صدر حديثًا عن دار "الآن ناشرون وموزعون"، رواية "هوشيلاجا" للكاتب سميح مسعود، تحكى عن معاناة السكان الأصليين فى أمريكا الشمالية، وتفاصيل ما عرضوا له من مآس وتنكيل على يد الغزاة المستعمرين الذين استوطنوا بلادهم، وجعلوا سكانها الأصليين على هامش الجغرافيا والتاريخ.
هوشيلاجا
وتظهر الرواية معالم إحدى الحضارات للسكان الأصليين فى مدينة قديمة اسمها "هوشيلاجا"، محيت من على الخارطة وأقيمت على أنقاضها مدينة مونتريال الحالية فى كندا، إذ وجدت فى ذاك الإقليم الذى تنتمى إليه هوشيلاجا حضارة ضاربة فى عمق التاريخ، كانت لها منجزاتها المادية والتنظيمية التى تدل على تقدم ذلك المجتمع ورخائه فى زمن مبكر من أزمان الحضارة الإنسانية، والرواية حرص فيها المؤلف على الربط بين قضيته بوصفه فلسطينيًّا هجر من أرض آبائه وأجداده، وقضية هؤلاء السكان، ذلك أن ملامح الظلم فى الحالتين تكاد تكون واحدة.
يقول سميح مسعود فى وصف المشاعر التى كانت تنتابه أثناء إقامته فى مونتريال على أنقاض "هوشيلاجا" وأمام نهرها العظيم: " قضيت وقتًا طويلًا من أيامى الأولى فى مونتريال، وأنا أزور النهر، أسير على جانبه، وأستعيد ذكرى أهله القدماء مرات إثر مرات، كان السكون يعمّ المكان، ولا أسمع سوى وقع خطواتي، وعندما يحين وقت الراحة كنت أجلس على مقعد خشبى على طرف النهر، بقرب جسر طويل يمتد فوق أمواجه.
ويسرد على لسان بطل الرواية مارفن كثيرًا من عبارات الشوق والحنين إلى تراث أجداده الذين تعرضوا إلى ما تعرض له الفلسطينيون من ظلم فادح: "أخذ الشخص الجالس بجانبى يغنى بكلمات لم أفهمها، وفى لحظة توقف عن الغناء ثم أخبرنى أنه يغنى بلغة أجداده من شعب الموهاك أصحاب النهر القدماء، عندما تم اكتشافهم أطلقوا عليهم اسم "الهنود الحمر" بمدلولات دونية واضحة، وبعد أن أباد المكتشف الأوروبى أجدادنا واحتل أرضنا أطلق على من بقى منّا اسم "السكان الأصليين، حشرونا فى محميات، لا نملك فيها سوى مساحة ضيقة من الأرض، وما زلنا نتخبط فيها فى خضم حياتنا المغلقة.
وتضمنت الرواية تفاصيل رحلة شارك فيها الكاتب أصدقاءه على متن قارب يعود لأحدهم فى نهر سان لوران، من التقائه بنهر أوتاوا حتى مصبه فى المحيط الأطلس، وتعرف فيها القراء على تاريخ مدينتى مونتريال وكيبيك اللتين بنيتا فى مكان قريتين قديمتين للسكان الأصليين، وفى هذا الاستكشاف يبرز كثير من ألم السكان الأصليين، وهو ما يتسرب للقارئ الذى تُستفز مشاعره الإنسانية حين يكتشف تفاصيل تلك للمرحلة.
سميح مسعود شاعر وكاتب، ولد فى حيفا عام 1938، ثم هُجّر مع عائلته عام 1948 إلى بُرقة التى تنحدر منها عائلته، وبعد أن أنهى دراسته الثانوية؛ درس فى جامعتى سراييفو وبلجراد فى يوغوسلافيا، وحصل فى عام 1967 على درجة الدكتوراه فى الاقتصاد من جامعة بلجراد، عمل مستشارًا اقتصاديًّا فى ثلاث مؤسسات إقليمية عربية، انتخب فى عام 1990 رئيسًا للاتحاد العام للاقتصاديين الفلسطينيين- فرع الكويت، وهو عضو رابطة الكتاب الأردنيين، يعمل مديرًا للمركز الكندى لدراسات الشرق الأوسط فى مونتريال/ كندا، ورئيسًا للصالون الثقافى الأندلسى فى مونتريال التابع للمركز نفسه، صدر له تسعة وثلاثون كتابًا فى مجالات الشعر والأدب، وعشرون كتابا فى الاقتصاد باللغتين العربية والإنجليزية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة