لا ينكر أحد أن جبران خليل جبران احتل مكانة مميزة فى تاريخ الثقافة العربية، رآه كثيرون فاتحًا لأبواب لم تفتح من قبل فى الثقافة، ورآه آخرون معبرا بصدق عما يودون قوله، لكن أنا كيف رأيته؟
دائما ما أرى جبران خليل جبران رجلا حزينا، وبالفعل كانت حياته صعبة، وهو لم ينس ذلك، يتذكر وهو السابعة من عمره، أباه وهو يحاكم بتهمة السرقة والاختلاس ويسجن وتصادر أملاكه، يتذكر عندما هاجر إلى نيويورك وقد تم وضعه فى فصل خاص بالمهاجرين مما جعله يشعر بالتفرقة مبكرا، يتذكر عندما عملت والدته "خياطة متجولة" مما جعله يحس بالذنب تجاهها طوال الوقت، يتذكر عندما طارد مرض "السل" كل الذين أحبهم أخته وأخيه.
دائما ما رأيته جبران فيلسوفا، والعالم كله عرف جبران ويكاد يكون الأديب العربى الوحيد الذى ترك أثره على النفوس الغربية أكثر مما أثر فى العرب، خاصة أمريكا اللاتينية، حيث كان لكتابه الشهير "النبى" أن منح هذا الشاعر الجميل لقب فيلسوف، كما كان يعرف عنه أنه أكثر الشعراء مبيعا بعد شكسبير.. ولنا أن نشاهد أى روح متأملة كانت تسكن فى صفحات هذا الكتاب الذى يعتبر من أفضل ما أبدع فى العصر الحديث.
وآراه عاشقا، فالحب سيد لا يقدر واحد على عصيانه وكان لجبران ومى زيادة حدوتة جميلة فى هذا الشأن، كان من أثرها أن وسمته بصفات كثيرة من الإنسانية مما جعل القادمين من بعده يتساءلون كيف كان جبران خليل جبران حتى تختاره مى زيادة دون الجميع حتى أن الكثيرين حسدوه لما كانت تمثله لهم مى زيادة من أيقونة مختلفة تعبر عن المرأة المثقفة.