبل أن يصل إلى غزة حاملا حقائب الدولارات الأمريكية.
لكن "حماس"، التى توجه انتقاداتها الحادة لكل طرف عربى يجرى اتصالا مع إسرائيل بما فى ذلك السلطة الفلسطينية، لا تجد غضاضة فى هذه الاتصالات القطرية مع تل أبيب وإن كانت لا تخفى أن العمادى عادة ما كان يصل إلى غزة حاملا اشتراطات إسرائيلية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة