تناولت مقالات صحف الخليج، اليوم الثلاثاء، العديد من القضايا الهامة، أبرزها التغيرات الكبيرة التي باتت تشهدها المجتمعات إثر توغل مواقع التواصل الاجتماعى، وما خلقته من فجوات عميقة سلوكيا واجتماعيا، بالإضافة إلى التحديات التي يواجهها الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، بعد أيام من تولية البيت الأبيض.
سمير عطا الله
سمير عطالله: وسائل الحقد والخراب
قال الكاتب سمير عطالله في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط، إن قرار "تويتر" بإغلاق حساب دونالد ترامب، الألم، على حقيقتين رهيبتين؛ الأولى، أن الإنسان مهما بلغ من شأن، يمكن أن يقع في إغراء اللغة الساقطة، وأن يتجاوز الحدود الأخلاقية المتعارف عليها. الثانية، أن وسائل التواصل، قد أحدثت تغييراً عميقاً في سلوك الأفراد والجماعات، وأصبح بعضها وسيلة مباحة للتحريض على العنف والكره والبغض، وأسقط البعض الآخر جريدة وكتاب وقاموس الأجيال الطالعة.
إننا لا نعرف إلاّ القليل عن العالم الجديد الذي تصوغه وتشكّله قوى وجهات ومجموعات خالية من أي ضوابط أخلاقية. وهي تدخل البيوت وتعذب أهلها وترمي الشقاق والكذب بين الأهل. وتتسم الجرائم الناتجة أو المرفقة بالعنصر الإباحي، بالعنف والتعذيب. وأدّى ذلك إلى انتشار حالات التحرش والاغتصاب والسلوك البهيمي على نحو غير مألوف في تاريخنا. ومن جملة ما تستهله هذه الفواجر نعي المشاهير، مرة بعد مرة، من دون أن تلتفت إلى ما يترك ذلك في نفوس المعنيين أو محبيهم. وما بين إطلاق الشائعة ونفيها يكون قد مرّ دهر من القلق والحزن.
ويكاد هذا العالم الكاذب والمزيف والممتلئ شراً أن يحل محل العالم الأصيل. وهو ليس أقل شروراً ومكراً في أي حال. لكن الفارق الجوهري بينهما، هو أن الأصيل لا يزال خاضعاً لشيء من المسؤولية والمساءلة وأحكام القانون، أما الثاني فغاية مطلقة.
من دون أن ندري أصبحنا جميعاً نتابع اللغة الإلكترونية. وأصبحت صحفنا الكبرى، رغماً عنها، تنقل إلينا هموم عصرنا ومستوياته. وكيف تجعل فنانة عادية مسألة غير عادية من الدفاع عن حقها في إبراز ما تشاء من الناتئ والمكشوف في مهرجانات وسباقات الأزياء الجديدة، والقائمة على ما حذف من الثوب وما كشف مما لا يُحذف.
تظل اللغة هي الأسوأ. وقد تحولت في لبنان إلى ميليشيا تخوض حرباً أهلية باردة لكنها سامة وموجعة. وكنا نعتقد قبل الوسائل أن أجواء العرب موبوءة بما يكفي، لكن يبدو أن لا شيء يروي حيتان الحقد.
هيلة المشوح
هيلة المشلوح: إيران.. والدور التخريبي
قالت الكاتبة هيلة المشلوح في مقالها بصحيفة عكاظ السعودية، إن إيران تشكل عقبة في سبيل السلام والاستقرار العالمي، ومعضلة كبرى أمام أي إدارة أمريكية منذ تولي الرئيس جيمي كارتر 1977م حتى يومنا هذا، فإيران الثورة ليست مجرد قنبلة موقوتة بحكم برنامجها النووي الخطير فحسب، بل تشكل صعوبات متمثلة في وضع استراتيجية تسفر عن تغير سلمي في كيفية تعامل ساستها مع الدول المجاورة لها بل ومع العالم أجمع.
منذ وصول الخميني إلى السلطة عام 1979م والعنصر المذهبي المقيت يلعب دوراً محورياً في رسم السياسة الخارجية لإيران بحسب ولاية الفقيه التي تتمثل في السلطة الدينية للمرشد الأعلى التي تعلو على أي سلطة أخرى حتى لو كانت السلطة المدنية المتمثلة في رئيس الدولة، ودستور ينص على تصدير الثورة وانتهاك سيادة دول الجوار لنشر الفوضى والقلاقل المذهبية، ما يفضي إلى التمدد في تلك الدول، وبالتالي الهيمنة عليها كلياً كما يحدث حالياً في 4 دول عربية (سوريا، لبنان، العراق، اليمن).
تتباين السياسة الأمريكية إزاء إيران مع تغير الإدارات فيها، وهذه النمطية السياسية المتغيرة بحد ذاتها كانت ذريعة لتفاقم سلوك إيران الإجرامي في المنطقة، فسنوات من الرخاء والاتفاقات الوهمية مع إدارة ما كفيلة بتغطية خسائرها السياسية مع إدارة أخرى تماماً كما حدث بين ولايتي الرئيسين أوباما وترامب من اتفاقيات نووية وإلغائها، حتى أصبح الإرهاب الإيراني معضلة لا تحتمل سياسات أخرى تخالف ما قد تم في عهد الرئيس ترامب من عقوبات وضغوطات سياسية واقتصادية، وهذا ما يتحتم تكريسه في الفترة القادمة من خلال إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للحد من الدور التخريبي لإيران في المنطقة وامتثالها للاتفاقيات الملزمة للتأكد من أن ما تدعيه من أعمال نووية سلمية ليست سوى غطاء لتطوير سلاحها النووي.
يوسف مكى
يوسف مكى: مرحلة بايدن.. مصاعب وتحديات
قال الكاتب يوسف مكى في مقاله بصحيفة الخليج الإماراتية، إن جوزيف بايدن، توج أخيرا رئيساً للولايات المتحدة، وانتهى مهرجان الفرح، لتبدأ مرحلة مواجهة المشكلات المستعصية التي تعانيها البلاد، وهي كثيرة. وفي طريقه للبيت الأبيض، عقب تنصيبه مباشرة، غرد بايدن على توتير قائلاً: "لا يوجد وقت نضيعه عندما يتعلق الأمر بمواجهة الأزمات التي نواجهها."
بدأ الرئيس الجديد ولايته، في يومه الأول، بمحاولة إزالة إرث الرئيس السابق، حيث وقع على خمسة عشر أمراً رئاسياً. والأهم بين هذه الأوامر إقرار سلسلة من الإجراءات لمواجهة فيروس كورونا الذي أودى بحياة أكثر من 400 ألف أمريكي، تضمنت فرض ارتداء الأقنعة لمدة 100 يوم. كما تناولت هذه الأوامر قضايا استراتيجية مهمة، من ضمنها العودة لاتفاق باريس للتغيير المناخي، من أجل تقليص انبعاثات الكربون، وتحقيق المساواة بين الأمريكيين بمختلف أعراقهم، وإلغاء قرار منع المواطنين من بعض الدول الإسلامية من الدخول للولايات المتحدة. كما ألغى بايدن تمويل بناء الجدار على الحدود مع المكسيك.
هل ستتكفل سياسة بايدن الجديدة بحل المعضلات التي تواجه بلاده، وتعيد الاعتبار لحضورها الدولي؟
فالتراجع الأمريكي في موازين القوة الدولية ليس من صنع ترامب، بل هو نتاج تراكمات، وصعود قوى وتكتلات دولية جديدة، بدأت بالإفصاح عن ذاتها، مع بداية هذا القرن، حيث أشار مفكرون أمريكيون، كهنري كيسنجر، وصامويل هانتجنتون، عن نهاية الأحادية القطبية، وبروز أقطاب دولية جديدة، تنافس أمريكا في موازين القوة الاقتصادية. بل إنه يحسب للرئيس ترامب أنه حاول الحد من الاندفاع الاقتصادي الصيني، وإن لم تنجح تلك المحاولات، في تحقيق أهدافها.
وتواجه الإدارة الأمريكية الراهنة، مشاكل عويصة، لعل أهمها انقسام المجتمع الأمريكي، وهو تصدع لن يكون بالإمكان رتقه. فالعنصر الأبيض الذي هيمن على مقادير السلطة والثروة، أكثر من أربعة قرون، لن يقبل بسهولة التخلي عن مواقعه السياسية والاقتصادية لمصلحة أعراق أخرى. وربما يفسر لنا ذلك، كيف أن 75 مليون من الأمريكيين قد منحوا أصواتهم في الانتخابات الرئاسية الأخيرة لترامب، رغم فشله في معالجة الانهيارات التي تسببت بها جائحة كورونا.
وإذا ما تمكن الرئيس بايدن من الحصول على موافقة الكونجرس ومجلس الشيوخ، لإعفاء 11 مليون مهاجر غير شرعي، ومنحهم الجنسية الأمريكية، فإن ذلك سيوسع بالتأكيد الفارق الديموغرافي بين البيض والمكونات العرقية الأخرى، ويضاعف من حدة الانقسام داخل المجتمع الأمريكي.
في المقابل، هناك حزب قوي، لكنه مترهل إلى حد كبير، حيث يضم في جنباته أقصى اليمين وأقصى اليسار، وهو تحالف هش، مهدد بالتفكك. وربما يكون تفككه هو المدخل لإنقاذ الديمقراطية، بنسختها الأمريكية، لكن ذلك لا يبدو متاحاً، في الأمد القريب، فمهرجان النصر، واحتكار الديمقراطيين للسلطتين التنفيذية والتشريعية، سيطيل أمد وحدة الحزب الديمقراطي، لكن إلى حين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة