صور الشعر العربى الأنثى على مر العصور بطرق مختلفة فعلى مدى المراحل الزمنية المختلفة اختلفت طرق التعبير من الغزل الصريح إلى الغزل العفيف وكذلك الإفصاح عن مكانة عالية جدا للأنثى لدى بعض الشعراء، وهنا نذكر مقتطفات عن الأنثى في الشعر العربى وفقا لكل مرحلة زمنية، بمناسبة اليوم العالمى للفتيات.
العصر الجاهلى
البداية مع عنترة بن شداد الذى صور أنثاه عبله بكثير من الاحترام بل والفخر بكونها محبوبته كما أسس لما يعرف بالغزل العفيف فقد كان غزله في عبله موقوفا عند التغنى بتفردها ومكانتها العظيمة لديه بل وذكرها في كافة المواضع وإن كان الحرب ومن ذلك قوله:
ولقد ذكرتك والرماح نواهل منى وبيض الهند تقطر من دمى
فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم
العصر الإسلامى
كان عمر بن أبى ربيعة ممن عاشوا عصر صدر الإسلام وقد تواتر شعره بمطارحاته الغرامية طوال أيام الشباب، واقترن اسمه بشعر الغزل، فما كتبه في الأنثى أكثر مما كتبه في غيرها.
ومن شعره نعلم أنه كان منقطعا لأحاديث الظريفات من بنات مكة والمدينة، وكان ينتظر أيام الحج؛ ليَلقى الحسان القادمات من العراق والشام واليمن، أو يتعرض لهن في الطواف فيتجنبنه حينا ويزجرنه حينًا مخافة التشهير، وهو القائل في وصف هذه المواقف:
وكم من قتيل لا يُباء به دم ومن غلق رهنًا إذا ضمه مِنَى
وكم مالئ عينيه من شيء غيره إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمى
فلم أر كالتجمير منظر ناظر ولا كليالي الحج يفتنَّ ذا الهوى
العصر العباسى
في العصر العباسى لم يتغير الأمر كثيرا فقد كان كان للأنثى مكانتها فى قلوب الرجل وقد عبر عن ذلك الشعراء ومن ذلك قصيدة شهير لابن زريق البغدادى الذى هده الفراق لدى مغادرته محبوبته فجعل ينشئ فيها الشعر حتى مات فلقد وجدوا قصيدته لها تحت رأسه بعد اكتشافهم وفاته وتأخذ هذه القصيدة فى التاريخ الأدبى أسماء ثلاثة: عينية ابن زريق، وفراقية ابن زريق، وفيها يقول:
اِستَودِعُ اللَهَ فِى بَغدادَ لِى قَمَراً
بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ
وَدَّعتُهُ وَبوُدّى لَو يُوَدِّعُنِي
صَفوَ الحَياةِ وَأَنّى لا أَودعُهُ
وَكَم تَشبَّثَ بى يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً
وَأَدمُعِى مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ
لا أَكُذب اللَهَ ثوبُ الصَبرِ مُنخَرقٌ
عَنّى بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُهُ
إِنّى أَوَسِّعُ عُذرى فِى جَنايَتِهِ
بِالبينِ عِنهُ وَجُرمى لا يُوَسِّعُهُ
رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ
وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ
وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلا
شَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ
اِعتَضتُ مِن وَجهِ خِلّى بَعدَ فُرقَتِهِ
كَأساً أَجَرَّعُ مِنها ما أَجَرَّعُهُ
كَم قائِلٍ لِى ذُقتُ البَينَ قُلتُ لَهُ
الذَنبُ وَاللَهِ ذَنبى لَستُ أَدفَعُهُ
القصيدة وجدت عند رأس ابن زريق عند موته، وهى من عيون الشعر، وقد حظيت بدراسة الشعراء، والأدباء، حتى عارضها الشاعر أبو بكر العيدى بقصيدة مكونة من 49 بيتاً.
العصر الحديث
في العصر الحديث لم يخل الغرض الشعرى من تبجيل الأنثى وذكرها بالمحاسن وهنا يبرز شخص الشاعر محمود سامى البارودى في غرض الرثاء فقد أناخ معينه واهبط بسمائه فراق زوجته التى توفت في حياة عينه فقال فيها ما قال من رثاء تدمع لخ العين إذ قال:
أعزز على بأن أراكِ رهينة
فى جَوْفِ أَغْبَرَ قاتِمِ الأَسْدَادِ!
أَوْ أَنْ تَبِينِى عَنْ قَرَارَةِ مَنْزِلٍ
كُنْتِ الضِيَاءَ لَهُ بِكُلِّ سَوَادِ
لَوْ كَانَ هَذَا الدَّهْرُ يَقْبَلُ فِدْيَةً
بِالنَّفْسِ عَنْكِ لَكُنْتُ أَوَّلَ فَادِي
أَوْ كَانَ يَرْهَبُ صَوْلَةً مِنْ فَاتِكٍ
لَفَعَلْتُ فِعْلَ الْحَارِثِ بْنِ عُبَادِ
لَكِنَّهَا الأَقْدَارُ لَيْسَ بِنَاجِعٍ
فِيها سِوَى التَّسْلِيمِ وَالإِخْلادِ
فَبِأَى مَقْدِرَةٍ أَرُدُّ يَدَ الأَسَى
عَنِّى وَقَدْ مَلَكَتْ عِنَانَ رَشَادِي
مَا … نَاحَتْ مُطَوَّقَةٌ عَلَى الأَعْوَادِ
الشعر الحر ونزار قبانى
إذا ما تركنا الشعر العمودى وانطلقنا إلى آفاق أرحب حيث شعر التفعيلة والنثر نجد من اهتم بالأنثى وبالأنوثة على وجه خاص ومن أهم هؤلاء المهتمين بالأنثى نزار قبانى الذى نطقت قصائده برفع المرأة إلى مكانة مرتفعة، وقد تجاوز غرض الغزل إلى غرض التبخيل في بعض القصائد وإن تناول المرأة في قصائدة الأولى من ناحية غزلية صريحة جدا.
وبعد نزار لم يزل الشعر يعبر عن الأنثى بطرق مختلفة غير أن الشعر تجاوز أغراضه في قصيدة النثر فبقى التعبير عن حب الأنثى ومكانتها بطريقة غنائية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة