48 عاما على حرب أكتوبر، الانتصار الذى قلب موازين استراتيجية، وأعاد الكرامة والفخر للشعب المصرى وقواته المسلحة، وبكل المقاييس كان العبور نموذجا للإرادة والقدرة والحلم الذى أصبح حقيقة، بعد 5 يونيو كانت كل التحليلات تتحدث عن نهاية واستسلام، لكن خلال أسابيع بدأت حرب الاستنزاف، ونجح المقاتلون فى تحقيق انتصارات فى مواجهاتهم مع العدو، وتم تدمير إيلات، وتنفيذ عمليات نوعية مذهلة، وكان المقاتلون يتحركون ويبنون دفاعاتهم الجوية تحت القصف والمراقبة الجوية، للطيران الإسرائيلى.
الجيش يستعد طوال 6 سنوات، تحت سمع وبصر العدو المزود بأحدث أدوات المراقبة والتصوير، وخلال ست سنوات كان الإسرائيليون يشيدون واحدا من أقوى التحصينات العسكرية بساتر ترابى وتحصينات فولاذية وخراطيم نابالم وطيران لا يهدأ، هنا تتبدى بطولة الجندى المصرى وإرادته وحلم لا يهدأ، بحسابات التسليح والقدرات كان المستحيل قائما مثل خط بارليف، وبحسابات الإرادة تتغير المعادلة، الدرس الأوضح، والذى يمكن أن يبقى علامة وتعليما، أن الانتصار تم بعد مرارة وشعور بالهزيمة، وحمل كل مقاتل قصته وحلمه على ظهره مع الشدة العسكرية الثقيلة ليعبر بكل هذا.
وكان العبور نقطة فاصلة، أذاب المصريون الساتر الترابى بخراطيم مياه، ابتكرها المهندس العبقرى اللواء باقى يوسف، وسد المقاتلون الأبطال فتحات النابالم بأجسادهم، وكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى فإن «البطولات والأمجاد صنعها رجال القوات المسلحة بدمائهم الذكية فى ملحمة عسكرية أبهرت العالم، وتعكس إرادة المصريين فى استعادة حقوقهم وتمسكهم بسيادة الوطن وأرضه وكرامته»، واعتبر خلال كلمته بالندوة التثقيفية «حرب أكتوبر.. العبور إلى المستقبل» إن حرب أكتوبر ستبقى نقطة تحول فى تاريخنا المعاصر.
الرئيس وجه التحية لكل رجال القوات المسلحة، لشجاعتهم وتضحياتهم، وللشعب المصرى الذى قدم أبناءه، وضحى ليعيد بناء قواته المسلحة، و«كان لصموده ووعيه ولمساندته قواته المسلحة فى أصعب وأدق الأوقات العامل الحاسم الذى صنع هذا النصر المجيد».
لقد كان الشعب المصرى بطل الحرب، لأنه تمسك بقدراته، وساند قواته المسلحة، ومنحها ثقته، بأنهم قادرون على العبور وتحطيم المستحيل، وتم هذا كله بالعلم والمعرفة والإرادة، وأن هذا الدرس تستوعبه مصر اليوم وهى تتوجه للمستقبل، بإدراك للتحديات التى تصر على عبورها نحو التنمية والتقدم، وتغير واقعها على نحو يليق بتاريخها وحضارتها وعظمة شعبها، وسط محيط إقليمى مضطرب، ومعقد ووسط أزمات عالمية غير مسبوقة لم تكن مصر بمنأى عنها، خاصة جائحة كورونا.
استعرض الرئيس كيف تسلك مصر طريقا صعبا، وشاقا لبناء دولة حديثة، وفقد عمل مخطط يستهدف إعادة صياغة وبناء تصورات التنمية، فى كل مكان، وهذه الجهود تتطلب وعيا لاستيعابها، وسط محاولات للتشويش أو بث الشك والتقليل من قيمة الجهد، بينما التجارب من حولنا تشير إلى أن دولا تفككت أو اختلت وسقطت، لأنها فقدت ثقتها فى قدراتها، أو استدرجت إلى شقاق مذهبى أو طائفى.
ربما تكون هناك حاجة للتنوع والاختلاف، بناء على معلومات وليس بناء على شائعات أو تحليلات مختلة، تفتقد للمعلومة وتتلاعب بها، نجح الشعب المصرى فى تخطيط التنمية والتحرك فى كل الملفات، طرق وزراعة وصناعة وسياحة، وكلها ملفات تتواصل وتتكامل، لتشير إلى تخطيط، يستهدف تغيير الواقع وبناء الإنسان سعيا لحاضر، ومستقبل أفضل لمصر والمصريين، وقال الرئيس السيسى إن الشعب قدم الكثير لجيشه، وكما قال المشير طنطاوى: إن فضل الشعب على جيش مصر وتضحياته لا تنسى، واضاف الرئيس: «جاء الوقت اللى جيشكم بيرد الجميل دلوقتى بعمل غير مسبوق».
فى إشارة إلى ما يقدمه الجيش من جهود فى التنمية والبناء، من دون أن ينسى أو يتخلى عن دوره الرئيسى فى حماية الوطن، كما أكد استمرار جهود تنمية سيناء، ردا لجميل أهل سيناء والدور الذى قدموه، وحق سيناء كجزء غال من مصر.
لقد تحولت ذكرى انتصارات أكتوبر مناسبة لتذكر دروس الماضى، وتعلمها للمستقبل حربا وسلما وتنمية.