تحل علينا فى تلك الأيام احتفالات رأس السنة وعيد الميلاد المجيد، لتظهر في ظل السلام الذي نعيش فيه، بخروج قلة قليلة من البشر وهم يطأطئون رؤوسهم بأن الاحتفال برأس السنة وتهنئة الأقباط حرام، دون أي داعٍ أو أى سند من القرآن والسنة ليؤكد جهل أصحاب تلك الادعاءات.
من يدعي أنه فقيه في الدين ويحرم تهنئة إخوتنا من المسيحيين في يوم ميلادهم ألا يعلم بأن الأديان السماوية هي أولًا وأخيرًا ليست إلا رسالة سلام إلى البشر، كما أوضح فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر؟ ألا يعلم أن هناك آيات صريحة في القرآن الكريم تنص على أن علاقة المسلمين بغيرهم من المسالمين لهم - أيًا كانت أديانهم أو مذاهبهم - هي علاقة البر والإنصاف.
في ظل ما نعيشه الآن من تسامح وحب بيننا وبين إخوتنا من الأقباط لم نسمح لأصحاب الأفكار والعبارات المتطرفة بأن تحدث فتنة بيننا بوصفنا جميعًا مصريين فسنظل نعيش في سلام، فكل منا حياته مختلطة مع إخوتنا الأقباط، فمنهم أصحابنا وجيراننا، وأتذكر هنا موقفًا يدل على السماحة والحب والعلاقة الطيبة بيننا جميعًا، وهو أنني تعرفت على أحد الأشخاص ذات يوم وأصبحنا أصدقاء لدرجة كبيرة فيما بعد وظلت علاقة الصداقة إلى الآن ولكن بعد مرور عدة سنوات اكتشفت أنه "قبطي"، فحدث ذلك لأننا لم نفكر يومًا أن الصداقة التي تربطنا لها علاقة بأي دين، ولكنها بنيت على المحبة والتسامح، فلم يأتِ يوم وسألته لماذا لا تصلِّ؟ لأنني مقتنع بأن العلاقة بينه وبين ربه أمر يعود إليه ولا يخصني، وبعد معرفتي بأنه قبطي لم تتغيَّر معاملتنا قط.
هؤلاء القلة الذين يريدون إحداث الفتن ليس لهم علاقة بالإسلام من الأساس، فهم لا يفهمون الدين الصحيح، ولم يستمعوا إلى العلماء المتخصصين في هذا الشأن، فهم فقط يريدون أخذ البلد إلى نقطة خاوية، وهذا لم يحدث، ما دام المصريون منتبهين لذلك ويتعايشون في سلام ومحبة، ويتخلصون من رواسب الماضي من الفكر المتطرف الذي لا يدعو للمحبة.. وإلى جاري وصديقي وكل المصريين: كل عام وأنتم طيبين.. تحيا مصر