أصدرت محكمة النقض، حكماَ قضائياَ بأحقية المطلقة في مرض الموت للميراث وهو ما يعرف في الشرع بـ "طلاق الفار"، وذلك بعد أن أثبتت الزوجة أن زوجها طلقها طلاق بائن أثناء فترة مرضه الشديد ووفاته أثناء فترة العدة.
ملحوظة:
"طلاق الفار".. مسألة كثيرة الحدوث حيث يعمد الزوج في مرض موته المخوف إلى تطليق زوجته الوارثة بائناً، فراراً من توريثها ونزولاً على رغبة أولاده في الغالب أو غيرهم، وغالباً ما تكون الزوجة المراد تطليقها صغيرة السن تزوجها رجل أرمل كبير في السن، وله أولاد كبار أجبروه على تطليقها في مرض موته، كي لا تشاركهم في الميراث؛ أو تكون هذه الزوجة إحدى زواجات هذا الرجل، يطلقها بناء على رغبة غيرها من زوجاته، وقد سُمي هذا الطلاق "طلق الفارً"؛ لأن الزوج فيه يفرّ من توريث زوجته بطلاقها.
الوقائع.. الزوج يطلق زوجته في مرض الموت دون رضاها
الواقع فى الدعوى وبما لا خلاف عليه بين الطرفين أن المطلق أدُخل مستشفى القصر العينى، وتم تشخيص حالته المرضية آنذاك بأنه يعاني من اشتباه ورم بالكبد مع انسداد فى مخرج المعدة وتم عمل منظار له وأخذ عينات من الكبد ثم خرج من المستشفى، ثم أدخل المستشفى مرة ثانية بغرفة العناية المركزة بذات المستشفى حيث وفاه الأجل، وأن الطلاق الواقع منه للطاعنة بطلقة مكملة للثلاث قد بانت منه بهذه الطلقة وهو فى مرض الموت وكان ذلك بغير رضاها وعلى ذلك فإن طلاق الطاعنة يكون قد وقع صحيحاً ولا يبطله أنه تم فى مرض الموت.
وخلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة - صحة طلاق الطاعنة أثناء مرض الزوج المُطلق - فإنه لا يعيبه ما وقع فى أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض تصحيح ما وقع فيه من أخطاء ويضحى النعى عليه فى هذا الخصوص غير منتج ولا جدوى منه .
المحكمة تقضى بصحة طلاق الزوجة مع أحقيتها في الميراث
المحكمة في حيثيات الطعن المقيد برقم 863 لسنة 73 القضائية، رسخت لعدة مبادئ قضائية بشأن "طلاق الفار" وآثره فى مرض الموت على استحقاق المطلقة للميراث، بعد أن تعرضت فيه الزوجة للطلاق البائن الصادر من المريض مرض الموت بغير رضاء الزوجة، ووفاة الزوج أثناء العدة، وأثره هو وقوع الطلاق وثبوت حق المطلقة فى الميراث، وشرطه كونها أهلاً لإرثه من وقت إبانتها إلى وقت الموت، وعلة ذلك، مرض الموت، ومقصده المرض الشديد الذي يغلب على الظن موت صاحبه يكون شرطه ملازمته له حتى الموت.
"مطلقة الفار" ترث رغم أن المطلقة بائناً لا ترث لانقطاع العصمة بمجرد الطلاق
بحسب "المحكمة" - أن النص فى المادة 3/11 من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 يدل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - على أن المشرع الوضعي قرر أخذاً بالمذهب الحنفي أن من كان مريضاً مرض الموت وطلق امرأته بائناً بغير رضاها ومات حال مرضه والزوجة لا تزال في العدة، فإن الطلاق يقع على زوجته، ويثبت منه من حين صدوره فإنه أهل لإيقاعه، إلا أنها ترثه مع ذلك بشرط أن تكون أهلاً لإرثه من وقت إبانتها إلى وقت موته، رغم أن المطلقة بائناً لا ترث لانقطاع العصمة بمجرد الطلاق، استناداً إلى أنه لما أبانها حال مرضه اعتبر احتياطياً فاراً هارباً، فيرد عليه قصده، ويثبت لها الإرث .
ووفقا لـ "المحكمة" - المقصود بمرض الموت أنه المرض الشديد الذى يغلب على الظن موت صاحبه عرفاً أو بتقدير الأطباء، ويلازمه ذلك المرض حتى الموت وإن لم يكن أمر المرض معروفاً من الناس بأنه من العلل المهلكة، فضابط شدته واعتباره مرض موت أن يعجز غير العاجز من قبل عن القيام بمصالحه الحقيقة خارج البيت فيجتمع فيه تحقق العجز وغلبة الهلاك واتصال الموت به.