تحل الذكرى الرابعة لحادث مسجد الروضة الذى وقع يوم 24 نوفمبر 2017، وخلاله هاجم إرهابيون مسلحون، المصلين بمسجد قرية الروضة أثناء أداء صلاة الجمعة، واقتحموا محراب المسجد وأطلقوا النار على من فيه، وسجلت عدد وفيات المصلين الذين استشهدوا فى الحال واستشهدوا فى وقت لاحق متأثرين بإصابتهم أكثر من 305 شهداء، وأكثر من 109 مصابين.
تحدث لـ"اليوم السابع" عددا من الناجين من القتل داخل المسجد فى هذا اليوم ووصفوا أدق اللحظات التى مروا بها ولا تزال الإصابات فى أجسادهم وهم لا ينسون من فقد من ذويهم.
وقال سالم سليم عيد، أحد الناجين من حادث مسجد الروضة بشمال سيناء، لـ"اليوم السابع"، عما شهده فى هذا اليوم، وهو يشير للوحة جدارية حملت صور شهداء، قال إنهم كانوا بجواره فى المسجد بينهم ابن العم والقريب والصديق، ولم ينل - بحسب قوله - شرف الانضمام لهم شهيدا وبقى متأثرا بإصابته بطلقة رصاص فى رأسه ونجاته بإعجوبة من شلل كامل.
وأشار "سالم" سليم 34 عاما، أنه يعمل بوظيفة عامل خدمات معاونة فى مركز شباب شهداء الروضة، وفى مثل هذا اليوم منذ 4 سنوات مضت، كأى يوم جمعة يذهب للصلاة فى المسجد مبكرا ويحرص أن يأخذ مكانه فى الصفوف الأولى.
وأضاف أنه مع بداية خطبة الجمعة سمع إطلاق نار وأصاب قلبه الرعب الشديد، ووجد نفسه يهرول كبقية المصلين بحثا عن النجاة وبدلا من الوصول للشباك اتجه للباب ليجد القتلة فى مواجهته وتبدو ملامحهم أقوياء وشباب، وجلس على أرض المسجد وهو يسمع أصوات إطلاق نيران شديدة وصراخ والمصلين بعضهم جانبه، وآخرين يهرولون من فوقهم، وبعد لحظة كان نصيبه رصاصة فى رأسه بشكل مباشر وهى الرصاصات التى أطلقوها على من وجدوه حيا بعد تنفيذ جريمتهم وهم يصفون ما تبقى أحياء بدم بارد.
وتابع، أنه فقد وعيه وآفاق بعد أسبوع وهو فى حالة ذهول فى المستشفى غير متخيل المشهد كيف يضرب بالنار داخل المسجد وهو يصلى، وبقى فى حالة فقد اتزان وعدم مقدرة على فهم ما يدور حوله واستيعابه وبعد أيام بدأت حالته تعود لطبيعتها ويسأل على أقربائه وأصدقائه، و"كل ما أسأل على حد يقولوا لى الله يرحمه، وأنا فى حالة الذهول".
وأكد أنه تنقل للعلاج لأيام طويلة ما بين مستشفيات بئر العبد والإسماعيلية والحسين، ثم طبيب خاص، وإصابته فى الرأس والقدم وكان طبيبه يقول له: إن شفاءك معجزة لأن حالتك تطورها إصابة بشلل كامل.
وقال: نحن لم نفعل شيئا إننا مسالمون فى بيت ربنا، لافتا أنه لا يزال يعاني من آثار الإصابة ويمارس عمله بشكل طبيعى كل يوم وصامد، مشيرا إلى أنه لديه من الأبناء 4 بنات وولدين يريد أن يراهم فى أعلى المناصب ومن حملة الشهادات العليا، مؤكدا أن "أموره مستورة" ولا يريد شيئا لشخصه وكل ما يريده أن تبقى مصر فى أمن وأمان لأنها الوطن الذى لابد أن نخاف عليه ونراعيه.
وروى إسماعيل على سليمان أبو سمور، أحد الناجين من حادث مسجد تفاصيل ما شاهده من قتل المصلين الأمنين بينهم كبار سن ومقعدين كانوا يؤدون صلاة الجمعة فى مثل هذا اليوم.
قال "أبو سمور"، أنه من سكان مركز الشيخ زويد بقرية التومة، وانتقل للمعيشة فى قرية الروضة، لأنها قرية آمنة وأهلها طيبين وتربطه بهم علاقة مودة خاصة فأختارها سكنا له.
وأضاف أن أهالى القرية اعتادو فى مثل هذا اليوم من كل جمعة الذهاب مبكرا للمسجد، وبعد انتهاء الصلاة الالتقاء فى "الزاوية"، وهى الساحة المجاورة للمسجد، وفيها يحضرون الغداء يتناولونه سويا ومن حضر من زوار لهم وعابري سبيل.
وأشار إلى أنه فى هذا اليوم وكعادته حرص أن يكون فى أول الصفوف والتي يجلس فيها كبار السن ومقعدين على الكراسي، ومع أول انطلاق الإمام ليلقى خطبة الجمعة سمعوا أصوات إطلاق النيران.
وأضاف أن الكل حاول البحث عن مخرج بينهم من ذهب للشبابيك، وآخرون ارتموا على الأرض ولم يغادر مكانه وكان يردد الشهادة، وهو فى حالة عدم اتزان وفوقه كانت أجساد المصلين تنزف دماءهم، بينهم الحى ومن يلفظ أنفاسه، وتسيل الدماء فى كل مكان.
واستطرد أنه فاق من الحالة على صمت بعد نحو 25 دقيقة من إطلاق النار تقريبا، أعقبه دخول أهالى يبحثون عن ذويهم، حاول النهوض بعد أن تبين أنه مصاب بطلق فى ذراعه، وبين الجثث حاول السير ليجد المنظر مرعبا، وكبار السن الذين كانوا بجواره قبل لحظات تنزف الدماء منهم، وبينهم حالات بالكاد تعرف ملامحهم من قوة الإصابة، بينما فى الطرقات وعلى الأبواب وأمام مدخل حمامات المسجد جثث مكومة فى مشهد مرعب.
بينما إبراهيم سليمان حمدان سليم، أحد الناجين من حادث مسجد الروضة فقد 25 من عائلته بينهم 2 من أشقائه فى الحادث الذى وقع فى مثل هذا اليوم من 4 سنوات، وروى ما شاهده من توسل أب للإرهابيين الذين اقتحموا المسجد أن يقتلوه بدلا من طفله ولكنهم قتلوهم معا بدم بارد.
وأشار إلى أن لحظة الحادث مرعبة، حيث إنه مع بدء إطلاق النار الجميع يبحث عن مخرج، ومن لم يستطع أو يتعثر يسير الباحثون عن النجاة من فوقه ويسقطون عليه من إطلاق النيران، وسط تصفية حية لكل من يتحرك من القتلة الإرهابيين، لافتا إلى أنه لم يستطع أن يتحرك، وفى مكانه أصيب بطلقات نارية متعددة، كان أولها مباشر وبعدها شظايا متطايرة.
وقال إنه مشهد لا ينساه، عندما كان زميل لهم "موظف بمصلحة التليفونات" يصرخ على إرهابي أن يقتله بدلا من طفله إلا أنه لم يستجب، وعلى الفور قتل الطفل ثم الأب بلا رحمة داخل المسجد.
وأشار إلى أن أصابته رصاصة فوق الحاجب ورصاصة فى الجنب، وأخرى بالجزء السفلى من جسده أفضت لتهتك فى الأمعاء، وخاض رحلة علاج بعدد من المستشفيات.
وأضاف أنه بعد أن فاق من غيبوبته أفاق على رؤية تلخص من فقد فى الحادث من أقرب الناس له، شقيقين وأكثر من 25 من أفراد أسرته، وعندما زاره أقاربه فى المستشفى وكانوا لا يريدون أن يخبروه، هو أخبرهم وقال لهم أعرف أن فلان وفلان وفلان رحلوا مع الشهداء، مضيفا إن شقيقيه اللذين فقدهما هما "منصور" وله 5 أبناء ويعمل موظفا باتحاد الإذاعة والتليفزيون، و"عيد" وله 6 أبناء ويعمل عامل يومية.
وفقد عمر إبراهيم ناصر، من أبناء قرية الروضة بشمال سيناء 2 من أطفاله وعمه، فى حادث مسجد الروضة، لافتا إلى أنه كان من بين المصلين يوم حادث مسجد الروضة، وعندما حدث الهجوم استسلم للأمر واتخذ جانبا فى المسجد وغطى وجهه بعمامته ونطق الشهادتين فى انتظار مصير موته.
وأضاف أن نصيبه من الإصابة كان رصاصة فى الظهر، بينما فقد فى هذا اليوم 2 من أطفاله وهما "محمد" و"إبراهيم" وعمه "منصور"، وأعدادا كثيرة من أسرته وأبناء قريته، مشيرا إلى أنه فى هذا اليوم ودعه أبنائه الشهداء الصغار، ووصلوا للمسجد يسيرون خلفه، وكان يتمنى أن يستشهد، ولكن كتبت له الحياة ليربى ما تبقى من أطفاله وهم 3 أبناء.
صباح عبدالستار، من سيدات قرية الروضة بشمال سيناء، لم ينجو ذويها من حادث مسجد الروضة الذى وقع فى مثل هذا اليوم منذ 4 سنوات، وفقدت فى الحادث ابنها الشاب، وأصيب زوجها وابنها الطفل.
وبقلب صابر وصامد واجهت الموقف وحملت ابنها الشهيد للمقابر ودفنته ولاحقت زوجها وطفلها المصاب فى المستشفيات لرعايته، وبعد عودتها للقرية ومن خلال عملها ممرضة بالوحدة الصحية استقبلت المصابين العائدين من رحلات علاج تداوي جراحهم.
أكدت صباح عبدالستار لـ"اليوم السابع"، من منزلها فى قرية الروضة، فخرها بأنها والدة الشهيد "أمير مجدى رزق"، الذى فى هذا اليوم ذهب مع والده وأشقائه للمسجد لأداء صلاة الجمعة.
وأضافت، أن مسكنها يقع على بعد أمتار قليلة من المسجد، وفى هذا اليوم، عندما سمعت إطلاق النار هرعت تستطلع الأمر، وشاهدت القتلة وهم يحيطون بالمسجد ويطلقون النار ملثمين، وأصابها الجنون على مصير أبنائها وزوجها حتى عادا لها ابنها محمود الذى تأخر عن بقيتهم ولم يكن وصل المسجد.
وتابعت، أنه وصلها أيضا قادما من المسجد ابنها الطفل "أحمد" وكانت الدماء تغرقه، وما أن هدأ إطلاق النار حتى أسرعت للمسجد، ووجدت زوجها يأن من الجراح بين المصابين، وسألته عن "أمير" فقال إنه استشهد، موضحة أنه كانت الواقعة صعبة علىَّ لكن أنزل الله على قلبى السكينة، ونقل ابنى وزوجى ويرافقهم ابنى الناجى من الحادث للمستشفى وظللت جوار جثمان ابنى أودعه وأشاهد آخر لحظات لى معه فى الدنيا.
وتابعت: لا أستطيع أن أتحدث عن مشهد قتله فهو صعب، ومع ذلك حملته للمقابر مع كل الشهداء الذين نقلوهم ذويهم، وكانت لحظة صعبة علىَّ وأنا أدفنه.
وقالت، إنها استكملت مسيرتها بتتبع المصابين ذويها فى المستشفيات من مكان لمكان بشمال سيناء والإسماعيلية والقاهرة، حتى تماثلوا للشفاء وعاد ابنها وزوجها للمنزل.
وأوضحت أنها تعمل ممرضة بالوحدة الصحية بالقرية، ومن خلال موقعها فى الوحدة الصحية بدأت فى استقبال المصابين من أهالى القرية الذين تماثلوا للشفاء وعند عودتهم كانوا بحاجة للتغيير على الجروح والرعاية الصحية.
وقالت إنها ليست وحيدة التى عاشت المأساة، فهى من بين أكثر من 300 أم فقدن أبناء وأزواجا وأشقاء فى هذا الحادث، كما فقدت فى الحادث زملاء لها من الوحدة الصحية التى تعمل فيها، مؤكدة أن أصعب شعور على الأم أن تفقد ابنها لكن عزاءها أنه سبقها للجنة.
إبراهيم أحد الناجين من حادث الروضة بشمال سيناء
إسماعيل أبو سمور
إصابته فى الرأس
أم الشهيد
جميع الشهداء أقاربه
سالم أحد الناجين من الحادث
عمر إبراهيم ناصر
قرية الروضة بشمال سيناء
قرية الروضة بعد 4 سنوات من الحادث
لا ينسى من فقد
ولا ينسى ذويه
يشير لذويه الشهداء
يشير لشهداء فقدهم كانوا معه فى المسجد
يشير لطفله الشهيد