لجان نوعية تتولى التواصل المباشر مع أولياء الأمور فى المنازل وإعداد حصر كامل بمراكز التعليم والكمبيوتر والألعاب لانتقاء كوادر طلابية جديدة للتنظيم وعناصر الإخوان بالداخل يتولون تنفيذ برنامج العمل بمناهج وأموال ومشروعات ووسائل تجنيد نوعية.
كشفنا فى حلقة سابقة، خطة جماعة الإخوان الإرهابية لاختراق المجتمع المصرى من جديد عن طريق تجنيد الأطفال والمراهقين فى المدارس والنوادى ومراكز الشباب والدروس الخصوصية، وذلك من واقع ما كشفته لنا عناصر ومصادر مقربة من دوائر الجماعة، وأخرى وثيقة الصلة باللجان والمجموعات المتصلة بمسارات تنفيذ المخطط داخل مصر، إضافة إلى قيادات مقربة من الجماعة فى إسطنبول.
تحت مسمى «وحدة الشرائح» تنظلق خطة جماعة الإخوان لاستقطاب الطلاب فى المدارس والأندية، ثم الانتقال إلى المراحل الأخرى من فرز وانتقاء العناصر وتوزيعها على اللجان الإعلامية والتربوية، وترشيح المؤهلين للانخراط فى الجماعة والحراك داخل المجتمع.
شملت خطة جماعة الإخوان مراحل عمل اللجان المندسة فى المدارس والجامعات والنوادى ومراكز الشباب فى المحافظات، وفريق إعدادها، وآلية تمويل تلك الأنشطة، ودور اللجان الإلكترونية وصفحات «إعلام الظل» إلى جانب المكاتب الإدارية واللجان التنظيمية.
وفقا لتفاصيل الخطة التى حصلنا عليها، فإن المرحلة الحاسمة لها تكمن فى التركيز على التجنيد المباشر من خلال إعداد قائمة بالمدارس المستهدفة فى ربوع مصر، ثم الانتقال إلى إعداد دراسات شاملة عنها، وتحديد قوائم العناصر التابعة وقدرتهم على النفاذ إليها، بغرض اختيار المنشآت الأكثر صلاحية لبدء العمل وفق الخطة، بغرض تحقيق الغاية التى تُسمّيها الجماعة «المدرسة النموذجية».
تحت مسمى «لجنة المدارس» سيكون اختصاص عمل العناصر المختارة لتنفيذ خطة جماعة الإخوان على أرض الواقع، وتستهدف مباشرة المدارس الحكومية والعامة والخاصة ومراكز الدروس الخصوصية والمدارس الأمريكية والـIG والمراكز الثقافية والدينية بالنوادى.
وفى تفاصيل الخطة، كشفت المصادر عن أن خطة الإخوان تولى أهمية كبرى للجنتين السابق الإشارة إليهما، إذ تؤكد أوراق وحدة الشرائح أنه حال نجاحهما فى إنجاز المهام المنوطين بها، فإن الجماعة ستكون قادرة على السيطرة على أكبر عدد من الطلاب، سواء فى المدرسة أو خارجها، عبر قائمة طويلة من الساحات البديلة، سنتعرض لها لاحقا من واقع الأوراق.
ما كشفته المصادر لنا تضمن أن ما يسمى بخطة «المدرسة النموذجية» يستخدم الحديث النبوى «مثـل القـائم على حـدود الله والواقـع فيها كمثل قوم استهموا على سفينـة فأصاب بعضهـم أعلاها وبعضهــم أسفلهــا، فكان الذيــن فى أسفلهـا إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهـم، فقالوا لو أنّا خرقنا فى نصيبنـا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكـوا جميعا، وإن أخـذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا»، واستخدام هذا الحديث فى الخطة إشارة واضحة من واضعى الخطة للمُكلفين بالتنفيذ والعمل على الأرض بأهمية تكامل كل العناصر الواردة فى الخطة، لأن كلا منها مُكمّل للآخر، ولن يكتب لهم النجاح إلا إذا تناغمت كل الأطراف واللجان ضمن المنظومة الإخوانية التى تستهدف فى النهاية صناعة كوادر طلابية إخوانية، يتم تكليفها فى المستقبل بمهام خاصة، وهو ما كشفته القضايا الإرهابية المتورط فيها عدد من الشباب والطلاب، فهؤلاء جرى تجنيدهم بالطريقة ذاتها.
ووفقا لتفاصيل الخطة الإخوانية فإن فكرة «المدرسة النموذجية» تُمكّن العناصر المختارة لعملية التنفيذ من تجنيد أكبر عدد من الطلاب، فى ظل وجود أعداد كبيرة من الطلاب، منهم المؤهلون للانخراط ضمن برامج وخطط الإخوان، وآخرون ما يزالون فى مرحلة يمكن التأثير فيها عليهم وإدخالهم الحظيرة الإخوانية.
توازيا مع تطبيق خطة السيطرة واقتحام المدارس، فإن هناك عناصر إخوانية ستكون مهمتها التواصل المباشر مع أولياء أمور الطلاب، فى محاولة لوضع الأقدام لبدء عملية التمكين بأفكار تحت شعارات الخوف على مستقبل أبنائهم، ويمكنهم ذلك من تكوين قاعدة شعبية وحاضنة اجتماعية يُمكن التأسيس عليها فى انطلاق الجماعة واستعادة موقعها الاجتماعى مجددا.
وضعت الخطة خصائص ومهام لكل شخص مختار من جانب المكاتب الإدارية للعمل ضمن برنامج الشرائح، فحددت صفات مشرف النشاط بالمدرسة، وأبرزها أن يكون شخصية قيادية، ولديه القدرة على التواصل المباشر مع الطلاب والقدرة على الاقناع، وتستفيض فى استعراض الأمر بالقول: «العمل داخل المدرسـة فى هذه المرحلة مهم جدا، ويحتاج إلى الوقت والجهد والذهن الخالى والإعداد الجيد، لذا من الضرورى أن يكون المشرف متفرغا وخاليا من أى شىء يشغله عن عمله بقدر الإمكان، ويجب ألا تكون لأى مشــرف أعمال أخرى تشغل ذهنه ووقته، بما يتعارض مع إعداده لهذا العمـل، ومتابعة أدائه، والالتقاء بالطلاب الذين يمكن أن يشاركوا فى الأنشطة».
وأضافت الخطة أن «المشرف يُعتبر المنفذ الأول فـى المدرسة، وهو الفرد الوحيد الذى يعدّل شكل العملية التعليمية سلبا أو إيجابا، وهو كذلك الذى يضطلع بريادة الفصل واستيعاب تلاميذه ذوى الاستعداد، من خلال فاعلية إنجاز الأهداف التربوية والدعوية وفق المناهج والطرق المحددة، وقيادة جماعات النشاط، والتقارب مع المستهدفين إنسانيا ونفسيا».
كما وضعت الخطة تعريفا لمجموعات العمل التى يتولى المشرفون تشكيلها داخل المدارس المختارة، وقالت إنها تضم مجموعة الطلاب الذين يمثلون ركيزة النشاط داخل المدرسة، على أن يتم توزيعهم على ثلاث جماعات نشاط على الأقـل، مع تحديد مجموعة من الشروط للطلاب المختارين للانضمام إلى تلك المجموعات، منها أن يكون على مستوى متميز من الأدب والأخلاق والابتكار، والإيجابية، والنشاط والحيوية، كما يفضل أن يكون من المتفوقين دراسيا ومتميزا فى أحد مجالات الأنشطة: «الثقافية والدينية/ الرياضية/ الفنية/ الاجتماعية/ العلمية»، ويكون محور عمل هذه المجموعات داخل الفصل من خلال تلك المجالات، مع إيلاء اهتمام أكبر للأبعاد الأخلاقية ومدى تقبل أفكار الشرائح واستيعاب مناهجها.
لم تغفل الخطة الإخوانية لتجنيد الطلاب فى المداس السيناريو البديل حال عدم تنفيذ الخريطة التفصيلية للعمل داخل المدارس فى الأحوال الطبيعية وخلال العام الدراسى بوجود الطلاب داخل المدرسة، كما حدث خلال الشهور الأخيرة بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، وهو الأمر الذى فصّلته بتحديد موسع وشامل من خلال ورقة فرعية ضمن الخطة أسمتها «أماكن بديلة للمدرسة».
وبتتبع تاريخ الإخوان، فإن مخططهم الأساسى دائما يقوم على استهداف الطلاب بعيدا عن الفصول والعملية التعليمية النظامية، ومن هذا المنطلق فإنهم يفتحون قوس الاستهداف ليشمل مراكز الدروس الخصوصية، سواء كانت «سناتر» أو مجموعات تقوية أو حتى مجموعات خاصة لدى المدرسين أو منازل بعض التلاميذ، إضافة إلى التركيز على المساجد القريبة من المدارس، كونها تشهد ظهورا للطلاب أو يسهل جذبهم إليها، وزادت الخطة على تلك الأماكن الأندية ومراكز الشباب ومراكز الكمبيوتر وقصور الثقافة، فضلا عن وسائل التواصل الاجتماعى من خلال المجموعات والصفحات النوعية، والحسابات الشخصية، والموضوعات والحملات المنظمة.
وفى مرحلة ما بعد 30 يونيو 2013، اكتشفت وزارة التربية والتعليم وجود دروس وموضوعات فى مناهج بعض المدارس بشكل يخدم خطط جماعة الإخوان ويروج أفكارها، إضافة إلى مدارس عدة منخرطة فى ترويج روايات الجماعة، وما أسمته «بطولات شهداء رابعة»، ومراكز تعليمية و«سناتر» كانت خاضعة للتنظيم ولديها برامج تدريس مغايرة تماما للمناهج التعليمية، كما سرّبت الجماعة رسائلها من خلال مناهج موازية توَلى أعضاؤها نشرها إلى جانب المناهج التعليمية المعتمدة من الوزارة، عبر ما يسمّونه «الدروس التربوية» و«الدروس التوعوية»، التى تبدأ بشعار تعليم النشء مبادئ الدين والعقيدة، ليتطور الأمر بعدها إلى تلقين المشاركين فى تلك الأماكن مناهج «الإخوان» وأفكارها.
وفق خطة الجماعة، فإن عناصرها أجرت دراسة اعتمدت فيها على استطلاعات رأى استعانت خلالها بإحدى شركات التكنولوجيا وتكليفها برصد وتوفير بيانات إحصائية بشأن أكثر الفئات استخداما لمواقع التواصل، ونوعية الاهتمامات، وأبرز الصفحات والموضوعات، وعدد الساعات التى يقضيها الشباب والمراهقون على تلك المنصات، وانتهت الدراسات واستطلاعات الرأى إلى أنه بجانب الأهمية التى تحوزها المدارس ضمن قنوات الاتصال المباشر بالنشء، فإن هناك أماكن بديلة قد لا تقل أهمية عن المدارس، وربما تتفوق عليها فى ضوء بعض التفاصيل والمتغيرات الجغرافية والاجتماعية والعُمرية والثقافية، وقد وصفت الخطة تلك المساحات الإضافية بأنها «أماكن طبيعية يوجد فيها الطالب، وتُعد بديلا نوعيا فعالا للمدرسة، إذ يقضى الطالب فيها وقتا أطول، كما أنها بعيدة عن الرقابة بدرجة كبيرة، ويكون الطلاب فيها أكثر تقبلا واستعدادا للتلقى والتأثر، سواء من المعلمين أو المربين أو الأقران ممن لهم تأثير على الأطفال فى تلك المرحلة، من خلال المسارات والأنشطة المتاحة داخلها وخارجها».
وحددت خطة الإخوان مسارا تنظيميا وعمليا لاستهداف الأماكن البديلة للمدارس، فى ضوء رؤية حركية وقائمة مستهدفات تضم 7 أمور مهمة تعمل عناصر الجماعة على تحقيقها، واللافت فى تلك الأهداف أن كلا منها عنوان لمرحلة يمر بها الطالب المستهدف، فإذا اجتاز المرحلة الأولى ينتقل إلى الثانية وهكذا، وصولا إلى المرحلة الأخيرة التى يكتمل معها التأهيل ويكون الطالب عنصرا فاعلا داخل المجموعات النوعية، وعضوا نشطا بالجماعة أو لجانها وأجنحتها.
تبدأ الأهداف بعنوان «إيصال دعوة الله إلى عموم الطلاب»، ويُعلق مصدرنا على ذلك بأن تلك الصيغة من تمرير أفكار الجماعة عبر «حمولات» دينية وعقائدية من ثوابت التربية والدعوة داخل الإخوان، فمن خلالها يُمكن العبور الناعم، لا سيما أن الجماعة لا تُحبذ الكشف عن نفسها مبكرا للمستهدَفين، لذا فإنها تحاول الظهور أمام الطلاب بأنها لا تتحدث فى السياسة ولا تحمل أية أهداف أخرى إلا الدعوة والقيم والتربية والارتقاء بالأخلاق، من خلال تعليم الطلاب بعض الأمور الخاصة بالدين، سواء أركان الصلاة أو المعاملات الدينية الأخرى فى حياتهم الشخصية، وفى إطار اندماجهم فى المجتمع، بحيث لا يظهر لأحد الهدف الحقيقى الذى تسعى له الجماعة، لكن فى الوقت نفسه تستطيع عناصر الجماعة من خلال تلك المرحلة وضع يدها على الطلاب الأكثر استعدادا للتجاوب والأكثر تأهيلا للانتقال إلى المراحل التالية.
استخدام العمل الدعوى هدفه توسيع دائرة العمل والانتشار للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الطلاب، والانتقال لثانى المراحل المتمثلة فى بداية العمل الجاد للتأثير على الطلاب واستقطابهم، سواء من خلال المدرس أو الشيخ الذى يلقى دروسا فى المسجد، أو من خلال المعلم ومُيسّر النشاط بالمدرسة أو مركز الدروس، وبعدها تبدأ المرحلة الثالثة والأخطر، ففيها تتدخل عناصر إخوانية أخرى كانت تراقب أداء الطلاب خلال المرحلتين الأولى والثانية لانتقاء واختيار من يرونهم الأكثر ميلا للتجاوب مع الجماعة، وتُسمّى هذه المرحلة من الخطة «الاختيار الأمثل من وسط المجموع».
بعد وضع الجماعة يدها على المختارين من الطلاب تبدأ المرحلة الرابعة، وهى تربية كوادر وقيادات طلابية، وهنا تبدأ الخطة فى إعلان نتائجها ومؤشرات تقييمها، فالاختيار وقع بالفعل على عدد من الطلاب المستهدفين الذين تأكدت الجماعة من أنهم مؤهلون للانخراط فى الأنشطة والمسارات النوعية والتنظيمية، والاضطلاع بأدوار قيادية داخل مجموعتهم، أو فى وحدة الشرائح وفروعها، بعدها تنطلق مرحلة جديدة تستند إلى فرز القيادات المرشحة وفق المهارات والتمايزات الفردية، وتنمية تلك القدرات وصقلها، حتى يمكن للجماعة توظيفها بشكل فعال، والاستفادة منها على الصورة المثلى، وتُسمّى تلك المرحلة حسب الخطة «اكتشاف المواهب وتنمية المهارات والاستفادة منها»، وأخيرا تأتى مرحلتان وضعتهما الجماعة كأداة تعزيز للقدرات والمهارات واختبار صلابة وكفاءة العناصر المنتقاة، فمن خلال مجموعات خاصة يجرى توجيه المرشحين، أولا من أجل «حصر الظواهر السلبية لدى بعض الكوادر المختارين ومحاربتها»، وثانيا سعيا إلى تدريبهم وتنشيط قدراتهم وإكسابهم المهارات اللازمة من أجل «الحماية وتجنب الهجمات الشرسة والرد عليها بكفاءة وفاعلية».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة