vتلقى وزير الحربية الفريق أول محمد فوزى، إخطارا من قائد الجيش الثانى، بنجاح قوة من سرية المشاة فى الاستيلاء على نقطة قوية للعدو الإسرائيلى جنوب «جزيرة البلاح» الذى يشرف على تفرع قناة السويس حول جزيرة البلاح الرملية، ورفعت عليها علم مصر لأول مرة بعد معركة 5 يونيو 1967، وفقًا لمذكرات الفريق فوزى «حرب الثلاث سنوات، 1967 - 1970».
طلب قائد الجيش من الفريق فوزى بقاء هذه القوات فى مواقعها التى استولت عليها.. يذكر «فوزى»: «أكد قائد الجيش لى أنه يمكنه حماية هذه القوة وتأمين وجودها، لكنى لم أصدق على بقاء القوة بعد الانتها من مهمتها اكتفاءً بعنصر المفاجأة، وما حققته من نجاح معنوى كبير، وما أعطته من ثقة كبرى بإمكانية العبور بقوات كبيرة عبر المانع المائى، ومهاجمة نقط العدو القوية والاستيلاء عليها والبقاء بها كيف تشاء».. يؤكد فوزى: «ظل علم مصر المثلث الألوان يرتفع على أعلى ربوة بالموقع الإسرائيلى شرق القناة جنوبى جزيرة البلاح، مثبتا فى قاعدة خرسانية قوية تحرسه قواتنا من الجانب الغربى للجزيرة حتى وقف إطلاق النيران المؤقت فى أغسطس 1970».
وقعت هذه العملية البطولية أثناء حرب الاستنزاف التى خاضها الجيش المصرى ضد القوات الإسرائيلية بعد هزيمة يونيو1967، ويكشف «فوزى» كيف تم التخطيط لها وتنفيذها، قائلا: «خططت قيادة الجيش الثانى الميدانى مع قيادة الفرقة الثانية مشاة عملية إغارة بقوة سرية مشاة على نقطة قوية للعدو كاملة التجهيز بخنادقها وملاجئها ودشمها، وكانت خطة القوات الإسرائيلية احتلالها على فترات، وإخلائها على فترات أخرى إلا من عناصر مراقبة صغيرة، تاركين معداتهم وتعييناتهم وحتى أنابيب البوتاجاز الكبيرة ومقطورات المياه، وانتهزت القوة إخلاء الموقع إلا من عناصر المراقبة، وقامت باحتلال جنوب جزيرة البلاح الرملية، وأخذت القوة معها علم مصر المثلث الألوان، ورفعته على أعلى رتبة فى الموقع، ولما شعر أفراد الموقع بقواتنا فروا هاربين تاركين معداتهم، وبعض الأسلحة والكثير من المعلبات، وحاول العدو فى أول ضوء استرداد الموقع، ولكنه فشل حيث كانت قواتنا فى جزيرة البلاح مسيطرة سيطرة تامة على المنطقة حولها».
اتخذت «الأهرام» هذه العملية البطولية مانشيتها الرئيسى يوم 8 ديسمبر، 1969.. وذكرت فى التفاصيل، أنها بدأت فى الساعة السابعة من مساء السبت 6 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1969، حيث عبرت قناة السويس عند البلاح قوة من المشاة، سريتين «250 جنديا وضابطا»، ومعها معداتها وأسلحة الدعم الخاصة بها، وتقدمت القوة المصرية إلى مواقع العدو فى المنطقة واشتبكت معها فى معركة انسحبت بعدها قوات العدو الأساسية والاحتياطية من هذه المواقع.
تضيف «الأهرام»: «فى أثناء الليل أرسلت قيادة القوة مجموعات من الأفراد للاستطلاع، فتوغلت لعمق خمسة كيلومترات داخل خطوط العدو، وعمد العدو إلى إلقاء مشاعل مضيئة فوق منطقة التمركز المصرية، وفوق القناة بعشرات من الكيلو مترات خوفا من أن تكون هناك عمليات عبور أخرى، ثم بدأت مدفعية العدو الثقيلة ومدافع الدبابات المرابطة فى أماكن بعيدة الاشتباك مع القوة المصرية بهدف إجلائها عن الموقع، ولكنها فشلت».
تواصل الأهرام: «فى صباح أمس» الأحد 7 ديسمبر 1969 «اتخذ قائد القوة المصرية قرارا بالبقاء فى مواقعه طول النهار، ولوحظ نشاط غير عادى لطيران العدو وراء الضفة الشرقية للقناة، ولكن الطائرات الإسرائيلية لم تقترب من المواقع التى احتلتها «القوة المصرية» لأنها تقع فى نطاق المدفعية المصرية المضادة للدبابات، وفى الساعة السابعة مساء صدرت الأوامر إلى القوة المصرية بالعودة، وعاد جميع أفرادها بمعداتهم سالمين بعد أن دمروا كل المواقع والتحصينات التى ظلوا يحتلونها على مدى 24 ساعة دون أن يتمكن العدو - طول الوقت - من التدخل فى مهمتهم».
قدمت «الأهرام» قراءة لعلامات هذه العملية، وأبرزها: «الحجم الكبير للقوات المصرية العابرة «سريتان مشاة تضمان 250 فردا»، وهذا هو أكبر عملية عبور للوحدات المقاتلة المصرية منذ معارك يونيو 1967 باستثناء عملية عبور قامت بها دورياتنا يوم 10 أكتوبر 1969، وضمت قوات من 250 فردا، ولكن مهمتها كانت استطلاعية فقط.. النجاح الكامل لقواتنا فى اقتحام جبهة العدو والبقاء فوقها 24 ساعة، دون أن يتمكن العدو من إجلائها عن المواقع التى احتلتها..المفاجأة الكاملة للعدو بالعملية حتى أنه سحب قواته الأصلية والاحتياطية من المنطقة إلى عمق يصل إلى 6 كيلومترات داخل خطوطه.. جرأة الرجال فى تنفيذ العملية ثم القرار الحاسم لقائد القوة بالبقاء فى المواقع التى احتلها رغم النشاط المتصل لطيران العدو حول هذه المواقع..نجاح القوة قبل انسحابها فى تدمير جميع تحصينات العدو ومعداته فى منطقة الهدف المحصورة بين القنطرة والبلاج.
كشفت «الأهرام» أن القوة كانت مدعومة بمجموعة مهندسين تولوا فتح الثغرات فى مواقع العدو التى تحيطها مزارع كثيفة من حول الألغام والأسلاك الشائكة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة