تناولت مقالات صحف الخليج، اليوم السبت، العديد من القضايا الهامة أبرزها، الأزمات الداخلية في أمريكا بعد حادث الكونجرس، والملفات الهامة على مكتب الرئيس المنتخب جو بايدن عند بدء توليه مهامه رسميًا، فضلًا عن مواجهة دول منظمة «البريكس» روسيا، والصين، والهند، والبرازيل، وجنوب إفريقيا، للسيطرة الرقمية الأمريكية.
أميركا والسيطرة على الوضع
عبد الرحمن الراشد
قال عبد الرحمن الراشد، إعلاميّ ومثقّف سعوديّ، رئيس التحرير السابق لصحيفة "الشّرق الأوسط" والمدير العام السابق لقناة العربيّة، أن أميركا تواجه عدوين إعلاميين خارجياً وداخلياً. العدو الخارجي تستطيع مواجهته من خلال تقليص عمليات التدخل السياسي. أما العدو الداخلي فهو الخطر الحقيقي، كما ظهر في اقتحام الكونجرس، وما اعتبر مخططاً للسيطرة، وانقلاباً على الدولة. هذا حصل من خلال استخدام الوسائل الخارجة عن السيطرة. وقد أثبتت السلطات الأمريكية أنها تملك القدرة على إسكات من تعتبرهم خصومَ الدولة، حتى الرئيس نفسه، رغم سلطاته الهائلة، وجد نفسه محروماً من مخاطبة الشعب الأمريكي.
ولو استمر الخطاب المعادي لمؤسسات الدولة، الرئاسة والكونجرس والأجهزة التنفيذية والأحزاب، يحرك الجموع، فإن الدولة ستواجه مخاطرَ حقيقية، لهذا اتفق معظم الفاعلين، بما فيهم قادة الحزب الجمهوري، على لجم الرئيس والقوى المناصرة له، الرئيس ترامب، الأرجح من حيث لا يفهم، أطلق العنان للقوى الغاضبة الكامنة التي هبت لفرض ما تعتبره حقها، وهو بدوره لم يستطع إثبات ادعاءاته بالتزوير وسرقة الفوز من خلال القنوات الشرعية. لكن الولايات المتحدة بلد كبير من 328 مليون نسمة، وخليط من أعراق مختلفة، ومن دون ضابط لها فإن الفوضى حتمية ولا تحتمل الخلافات والتحريض الواسع.
وسنرى لاحقاً أن المشرعين، والسياسيين، والعاملين في مجال «الأمن» السيبراني، سيضعون الكثير من القيود والعقوبات، وسيعودون إلى زمن السيطرة، من خلال تمكين المؤسسات الإعلامية الكبرى والقضاء على جيش النشطاء والغوغاء.
لينكولن وبايدن والفيدرالية الأمريكية
د. أيمن سمير
أكد د. أيمن سمير في صحيفة البيان الإماراتية، أن الولايات المتحدة لامتحان صعب، ربما لم تتعرض له منذ انتهاء الحرب الأهلية الأمريكية، حيث أدت الخلافات والصراعات وقتها بين الولايات الشمالية التي ترفض العبودية، وولايات جنوبية تقبل بقوانين العبودية إلى اندلاع الحرب بين الشمال والجنوب، والتي حصدت أكثر من 620 ألف قتيل وتدمير غالبية المدن الكبيرة في الجنوب. ورغم اندلاع الحرب الأهلية، إلا أن وجود شخصية معتدلة مثل أبراهام لينكولن أدى في النهاية للحفاظ على الوحدة الفيدرالية للولايات المتحدة، لكن هل يوجد في واشنطن اليوم من يستطيع إعادة الوحدة والاستقرار، أم أن الولايات المتحدة قد تشهد موجة جديدة من الحرب الأهلية التي قد تقود لانسلاخ وانفصال ولايات عن الاتحاد الفيدرالي؟
أكثر ما يحتاجه الرئيس المنتخب جو بايدن هو «السمو السياسي» على الخلافات التي كانت طوال عهد ترامب، وبدء مرحلة جديدة تجمع الديمقراطيين والجمهوريين على الحد الأدنى من الأجندة الوطنية للحفاظ على وحدة وصورة الولايات المتحدة، لأنّ درجة الانقسام والتشظي التي يعانيها المجتمع الأمريكي غير مسبوقة، ولا تختلف عن الاستقطاب الحاد الذي شهده عهد أبراهام لينكولن، وأدى لاندلاع الحرب الأهلية، فهناك ولايات ديمقراطية مثل ولاية كاليفورنيا طالبت باحترام «خصوصية كاليفورنيا» إذا فاز ترامب في الانتخابات، وبعد فوز بايدن تحدث حاكم تكساس الجمهوري، عن ضرورة وجود اتحاد للولايات التي تحترم الدستور.
أمام هذا الخطر الوجودي للفيدرالية الأمريكية على الرئيس المنتخب، دور كبير في رأب الصدع والنظر للأمام لأنّ هناك بالفعل 76 مليون ناخب صوتوا لترامب، وحتى في إجراءات العزل داخل مجلس النواب صوت 197 نائباً ضد المحاكمة البرلمانية، وانضم فقط 10 جمهوريين لنداء نانسي بيلوسي بمحاكمة ترامب، وهو ما يؤكد الخلافات العميقة بين الحزبين، وكما كان لينكولن الجمهوري يعارض تطرف الجمهوريين ضد الولايات الجنوبية، فإنّ الرئيس المنتخب يستطيع أن يوحد الأمريكيين ويعزل المتطرفين من الحزبين.
التنافس العالمي على الثورة الرقمية
محمد خليفة
يرى الكاتب محمد خليفة في صحيفة الخليج، أن التحولات التي اجتاحت حياة البشر بين يوم وليلة أو بين ساعة وثانية، كسرت جدار الصمت، وأزاحت الظلمة التي خيّمت على البشرية بين عشية وضحاها في عصر الحداثة العلمية بزمن الثورة الرقمية، ما أتيح لسكان الأرض أن يشعروا بفقدان القدرة على التواصل في حقبة فريدة ودقيقة، لتختلط أوراق الكون كله، وتكتشف عبثية التواصل وهشاشته، وتبدو الحياة موقوفة تماماً، على الإمبراطورية الأمريكية المتحكمة بمقدرات العالم الرقمية والتكنولوجية.
ففي يوم الاثنين 14 الشهر الماضي حدث انقطاع بالكهرباء في الولايات المتحدة، ما أدى إلى توقف خدمات جوجل ويوتيوب ومختلف مواقع التواصل في دول العالم، ورغم أن الانقطاع لم يدم سوى القليل من الوقت، فإنه كشف ثغرة مهمة للغاية وهي أن شبكة الاتصال الدولي غير آمنة، وأن حسابات ومعلومات المتعاملين مع جوجل وغيرها من الشركات المزودة للخدمة قد تتعرض في لحظة واحدة إلى الضياع، وأيضاً فإن تركز الإنترنت والاتصال الدولي في الولايات المتحدة يجعل لهذه الدولة القدرة على حرمان أية دولة أو جهة في العالم من هذه الخدمات، حيث يوجد مقر الإنترنت العالمي في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا الأمريكية، والخوادم العملاقة، وهي: العقول الإلكترونية الضخمة والتي يُنجز كل واحد منها أكثر من خمسة مليارات عملية في الثانية الواحدة، وكل شركات الإنترنت العملاقة، سواء تلك التي تزود الخدمة مثل: جوجل أو ياهو أو شركات التواصل مثل: فيسبوك وتويتر وسوى ذلك، فهذه كلها مركزة في الولايات المتحدة، وهي: شركات تابعة للدولة، وهي التي تتحكم بالاتصال الدولي من إنترنت واتصال هاتفي، وتتقاضى من مختلف الدول أجوراً نظير تقديم خدمات الاتصالات لها، ويجعل لهذه الدولة القدرة على التجسس على أية دولة أو جهة في العالم.
وقبل عدة سنوات، حدثت عمليات تجسس إلكترونية أمريكية واسعة ضد الأعداء والحلفاء على السواء، ما دفع بعض الدول إلى الإعلان عن رغبتها في بناء شبكة إنترنت واتصالات وطنية. وكانت دول منظمة «البريكس» روسيا، والصين، والهند، والبرازيل، وجنوب إفريقيا، من أكثر الدول رغبة في التخلص من الهيمنة الرقمية الأمريكية، حيث أعلنت أنها بصدد تأسيس فضاء إلكتروني خاص بها مستقل عن شبكة الإنترنت الحالية، وقد اتخذت خطوات فعلية في هذا الإطار، حيث تقوم البرازيل ببناء منظومة الكابلات التي يمكن أن تربطها بروسيا والصين وجنوب إفريقيا، بكابل يبلغ طوله 34 ألف كيلومتر، يربط بين مدينة فلاديفوستوك في شرق روسيا وفورتاليزا في البرازيل، مروراً بشانتو الصينية وتشيناي الهندية وكيب تاون في جنوب إفريقيا.
ومن المتوقع أن يوفر المشروع خدمات الإنترنت في 21 دولة إفريقية، وبذلك سوف تنشأ شبكة إنترنت جديدة موازية لشبكة الإنترنت الحالية، وسوف تكون منافساً قوياً للولايات المتحدة، بل وتعتزم دول «البريكس» أيضاً إصدار تشريعات تجبر القوى الرئيسية في الإنترنت مثل: «جوجل» و«فيسبوك» و«ياهو» على تخزين كافة المعلومات التي يتم جمعها داخل دول المجموعة محلياً، لكيلا تتمكن وكالة الأمن القومى الأمريكية من الوصول إليها. وإلى الآن لم يتم تفعيل تلك الشبكة العالمية الموازية، لكن عند إنجازها سوف تمثل ضربة مؤلمة للولايات المتحدة التي ستخسر مدخولات هائلة، كما ستفقد قدرتها على الوصول إلى بيانات أى شخص يستخدم تلك الشبكات الأمريكية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة