أضخم مشروع عالمى يربط معابد الكرنك شمالا بمعبد الأقصر جنوبًا، بواسطة طريق احتفالات ملوك الفراعنة منذ آلاف السنين، هو طريق الكباش الفرعونى، الذى سيتم افتتاحه اليوم، فى تمام الساعة السابعة والنصف مساء، وسط اهتمام عالمى، ولهذا نستعرض عبر التقرير التالى تاريخ معابد الكرنك.
يقع المعبد بالبر الشرقى للأقصر، ومثل معظم المعابد المصرية القديمة كان محور المعبد شرق - غرب، وكانت المعابد المصرية القديمة نموذجًا للكون، لذا فإن تصميم المعبد يعكس مسار رب الشمس عبر السماء، وينفرد المعبد بوجود محور شمال - جنوب منفرداً عن بقية المعابد، مواجهاً لمعبد آخر وهو معبد الأقصر والمعرف قديماً آمون إم أوبت أى آمون بالأفق، وتم ربط المعبدين بطريق محفوف بتماثيل على هيئة أبو الهول يعرف باسم طريق الكباش، وكان هذا الطريق مستخدماً فى أحد أهم الاحتفالات بالتقويم المصرى القديم وهو عيد الأوبت.
كان معبد الكرنك الذى أطلق عليه المصريون القدماء إيبت سوت أى "البقعة المختارة" أهم معابد طيبة "الأقصر حالياً"، هذا المعبد هو الذى كان يتم فيه تقديس الرب العظيم آمون رب طيبة، لذا بلغ المعبد قدراً كبيراً من الثراء وأصبح لكهنته قوة سياسية كبيرة.
كانت طيبة هى المدينة التى ينتمى إليها الملوك الذين وحدوا مصر بعد عصر الانتقال الأول، وبذلك أصبحت واحدة من أهم مدن مصر، وهى المكانة التى ستظل عليها طوال غالبية التاريخ المصرى القديم، وتصاعدت أهمية الرب آمون بالتوازى مع صعود المدينة إلى الصدارة، فى ضوء أقدم الأدلة الخاصة بالمعبد بداية من عهد الملك انتف الثاني "2112-2063 ق.م"، أى قبل بداية الدولة الوسطى "2055-1650 ق.م"، وحتى العصر اليونانى الرومانى "332 ق.م. - 395 م"، تم بناء هذا المعبد بناءً على الرعاية الملكية المتمثلة فى المشاريع الإنشائية الضخمة وإعداد معدات الطقوس وغيرها من الضروريات، وقد ترك كل ملك من الدولة الحديثة "1550 - 1069 ق.م" أثراً له فى هذا المعبد.
بالإضافة إلى إتقان المصريين القدماء فى استخدام الحجر والذى يتجلى فى كل مكان فى نطاق المعبد، أبدع المصريون فى نقش النقوش التى تغطى جدرانه، ونحت التماثيل التى تزينه، تضم صالة الأعمدة الكبرى نحو 134 عمود وهى الصالة الأشهر والأكبر على مستوى العالم.
ويبلغ ارتفاع هذه الأعمدة الضخمة 15 مترًا، باستثناء الأعمدة الوسطى الاثنى عشر والتى يبلغ ارتفاعها 21 مترًا، وقد بدأ فى تشييد تلك الصالة أمنحتب الثالث "1390-1352 ق.م" من الأسرة الثامنة عشر، فى حين أن زخارفها ترجع لعهد الملك سيتى الأول "1294-1279ق.م" ورمسيس الثانى "1279-1213ق.م" من الأسرة التاسعة عشر، وإلى القرب من الصالة تقف مسلة حتشبسوت الرائعة "حوالي ١٤٧٣-١٤٨ ق.م" والتى تصل إلى نحو 30 م فى الارتفاع.
وفى الطرف الشرقى من الكرنك من الممكن أن نرى ما يعرف بالآخ مينو، وهو معبد أقامه تحتمس الثالث "1479 - 1425 ق.م" وكان مكرساً لتقديس مختلف المعبودات بالإضافة إلى أسلافه من الملوك، وكذلك تقديسه هو شخصياً.
كان الكرنك فى حقيقة الأمر عبارة عن مجمع معابد، حيث يتضمن داخل جدرانه المحيطة معبدًا كاملاً للرب خونسو فى الركن الجنوبى الغربى، بجانب معبد الأوبت، الذى تم بناؤه فى العصر اليونانية الرومانى لأوبت الربة المتمثلة فى شكل فرس النهر المسئولة عن الولادة، ومازالت البحيرة المقدسة الجميلة التي كان الكهنة يتطهرون بها قبل القيام بطقوس المعبد موجودة برونقها حتى اليوم، وتنتشر العديد من المعابد والمقاصير الصغيرة الأخرى ضمن محيط الكرنك، مما يجعله متحفًا حقيقيًا مفتوحاً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة