أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد الغزالى فقيه إرهاب المثقفين.. كفر نجيب محفوظ بسبب "أولاد حارتنا" وزاره بعد محاولة الاغتيال لإبعاد الشبهة.. اعتبر فرج فودة مرتدا ودافع عن قاتله.. خصص المنابر للهجوم على صلاح جاهين لدفاعه عن المرأة

الثلاثاء، 22 سبتمبر 2020 05:56 م
محمد الغزالى فقيه إرهاب المثقفين.. كفر نجيب محفوظ بسبب "أولاد حارتنا" وزاره بعد محاولة الاغتيال لإبعاد الشبهة.. اعتبر فرج فودة مرتدا ودافع عن قاتله.. خصص المنابر للهجوم على صلاح جاهين لدفاعه عن المرأة محمد الغزالى وصلاج جاهين
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تمر اليوم الذكرى الـ103، على ميلاد محمد الغزالى، إذ ولد فى 22 سبتمبر عام 1917، والذى يعد أحد تلاميذ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية، كان يقول عن نفسه دائما إنه من "المناهضين للتشدد والغلو فى الدين"، لكن على الجانب الآخر اتهمه البعض بالتشدد والتطرف فى الأفكار.
 
الشيخ الغزالى وقف فى أكثر من مناسبة ضد المدنية والحرية، بل وكانت له معاركه مع كبار الأدباء والمفكرين فى مصر، فكفر الأديب الكبير الراحل نجيب محفوظ، وهاجم الشاعر الكبير صلاح جاهين لدفاعه عن حرية المرأة، وأفتى بقتل المفكر الكبير وشهيد الكلمة فرج فودة، ولم يكتفى بذلك بل ذهب للشهادة مع قاتله باعتباره مرتدا.
 

الغزالى يهاجم صلاح جاهين من على المنابر

 
بدأت القصة فى 27 من مايو عام 1962 حين انعقد المؤتمر الوطنى للقوى الشعبية، وكان أحد المتحدثين فيه الشيخ محمد الغزالى، وفى اليوم التالى نشرت صحيفة "الأهرام" كلمة الغزالى، والتى طالب فيها بتحرير القانون المصرى من التبعية الأجنبية، وتوحيد الزى بين المصريين، والتأكيد على حشمة المرأة، وألا تكون عارية الصدر والظهر والساقين.
 
وأثار رأى "الغزالى" غضب الشاعر الكبير صلاح جاهين، فهاجمه فى موضوع كاريكاتير وحمل عنوان "هاجم الشيخ محمد الغزالى كل القوانين والأفكار الوافدة من الخارج"، أما الرسم فكان يصور الشيخ واقفاً على المنصة يلقى كلمته منفعلاً أمام رواد المؤتمر، وقد سقطت عن رأسه عمامته البيضاء بحكم الجاذبية الأرضية، وتحت الرسم التعليق الساخر "الشيخ الغزالى: يجب أن نلغى من بلادنا كل القوانين الواردة من الخارج، كالقانون المدنى وقانون الجاذبية الأرضية".
 
غضب الشيخ الغزالى لذلك ولم يسكت، وفى جلسة المؤتمر التى انعقدت صباح يوم صدور الجريدة هاجم الشيخ صلاح جاهين، ورد على سخريته من آرائه رداً عنيفاً، وشرح الأهداف التى قصدها من وراء كلمته التى ألقاها فى المؤتمر، ورد على سخرية صلاح جاهين من عمامته فى رسوماته، وحرض أصحاب العمائم قائلاً: "أن مهاجمة العمامة البيضاء أمر يستدعى أن يمشى العلماء عراة الرأس إذا لم تحم عمائمهم".
 
وأشعلت هذه الكلمات المعركة بعدما نشرت "الأهرام" بتاريخ 31 مايو 1962 فى صفحتها الأولى تعليقاً تحت عنوان "كلمة الأهرام"، جاء فيها أن "الأهرام" تقدس الدين وتحترمه، لكنها ترفض محاوله الشيخ الغزالى أن يجعل من الخلاف فى الرأى بينه وبين صلاح جاهين رسام الجريدة قضية دينية، وأن الجريدة تؤمن بحرية الرأى، لذلك تنشر نص كلمة الغزالى احتراماً لحقه فى إبداء رأيه مهما كان مختلفاً مع رأى الجريدة، مع إعطاء الحق لصلاح جاهين أن يبدى رأيه هو الآخر فيما يقوله الشيخ، وأعطت "الأهرام" لجاهين الحق فى الرد، فنشرت فى صفحتها السابعة كاريكاتير له بعنوان: "ملاحظة على إغفال الشيخ الغزالى مشكلات المعيشة والمواضيع الحيوية"، وشمل الرسم، صورة لأطفال مشردين تنطق وجوههم بالبؤس والشقاء، وهم يحملون لافتة مكتوبًا عليها: "أين الكساء يا مشروع الأزياء.. لماذا لا تتكلم إلا عن ملابس النساء؟".
 
لكن الغزالى حول منابر المساجد إلى جهة للدفاع عنه، وكان الرجل وضع رأى فى موضع الدين الذى يجب الاختلاف حوله، حيث وأوصى جميع أئمة المساجد بتناول هذا الأمر فى خطبة الجمعة التالية أن تتبنى رأيه وتهاجم صلاح جاهين.
 

الغزالى يفتى بقتل فرج فودة ويبرر فعلة قاتله

 
شارك شهيد الكلمة فرج فودة فى مناظرة معرض القاهرة الدولى للكتاب فى 7 يناير 1992 تحت عنوان: مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية، وكان فرج فودة ضمن جانب أنصار الدولة المدنية مع الدكتور محمد أحمد خلف الله، بينما على الجانب المقابل كان شارك فيها الشيخ محمد الغزالى، والمستشار مأمون الهضيبى مرشد جماعة الإخوان الإرهابية، والدكتور محمد عمارة الكاتب الإسلامى، وحضر المناظرة نحو 20 ألف شخص.
 
وكانت آراء "فودة" فى المناظرة سالفة الذكر سببا فى إصدار فقهاء التطرف فتاوى بقتله، هو ما حدث فى 8 يونيو قبيل أيام من عيد الأضحى، حيث انتظره شابان من الجماعة الإسلامية، هما أشرف سعيد إبراهيم وعبد الشافى أحمد رمضان، وأطلقا عليه الرصاص من رشاش آلى فأصاب فرج فودة إصابات بالغة فى الكبد والأمعاء، توفى عليه إثرها فى الحال.
 
وتطوع محمد الغزالى من تلقاء نفسه وذهب للشهادة لكى يحاكم القتيل ويساند القتلة وقال فى شهادته "إنهم قتلوا شخصا مباح الدم ومرتد وهو مستحق القتل، وقد أسقطوا الإثم الشرعى عن كاهل الأمة، ففى شهادة الشيخ محمد الغزالى فى محاكمة القاتل أفتى بجواز "أن يقوم أفراد الأمة بإقامة الحدود عند تعطيلها، وإن كان هذا افتئات على حق السلطة، ولكن ليس عليه عقوبة، وهذا يعنى أنه لا يجوز قتل من قتل "فرج فودة" حسب تعبيره، وبهذا اعتبر موقف الغزالى مدافعا عن قاتلى فودة حين قال: "إنهم أدوا الفريضة، لأن فرج فودة قال وكتب ما يخرجه عن دينه ويضعه في حكم المرتد".
 
 

محمد الغزالى كفر نجيب محفوظ وزاره بعد محاولة الاغتيال لإبعاد الشبهة

كان "محمد الغزالى" ممن هاجموا رواية "أولاد حارتنا" للأديب العالمى الراحل نجيب محفوظ، وأكد الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى، فى تصريحات سابقة أن الشيخ محمد الغزالى فعل فى حياته عكس الأفكار التى كان يدعو لها من حرية ووسطية الدين الإسلامى، فكان هو الذى كتب تقرير الأزهر لمصادرة رواية "أولاد حارتنا" للأديب العالمى نجيب محفوظ ووصفها بالكفر.

وقال الكاتب سليمان فياض، إنه كان يعمل آنذاك بوزارة الأوقاف سكرتيرا للجنة كانت تحمل عنوان "الدفاع عن الإسلام" مع الشيخين سيد سابق ومحمد الغزالى وكانا مسئولين معا عن إدارة المساجد والدعوة والدعاة، وتابع أنه فى إحدى جلسات تلك اللجنة "قدم الشيخ الغزالى ورقتين معدتين من قبل يستعرض فيهما أولاد حارتنا من زاوية الاتهام وحدها، وفى الورقتين كانت الإدانة لأولاد حارتنا فى غيبة من الدفاع والمتهم، ومنذ ذلك الحين وقصة التكفير والاتهام بالإلحاد لا تتوقف".

لكن بعد محاولة اغتيال نجيب محفوظ فى سنة 1995 قام الشيخ محمد الغزالى بزيارة نجيب محفوظ فى مستشفى الشرطة، وكانت تلك هى المرة الأولى للقاء يجمع الرجلين، وكانت الزيارة لافتة، فقد أراد الغزالى أن يبعد عنه أى شبهة، خصوصاً أن الشيخ الغزالى صاحب المذكرة التى صودرت بموجبها "أولاد حارتنا".

وروى الأديب يوسف القعيد الذى حضر اللقاء أن الغزالى شدّد على أنه ضد الرواية، لكنه يدين محاولة الاغتيال التى "لا يقرها شرع ولا دين"، وعلق على نشر الرواية فى مصر قائلاً: "السموم أيضاً تنشر خلسة والناس تقبل عليها".

وفى أمسية ثقافية أقيمت بعد رحيل الأديب العالمى نجيب محفوظ بأشهر قليلة، بالتحديد فى نوفمبر 2006، كشف المخرج توفيق صالح، أن الشيخ محمد الغزالى الذى كان أول من هيج الدنيا على الرواية واعتذر لمحفوظ عندما عاده فى المستشفى، وقال له: لقد قرأت الرواية خطأ.

وصدرت الرواية فى بيروت عن دار الآداب ومن هناك تصل الى القارئ المصرى الذى لا يجد صعوبة فى الحصول عليها، ولا تزال مكتبة مصر الناشر الدائم لأعمال محفوظ تسقط "أولاد حارتنا" من قائمة أعمال الكاتب إلى اليوم، ولم يعترض محفوظ لأنه لم يكن يريد خوض معركة لإصدار الرواية فى مصر.

وظلت الرواية متاحة فى مصر لمن يريدها بدون إثارة أزمات إلى أن أعلنت لجنة جائزة نوبل فى تقريرها أن الكاتب استحق الجائزة عام 1988 عن 4 أعمال منها "أولاد حارتنا" وكانت تلك الإشارة أشبه بباب جهنم على محفوظ حتى أن الشاب الذى حاول قتله بسكين فى أكتوبر فى 1994 قال "إنهم قالوا له إن هذا الرجل - محفوظ - مرتد عن الإسلام".

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة