توفى، اليوم، المفكر الكبير حسن حنفى الذى ولد فى سنة 1935، ويعد من أشهر أساتذة الفلسفة فى الثقافة العربية، وله العديد من الكتب المهتمة بالتراث والتجديد، لكن ما الذى يقصده حسن حنفى بذلك؟
يقول الدكتور حسن حنفى فى كتبه: ماذا يعنى "التراث والتجديد"؟
التراث هو كل ما وصل إلينا من الماضي داخل الحضارة السائدة؛ فهو إذن قضية موروث وفي نفس الوقت قضية معطى حاضر على عديد من المستويات.
وليست القضية هي "تجديد التراث" أو "التراث والتجديد" لأن البداية هى "التراث" وليس "التجديد" من أجل المحافظة على الاستمرار فى الثقافة الوطنية، وتأصيل الحاضر، ودفعه نحو التقدم، والمشاركة في قضايا التغيير الاجتماعى، التراث هو نقطة البداية كمسئولية ثقافية وقومية، والتجديد هو إعادة تفسير التراث طبقًا لحاجات العصر، فالقديم يسبق الجديد، والأصالة أساس المعاصرة، والوسيلة تؤدى إلى الغاية.
التراث هو الوسيلة، والتجديد هو الغاية، وهى المساهمة فى تطوير الواقع وحل مشكلاته، والقضاء على أسباب معوقاته، وفتح مغاليقه التي تمنع أى محاولة لتطويره.
والتراث ليس قيمة فى ذاته إلا بقدر ما يعطى من نظرية علمية في تفسير الواقع والعمل على تطويره؛ فهو ليس متحفًا للأفكار نفخر بها وننظر إليها بإعجاب، ونقف أمامها فى انبهار وندعو العالم معنا للمشاهدة والسياحة الفكرية، بل هو نظرية للعمل، وموجِّه للسلوك، وذخيرة قومية يمكن اكتشافها واستغلالها واستثمارها من أجل إعادة بناء الإنسان وعلاقته بالأرض، وهما حجرا العثرة اللذان تتحطم عليهما كل جهود البلاد النامية في التطور والتنمية؛ فالتصنيع والإصلاح الزراعي قد يتحطمان؛ لأن الإنسان وهو العامل والفلاح، لم تتم إعادة بنائه ووضعه في العالم، وظل متخلفًا عن مظاهر التقدم، فالثورة الصناعية والزراعية في البلاد النامية لا تتم إلا بعد القيام بثورة إنسانية سابقة عليها وشرط لها؛ لذلك تعثر العمل السياسي في البلاد النامية وفشلت الجهود لقيام أحزاب تقدمية وتنظيمات شعبية تملأ الفراغ بين السلطة والجماهير، فالنهضة سابقة على التنمية وشرط لها، والإصلاح سابق على النهضة وشرط لها، والقفز إلى التنمية هو تحقيق لمظاهر التقدم دون مضمونه وشرطه.
"التراث والتجديد" إذن يحاول تأسيس قضايا التغير الاجتماعي على نحو طبيعي وفى منظور تاريخى، يبدأ بالأساس والشرط قبل المؤسس والمشروط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة