أصدرت الدائرة التجارية – بمحكمة النقض – حكماَ قضائياَ رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية، بشأن تحصيل فواتير الكهرباء، قالت فيه : "شركات الكهرباء في تعاملها مع الغير- تعتبر تاجراً، وتتقادم الحقوق الخاصة بها بمرور سنة واحدة إعمالا لحكم المادة 378/3 مدنى"، وهو ما يفرض على شركات الكهرباء بتحصيل مستحقاتها قبل مرور سنة.
وتابعت: "إن الدفع بالتقادم لا يتعلق بالنظام العام، فلا تملك المحكمة القضاء به من تلقاء نفسها، وينبغي التمسك به أمام محكمة الموضوع في عبارة واضحة ولا يغنى عن ذلك التمسك بنوع آخر من أنواع التقادم، لأن لكل تقادم شروطه وأحكامه، وأن شركة الكهرباء شركة مساهمة تتولى حسب قانون إنشائها وفى علاقتها بالغير توزيع وبيع الطاقة الكهربائية وفقاً للائحة التجارية الخاصة بها فإنها في هذا الصدد تعد تاجراً وتتقادم حقوقها بسنة واحدة إعمالاً لحكم المادة 378/3 مدنى".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 17215 لسنة 85 قضائية برئاسة المستشارعبد العزيز إبراهيم الطنطاوى، وعضوية المستشارين عبد الله لملوم، وصلاح الدين كامل سعدالله، والريدى عدلى، وياسر إكرام أنصار.
الوقائع..
نزاع بين شركة الكهرباء وشركة أخرى بسبب فواتير كهرباء 45 مليون جنيها
الوقائع - علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى، أقامت على الشركة الطاعنة الدعوى رقم 72 لسنة 2011 تجارى الإسكندرية الابتدائيـة، بطلب الحكم بإلزامها بأداء مبلغ 45 مليون جنيها، والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية في 4 يونيو 2010 على سند من أنه بموجب محضر مطابقـة مؤرخ 20 يونيو 2010 تداين الشركة المطعون ضدها الأولى الطاعنة بالمبلغ محل الدعوى عن قيمة الطاقة الكهربائية الموردة منها، فطالبتها بالسداد بموجب الإنذار المؤرخ 26 سبتمبر 2010، فامتنعت فكانت دعواها.
الشركة المطعون ضدها تطالب بإدخال الشركة الأم باعتبارها تابعه لها
في تلك الأثناء - أدخلت المطعون ضدها الأولى الشركة المطعون ضدها الثانية خصماً في الدعوى، فندبت المحكمة خبيراً فيها، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 31 يناير 2014 بعدم قبول طلب الإدخال، وإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدى للشركة المطعون ضدها الأولى المبلغ المطالب به وفوائدها القانونية بواقـع 5% من تاريخ المطالبة القضائية في 26 سبتمبر 2010، ثم استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 269 لسنة 70 قضائية، كما استأنفته الشركة المطعون ضدها الأولى بالاستئناف رقم 874 لسنة 70 قضائية لدى محكمة استئناف الإسكندرية والتي قضت بتاريخ 26 يوليو 2015 بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض.
ماذا قالت مذكرة الطعن عن رفض محكمة أول درجة لإدخال الشركة الثانية؟
مذكرة الطعن استندت على 3 أسباب بالنسبة لرفض الإدخال، حيث ذكرت أن الشركة الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الأول، والسبب الثانـى على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ذلك أنه أيد الحكم الابتدائي في رفض طلب إدخال الشركة المطعون ضدها الثانية في الدعوى على سند من أن الطاعنة مستقلـة عنها ولها شخصيتها الاعتبارية، حال كون الأولى هي المسيطرة عليها وتباشـر العديد من الصلاحيات، وتعين مجلس إداراتها، وبالتالي فإنها مسئولة عما عليها من التزامات، سيما وأنها قدمت المستندات التي تفيد تبعيتها لها والتزام الأخيرة بأداء ما عليها من مديونيات، ومنها الحكم الصادر في الدعوى رقم 738 لسنة 2003 بما يعيبه ويوجب نقضه.
رد محكمة النقض على رفض إدخال الشركة الثانية
فيما ردت محكمة النقض على هذه الأسباب الثلاثة خلال حيثيات الحكم، بأن هذا النعى غير سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن مؤدى النصوص المواد 16/3، 24 من القانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال العام وللمادة 53 من القانون المدنى أن الشركة التابعة لها كيان قانونى مستقل عن الشركة القابضة، ولها ذمة مالية مستقلة، كما لها حق التقاضى، ونائب يعبر عن إرادتها ويمثلها أمام القضاء ولا يغير من ذلك أن تباشر الشركة القابضة التي تتبعها هذه الشركة سلطة الرقابة والإشراف عليها لأن كل ذلك لا يفقد الشركة التابعة شخصيتها الاعتبارية وذمتها المالية المستقلة، ولا يضغى على الشركة القابضة صفـة في تمثيلها أمام القضاء ولا يجعلها مسئولة عن التزاماتها.
وبحسب "المحكمة": لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائـى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد رفض طلب إدخال الشركة المطعون ضدها الثانية في الدعوى على سند من أن الشركة الطاعنة تتمتع بالشخصيـة الاعتبارية المستقلة ولها ممثل القانوني هو عضوها المنتدب، ومن ثم يضحى طلب إدخال الشركة القابضة – المطعون ضدها الثانية – هو اختصام لمن لا صفـة له، فإنه يكون وافق صحيح حكم القانون ويضحى النعى عليه على غير أساس، لا سيما وأن الطاعنة لم تقدم رفق طعنها صور رسمية من الأحكام المنوه عنها، بوجه النعى.
الجزء الثاني من مذكرة الطعن يستند على التقادم الخمسي وسقوطه
وأما عن الجزء الثاني من مذكرة الطعن – فذكرت أن الشركة الطاعنة تنعى بالوجهين الثانى من السبب الأول والثالث على الحكم المطعن فيه أنه أيد الحكم الابتدائي في رفضه للدفع المبدى منها بسقوط حق المطعون ضدها الأولى في الدين محل النزاع بالتقادم الخمسي استناداً إلى وجود محضر مطابقة لقيمة استهلاك التيار الكهربائي في غضون عام 2011 حال كون ذلك الدين هو تراكم القيمـة استهلاك الكهرباء الشهري، فيسرى عليه التقادم الخمسي المنصوص عليه بالمادة 375 مدنى باعتبار حقوق دورية متجددة مما يعيبه ويوجب نقضه.
المحكمة في حيثيات الحكم ردت على تلك الجزئية بقولها: هذا النعى في غير محله، ذلك بأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الدفع بالتقادم لا يتعلق بالنظام العام فلا تملك المحكمة القضاء به من تلقاء نفسها، وينتفى التمسك به أمام محكمة الموضوع في عبارة واضحة ولا يغنى عن ذلك التمسك بنوع آخر من أنواع التقادم، لأن لكل تقادم شروطه وأحكامه وأن شركة الكهرباء – شركة مساهمة تتولى حسب قانون إنشائها وفى علاقتها بالغير توزيع وبيع الطاقة الكهربائية وفقاً للائحة التجارية الخاصة بها فإنها في هذا الصدد تعد "تاجر" أو تتقادم حقوقها بسنة واحدة إعمالاً لحكم المادة 378/2 مدنى.
شركات الكهرباء فى تعاملها مع الغير تعتبر "تاجراً" وتتقادم الحقوق الخاصة بمرور سنة واحدة
وبحسب "المحكمة": وإذ تمسكت الشركة الطاعنة بتقادم الحق في المطالبة بالتقادم على أساس أن المبلغ المطالب به، هو دورة يتجدد ما دون أن تتمسك بالتقادم الحولى المنطبق على واقعة التداعى، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه المؤيد الحكم الابتدائى إلى رفض الدفع بالتقادم الخمسى على سند من انه ليس من الحقوق الدورية المتجددة ولا ينطبق عليه نص المادة 375 من القانون المدني، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة، سيما وأن تمسك الطاعنة بالتقادم الخمسي لا يغنى عن تمسكها بالتقادم الحولي – المنطبق على الواقعة – لأن لكل تقادم شروطه وأحكامه، ومن ثم يكون النعي في هذا الخصوص على غير أساس .
الشركة الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثالث على المطعون فيه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ أيد الحكم الابتدائي في رفض الدفع المبدى منها بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني، رغم توافـر شروط أمر الأداء حال كون الدين محل النزاع فواتير استهلاك الكهرباء معينة المقدار وحال الأداء، مما يعيب الحكم ويوجب نقضـه.
رد المحكمة على النعى أو السبب السابق
ووفقا لـ"المحكمة": هذا النعى غير سديد، ذلك بأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن مفاد نص المادة 201 من قانون المرافعات أن طريق أوامر الأداء هو استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوى ابتداءً، فلا يجوز التوسع فيه ولا يجوز سلوكه إلا إذا كان حق الدائـن ثابتاً بالكتابـة وحال الأداء وكان كل ما يطالب به ديناً من النقود معين المقدار أو منقولاً معيناً بنوعه ومقداره وأن قصد المشرع قد تعيين مقدار الدين بالسند ألا يكون بحسب الظاهر من عباراته قابلاً للمنازعة، فإذا تخلف شرط من هذه الشروط وجب على الدائـن اتباع الطريق العادي في رفع الدعوى وكان المقصود يكون الالتزام معين المقدار أن يكون تحديد مقداره قائماً على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة رحبة في التقدير.
لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه المؤيد بالحكم الابتدائي رفض الدفع بعد قبول الدعوى لعدم سلوك طريق أمر الأداء تأسيساً على أن محضر المطابقة المؤرخ 4 يونيو 2010 سند الدعوى لم يبين منه تحديد الطرف الدائـن أو المدين وجاء مجهلاً إذ اقتصر على بيان عدم اختلاف أرصدة الشركتين وهو ما تخلص معه المحكمة أنه لا يكفى بذاته تحديد مقدار المدين ولا تتوافر به شروط استصدار أمر الأداء ولما كان هذا الاستخلاص سائغاً ويؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها وله أصلـه الثابت بالأوراق ، فإن النعى عليه على غير أساس لا سيما وأن فواتير الكهرباء ومحاضر المطابقة التي تصدر من الشركة المطعون ضدها الأولى – الدائنة غير موقع عليها من الطاعنة – المدينة – مما مؤاده أنها لا تتوافـر فيهـا شروط أمر الأداء بما يضحى النعى في هذا الخصوص غير سديد .
الشركة الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من السبب الثالث
حيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانونن أنه ألزمتها بالفوائد القانونية من تاريخ الإنذار بالسداد الحاصلـة في 26 سبتمبر 2010، بجنايـة تاريخ المطالبة القضائيـة في حين أن تاريخ إقامة الدعوى الحاصل في 7 مارس 2011 ، هو تاريخ المطالبة للقضاء بالفوائد، أن وجدت، وليس من تاريخ الإنذار، مما يعيبه ويوجب نقضـه.
ردت المحكمة على هذا النعى بقولها : هذا النعى سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الأصـل طبقاً للمادة 226 من القانون المدنى هو سريان الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائيـة بها ما لم يحدد الاتفاق أو العرف التجارى تاريخاً آخر لسريانها أو ينص القانون على غير ذلك، وأن التنبيه بالوفاء لا يعد من قبيـل المطالبـة القضائية، أنما هو تسجيـل التأخير على المدين، والغرض إثبات تأخر المدين في الوفاء بالتزامه ومؤدى ذلك أن تسري الفوائد القانونية من تاريخ رفع الدعوى.
وحيث إن الموضوع صالح للفصـل فيه – وفى حدود ما تم نقضه من الحكم المطعون فيه ولما تقدم، فإن المحكمة تقضى بتعديـل الحكم المستأنف فيما قضى به من فوائد قانونية بجعل تاريخ سريانها اعتباراً من 7 مارس 2011.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة