تعد مومياء "أبا عنخ حور" حاكم الإقليم ورئيس خزانة الوجه القبلي، من أهم مقتنيات مكتبة الإسكندرية، وهى تتواجد داخل التابوب المزين بمناظر ملونة ونقوش كتابية من كتاب الخروج في الصباح وهو جزء من كتاب الموتى في مصر القديمة.
وتعد المومياء إحدى الأمثلة عن براعة التحنيط فى عهد الدولة الحديثة الذى كان يتم عن طريق نقل الجسد فورًا بعد الموت إلى ورشة العمل "وعبت" حيث يوضع فوق مائدة التحنيط الحجرية، تُكسر بعد ذلك عظمة الأنف ويتم استخراج محتوى المخ باستخدام أداة معدنية.
وفى حقيقة الأمر، لا نعلم لماذا تكبَّد المصرى عناء استخراج محتوى المخ؛ إذا لم يكن هناك نية لحفظه، إلا أننا نعلم أنه بعد ذلك كان يتم ملء الجمجمة باستخدام طبقة كثيفة من "البيتومين" لمنع مرور الكائنات الدقيقة خلال عظم الجمجمة. وكذلك يتم حشو الجمجمة بالراتنج أو الكتان المغموس بالراتنج.
أما الأمعاء فيتم استخراجها من خلال شق فى الناحية اليسرى أسفل البطن، تُغسل بعد ذلك الأعضاء الداخلية وتُغمس بشكل منفرد فى ملح النطرون، ثم تُعالج بالراتنج الساخنة وتُلف وتوضع فى أربع أوانٍ كانوبية.
وكانت أغطية تلك الأواني تتخذ أشكال أولاد الإله "حورس" الأربعة: "إمستي" بشكل رأس إنسان لحماية الكبد، "حابي" برأس قرد لحماية الرئتين، "دوا-موت.إف" بشكل رأس ابن آوى لحماية المعدة وأخيرًا "قبح- سنو.إف" برأس الصقر لحماية الأمعاء.
وكان الجسد يُغسل من الخارج ومن الداخل بعرق البلح والتوابل. (كان عرق البلح المصنوع في مصر القديمة يحتوى عادةً على 14% كحول إيثيلي.
يُدفن الجسد لمدة أربعين يومًا فى كميات كبيرة من ملح النطرون، والذى كان يجدد من حين لآخر، حيث كان ملح النطرون يستخدم كمادة مجففة تعمل على تكسير الأنسجة الدهنية. وكانت تجويفات المعدة والصدر تملأ ثلاث مرات متتالية بمواد مؤقتة تحتوى على قطع نطرون لتجفيف الجسد من الداخل، وكانت تلك هى المرحلة الأساسية للتحنيط واعتمدت فعليًا وعمليًا على استخراج السوائل من الجسد من خلال عملية الضغط بالتناضخ. ثم يتم استخراج الجسد من النطرون بعد انقضاء تلك الفترة، وتُستخرج المواد المؤقتة من التجويفات الصدرية والمعدة والتي لابد وأن تكون قد تشبعت بالسوائل ولو تُركت لأتلفت المومياء.
يتم نقل الجسد بعد ذلك إلى مكان يُعرف باسم "بر- نفر" حيث تجري عملية غسله وتطهيره بماء النيل، وربما كانت هذه العملية هي الأهم خلال مراسم التحنيط والتي من خلالها يتم تحديد الوقت اللازم لتحضير الجسد. وقد تم اعتبار ماء النيل ذا قوى سحرية كبيرة بعد ارتباطه بأسطورة دورة الشمس والتي تذكر شروق (مولد) الشمس من النهر، هذا بالإضافة إلى كونه ماء الفيضان. ولعل هذا يذكرنا بأسطورة "هليوبوليس" التي تُصوِّر خروج الشمس من ماء النيل، كما تذكرنا بخروج الأرض الشابة عن مياه الفيضان. وكان الجسد يُطهَّر بزيت الأرز وعدد آخر من الزيوت النفيسة، بعد ذلك تم تدليكه بالبخور والقرفة والمواد العطرية في محاولة لإعادته إلى سيرته الأولى. يُغطى الجسد بعد ذلك بالراتنج السائلة لحمايته ضد أي أخطار أخرى من حشرات أو بكتريا وأي من العوامل الخارجية.
وبعد الانتهاء من معالجة الجسد يتم لفه بلفائف الكتان، والتي كانت تُرفق بين طياتها لفافة بردي جنائزية، وتُزين بالتمائم والحُلي. وأخيرًا تُلقى الزهور والأوراق الخضراء على الكفن قبل وضع المومياء في التابوت.
يقيم الكاهن قبل الدفن طقس "فتح الفم" على المومياء لاستعادة جميع حواس الشخص المتوفى؛ أي استعادة الرؤية لعينيه، والسمع لأذنيه، وقدرة التحدث للسانه، والتنفس لأنفه وأخيرًا الحركة ليديه وقدميه. ويرتل الكاهن في نفس الوقت الصلوات في حين تبكي العائلة فقيدها وتودعه.
التابوت
المومياء داخل متحف الآثار
المومياء داخل متحف الآثار
الوان رائعة و نقوش فرعونية
جانب من التابوت