تصاعدت وتيرة الأنشطة التركية الهدامة فى أفريقيا خلال عام 2020 حيث كانت ولا تزال فى بؤرة الاستهداف التركى الذى يصنع الإرهاب فى القارة ويزعم أنه يكافحه فى نفس الوقت، وهو المخطط الذى يتبناه نظام رجب طيب أردوغان منذ عام 2005 لاعبا على حبال مشاكل الأقليات الدينية والعرقية انطلاقا من الصومال، ويتم ذلك بطبيعة الحال توازيا مع تمدد للتواجد الدبلوماسى التركى فى دول القارة من خلال زيادة عدد بعثات التمثيل الدبلوماسى التركية فى دول القارة من 12 إلى 39 سفارة بحلول عام 2017، كما زادت الخطوط الجوية التركية من رحلاتها المنتظمة من وإلى البلدان الأفريقية لتغطى 52 عاصمة ومدينة أفريقية بنهاية 2017 مقابل 14 عاصمة ومدينة أفريقية فى عام 2011.
وأكدت دورية "جلوبال سيكيوريتى الأمريكية" المتخصصة فى الشئون العسكرية والدفاعية بحسب تقرير نشرتة "وكالة أنباء الشرق الأوسط" أن الدبلوماسيين الأتراك يعمدون إلى استغلال المشاعر الدينية للتجمعات السكانية المسلمة فى بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وفى مقدمتها نيجيريا والنيجر ومالى والسنغال لنسج شبكات النفوذ والمصالح التركية مع مسلمى أفريقيا وساستها ورجال أعمالها المسلمين وتعبئتهم كجماعات سياسية ضاغطة على حكومات بلدانهم، وقد انكشف ذلك جليا فى طلب تركيا من تلك التجمعات المسلمة إغلاق المدارس التابعة لجماعة عبد الله جولن فى أعقاب المحاولة الانقلابية التى شهدتها تركيا فى يوليو 2016.. وباشرت تلك التجمعات حملات ضغط على حكومات دولها من أجل ذلك.
متطرفون بالصومال
وقال الخبراء، إنه لا يمكن فصل التمدد التركى الجديد فى الصومال التى تعد بوابة القرن الأفريقى عن هذا الاستهداف التركى لأفريقيا ككل، ويؤكدون أن أطماع التمدد الإقليمى للأتراك هدفه السعى إلى التسلل إلى أفريقيا عامة ومنطقة القرن الأفريقى ذات الأهمية الاستراتيجية بشكل خاص ويتم من خلال مسارات متعددة تتسم جميعها بالانتهازية التى من أشكالها أساليب ابتزاز المشاعر الدينية وحالة الفقر والاقتتال الأهلى بين الأفارقة.
ويعد المراقبون، أن العلاقات التركية الصومالية تقدم حالة واضحة للمطامع التركية فى أفريقيا، حيث تم تدشين قاعدة عسكرية تركية فى الصومال نهاية ديسمبر 2019، وما تلا ذلك من مساعى أنقرة للسيطرة على جزر أخرى فى البحر الأحمر من بينها جزيرة سواكن السودانية.
الصومال
يأتى ذلك التوجه التركى صوب الصومال خلال 2020 فى وقت تنسحب فيه القوات الأمريكية من الصومال يصاحبه خروج 22 ألفا من قوات حفظ السلام الأفريقية من الصومال بنهاية 2020 وهو ما تعتبره الاستخبارات التركية "فجوة أمنية" يتعين استثمارها.
واعتبرت دوائر الاستخبارات الغربية - التى كانت تحركات أنقرة مكشوفه لها - أن نظام أردوغان استغل خطة إنهاء مهمة حفظ السلام الأفريقية فى الصومال (أميصوم) فى عام 2020 لتقدم نفسها كداعم لجهود إعادة بناء قوات الجيش الصومالية، ووفقا لتلك المعادلة تتكشف حقيقة القاعدة التركية الجديدة فى الصومال وهو أنها ليست سوى بوابة تدخل تركى شديد الخطورة على منطقة القرن الأفريقى وتجسيدا لسعى تركيا من خلال قاعدتها وتحت غطاء الإسهام فى تدريب القوات الصومالية إلى كسب أوراق لعب جديدة على طاولة أوضاع قابلة للتفجر فى منطقة القرن الأفريقى الذى تتسابق عليه أطراف وقوى أجنبية وإقليمية عديدة.
أردوغان
وأنفقت تركيا على قاعدتها العسكرية فى الصومال 50 مليون دولار.. وقالت إنها ستكون قادرة على استيعاب 10 آلاف متدرب صومالى وإسهام تركى فى "عملية البناء المؤسسة" للأجهزة الأمنية والعسكرية الصومالية استعدادا للعام 2020 الذى سيشهد انتهاء مهمة عمل قوات الاتحاد الأفريقى لحفظ السلام فى الصومال.
واعتبرت الدورية الأمريكية أن ما سبق وما قدمته تركيا من مساعدات إنسانية وإنمائية للصومال لم يكن خالصا لوجه هذا البلد الفقير بل كانت مقدمة لتأمين قبول حكومة الصومال للتواجد العسكرى التركى على أراضيه من خلال تدشين القاعدة العسكرية التركية فى الصومال فى ديسمبر من العام الماضي، فخلال المجاعة التى تعرض لها الصوماليون فى 2011 وأودت بحياة 250 ألفا منهم أرسلت تركيا مساعدات إغاثية، وقام رئيس وزرائها آنذاك رجب طيب أردوغان بزيارة للصومال افتتح خلالها دار السفارة التركية الجديدة فى مقديشيو والتى وصفت آنذاك بأنها الأضخم بين سفارات الدول الأجنبية فى الصومال، كما ضخت تركيا استثمارات فى تشييد ميناء مقديشيو ومطارها الدولى ودشنت أنقرة مسارا جويا منتظما للخطوط الجوية التركية من وإلى الصومال وعمدت إلى عزل الصومال عن عمقها العربى.
أما على صعيد التبادل التجارى فقد سجلت تجارة البلدين البينية 3ر72 مليون دولار أمريكى فى عام 2015 - 2016 ومال ميزانها بطبيعة الحال لصالح الأتراك الذين يصورون للأفارقة أنهم يكافحون الإرهاب بينما هم فى طليعة صانعيه والمستفيدين من توظيفه وتقدم المساعدات للأفارقة بيد وتعبث بمقدرات وثروات بلدانهم باليد الأخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة