لا يختار الناس ظروفهم فى كثير من الأحيان، بل هى التى تختارهم، والبعض يدخل التاريخ مجبرا، فيلمع نجمه فى وقت تكون كاميرا الزمان مسلطة على مكان معين، فى وقت ثورة أو حرب أو كارثة بيئية أو وباء مثلا. أفكر فى ذلك وأنا أقرأ عن شيخ الأزهر شمس الدين الإنبابى، الذى تولى المشيخة فى سنة 1881 إثر اندلاع الثورة العرابية.
وشمس الدين الإنبابى رجل صاحب علم كان إماما للمذهب الشافعى، وصاحب تجارة كان يملك وكالة كبيرة للأقمشة، وقد ورث التجارة عن والده، وصاحب إحساس بذاته يكشف ذلك ما حدث فى علاقته بمشيخة الأزهر.
كان شمس الدين الإنبابى من مواليد 1824، وتم تعيينه شيخا للأزهر فى سنة 1881 ميلاديا، كان يسبقه الشيخ "المهدى العباسى" وهو من حرَّم المشاركة فى الثورة العربية، وعندما اشتدت الثورة تم استبعاده، وتم تعيين شمس الدين الإنبابى، لكن بعد فشل الثورة قدم الشيخ الإنبابى استقالته، خاصة أن الخديوى توفيق كان عازما على عودة الإمام الشيخ المهدى العباسى.
سنوات قليلة وبالتحديد فى سنة 1886 دب بين الخديوى والشيخ المهدى العباسى شىء ما، لكنه شىء غير طيب، فقدم المهدى استقالته وعاد بعدها الشيخ شمس الدين.
هذه الأحداث المهمة فى التاريخ، أحب أن أنظر إليها بشكل إنسانى، بفكرة الصراع بين الناس، صراع أفكارهم، وأتأمل فى الإنسان الذى تحركه الأحداث بينما يظن أنه من يحركها.