أصدرت الدائرة المدنية "أ" بمحكمة النقض حكماَ، ينهى النزاع المستمر مع المتعاملين مع المقاولين من الباطن بشيك بنكى بديلا لخطاب الضمان سواء لتغطية الدفعة المقدمة أو التأمين النهائي، أرست فيه مبدأ قضائيا حيث أجازت للمدين بقيمة الشيك – الساحب - إثبات أن الشيك كان أداة ضمان وليس أداة وفاء، وقالت: "الشيك قد يكون أداة ضمان وليس أداة وفاء كما هو معلوم ومتبع".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 361 لسنة 85 القضائية – برئاسة المستشار عبد العزيز إبراهيم الطنطاوى، وعضوية المستشارين الريدى عدلى، ومراد زناتى، وسامح عرابى، ومحمد عبد الحميد عمر.
نزاع بين مقاول من الباطن وشركة بسبب إصدار شيك
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها تقدمت بطلب إلى رئيس محكمة الإسكندرية الابتدائية بصفته قاضى الأمور الوقتية والأداء لاستصدار أمر أداء ضد الطاعن بإلزامه بأن يؤدى لها مبلغ 200 ألف جنيه، وذلك على سند من القول إنه أصدر شيكاَ لها مسحوب على بنك "......" الدولى فرع "......" – البنك "....." حاليا – بالمبلغ المذكور، ورفض الأخير الصرف لعدم كفاية الرصيد وإذ امتنع الطاعن عن السداد، ما حدا بالشركة المطعون ضدها إلى التقدم بطلبها، وإذ رفضت إصدار الأمر قيدت الدعوى برقم 208 لسنة 2009.
المقاول يؤكد أن الشيك للضمان وليس للوفاء
وتداولت الدعوى لنظر الموضوع، وجه الطاعن دعوى فرعية بطلب القضاء ببراءة ذمة الطاعن من قيمـة الشيك واحتياطياً تقادم الدعوى الأصلية لانقضاء ميعاد تقديم الشيك ومن باب الاحتياط الكلى بإلزام الشركـة المطعون ضدها بتقديم نسخة من ميزانيتها عن الأعوام 2005 حتى 2008 والإحالة للتحقيق لإثبات أن الشيك للضمان، بتاريخ 27 مايو 2010 حكمت المحكمة بوقف الدعوى تعليقياً لحين الفصـل في الدعوى رقم 1 لسنة 2010 تجارى كلى الإسكندرية بحكم نهائـى، استأنفت الشركة المطعون ضدها ذلك القضاء بالاستئناف رقم 751 لسنة 66 ق وبتاريخ 9 فبراير 2011، ثم قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصـل في موضوعها.
وفى تلك الأثناء - ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن أودع تقريره، قضت بتاريخ 27 مارس 2014 أولاً بالنسبة للدعوى الفرعية باعتبارها: "كأن لم تكن"، وثانياً: في الدعوى الأصليـة بإلزام الطاعن بأن يؤدى للشركة المطعون ضدها مبلغ 200 ألف جنيه، ثم استأنف الطاعن ذلك القضاء بالاستئناف رقم 506 لسنة 70 ق أمام محكمة استئناف الإسكندرية، وبتاريخ 3 نوفمبر 2014 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفـى الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
مذكرة الطعن تستند على أن الشيك حرر على سبيـل الضمان
واستندت مذكرة الطعن على عدة أسباب، حيث قالت إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول أنه تمسك بدفاع حاصله أن الشيك موضوع النزاع حرر للشركة المطعون ضدها على سبيـل الضمان بحسب طبيعـة العلاقة بينهما، وأنه لا يمثل مديونية حقيقية تصلح للاقتضاء وطلب إحالـة الاستئناف للتحقيق لإثبات ذلك، كما طلب إلزام الشركة المطعون ضدها بتقديم نسخـة من ميزانيتها عن الأعوام من 2005 حتى 2008 المعاصرة لتاريخ الشيك لكون الأخير لو كان للتحصيل لأُدرج في الميزانية، فضلاً عن أن تقرير الخبيـر في الدعوى رقم 1 لسنة 2010 تجارى كلى الإسكندرية أكد صحة دفاع الطاعن إلا أن الحكم المطعون فيـه التفت عن ذلك الدفاع بما يعيبه ويستوجب نقضـه.
الأصل أن الشيك أداة وفاء وعلى من يدعى خلاف هذا الأصل الظاهر إقامة الدليل على ما يدعيه
المحكمة في حيثيات الحكم قالت، إن هذا النعي في محله، ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الأصل في الشيك أن يكون أداة وفاء وعلى من يدعى خلاف هذا الأصل الظاهر إقامة الدليل على ما يدعيه، وأن طلب الخصم تمكينه من إثبات أو نفى دفاع جوهري بوسيلة من وسائل الإثبات الجائزة قانوناً هو حق له يتعين على محكمة الموضوع إجابته، متى كانت هذه الوسيلـة منتجة في النزاع ولم يكن في أوراق الدعوى والأدلة الأخرى المطروحة عليها ما يكفـى لتكوين عقيدتها فيها ، وأن إغفال الرد على دفاع جوهري للخصم يعتبر قصوراً في أسباب الحكم الواقعية موجباً لبطلانه .
النقض ترسى مبدأ: الشيك قد يكون أداة ضمان وليس أداة وفاء فقط كما هو معلوم ومتبع
لما كان ذلك - وكان البين من الأوراق أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الشيك موضوع التداعي قد حرر للضمان بحسب طبيعة العلاقة بين الطاعن "مقـاول نقـل" وبين الشركة المطعون ضدها، وأنه لا يمثل مديونية حقيقية وطلب إثبات هذا الدفاع بإحالـة الاستئناف للتحقيق وإلزام الشركة المطعون ضدها بتقديم نسخة من ميزانيتها عن أعوام 2005 حتى 2008 المعاصـرة لتاريخ الشيك لكونه لو كان للتحصيـل لأُدرج في ميزانية الشركة، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع ولم يواجهه بما يكفى لحمل قضائـه فإن التفاته عن طلب تحقيقه رغم أنه دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى يعيبه بما يوجب نقضه .
وحيث إن الموضوع غيـر صالح للفصـل فيه، ولما تقدم فإنه يتعين إعادة القضيـة إلى محكمة استئناف الإسكندرية للفصـل فيه من هيئة أخرى - لذلك - نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت الشركة المطعون ضدها المصروفات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة