فى مثل هذا اليوم 21 فبراير من عام 1922م، أنهت المملكة المتحدة حمايتها التى فرضتها على مصر عام 1914، والقصة تعود بدايتها عندما تم خلع الخديو عباس الثانى فى 19 ديسمبر سنة 1914، أعقاب بدء الحرب العالمية الأولى، والذى كان غائبا عن مصر وقت نشوب الحرب، فقد قصد إلى الأستانة فى أوائل الصيف، وبقى بها إلى أن أعلنت الحرب بين إنجلترا وألمانيا، وتردد فى عودته إلى مصر، برغم إلحاح رشدى باشا عليه فى ذلك، ولما اعتزم الرجوع إليها أظهرت الحكومة البريطانية رغبتها فى عدم عودته إذ كانت نيتها مبيتة على خلعه.
وتم تنصيب بدلاً منه عمه حسين كامل ابن الخديو إسماعيل، لتعلن إنجلترا فى 18 ديسمبر سنة 1914 حمايتها على مصر، ونشرت فى جريدة الوقائع المصرية فى اليوم نفسه إعلان الحماية، ونص على: "إعلان بوضع بلاد مصر تحت حماية بريطانيا العظمى": يعلن ناظر الخارجية لدى جلالة ملك بريطانيا العظمى أنه بالنظر إلى حالة الحرب التى سببها عمل تركيا قد وضعت بلاد مصر تحت حماية جلالته، وأصبحت من الآن فصاعدًا من البلاد المشمولة بالحماية البريطانية، "وبذلك قد زالت سيادة تركيا على مصر، وستتخذ حكومة جلالته كل التدابير اللازمة للدفاع عن مصر وحماية أهلها ومصالحها"، وأصبح اللقب الرسمى لحاكم مصر "السلطان" كتأكيد لخروجها من السيادة العثمانية.
وعندما اندلعت ثورة 1919 بدأت بريطانيا تشعر بكراهية المصريين لسيادتها وفكرت فى علاج الموقف بإرسال لجنة إلى مصر للتهدئة برئاسة اللورد ملنر وزير المستعمرات، اندلعت المظاهرات فى مصر للاحتجاج على اللجنة، وأعلن المصريون مقاطعتها وساندهم الأزهر فى ذلك.
وصلت اللجنة إلى مصر وقضت فيها ثلاثة أشهر تدرس الأحوال وأسباب الثورة إلا أنها واجهت معارضة شديدة من طبقات الأمة، وقامت الصحف الوطنية بإثارة عواطف الناس ضدها، واتفق معظم كتاب مصر على تفويض سعد زغلول بالحديث نيابة عن الشعب بباريس فى المطالبة بالاستقلال كما طالبوا اللجنة بمفاوضته.
لكن عادت اللجنة إلى لندن دون أن تصل إلى شيء، واقترح ملنر على الخارجية البريطانية استمالة المصريين بإعطائهم نوعا من الحكم الذاتى والاستقلال الداخلى، وبناء عليه أرسل ملنر إلى الوفد المصرى الموجود فى باريس الحضور إلى لندن للتفاوض واستجاب الوفد الذى حاول المواءمة بين الاستقلال ورعاية المصالح البريطانية، وظهرت نية الإنجليز فى البحث عن أن يستبدلوا بالحماية الصريحة حماية مقنعة تحت اسم التحالف بين البلدين.
تقدم ملنر بمشروع معاهدة إلى الوفد المصرى لم يتضمن الاعتراف باستقلال مصر، فطالب الوفد بإلغاء الحماية، وأبلغت بريطانيا الملك فؤاد فى 26 فبراير 1922 بتفويض وفد رسمى للمفاوضات فاختار عدلى يكن لتأليف وزارة جديدة ورئاسة الوفد المصرى إلى لندن وفشلت معه المفاوضات أيضا.
وتم صدور بتصريح 28 فبراير عام 1922م، الذى كانت بنوده :"إنهاء الحماية البريطانية على مصر و أن تكون دولة ذات سيادة، تلغى الأحكام العرفية التى أعلنت فى 24 نوفمبر 1914م"، إلى حين إبرام الاتفاقيات بين الطرفين يكون لبريطانيا بعض التحفظات: "تأمين مواصلات الإمبراطورية البريطانية فى مصر، الحق فى الدفاع عن مصر ضد أى اعتداءات أو تدخلات خارجية، الحق فى حماية المصالح الأجنبية فى مصر وحماية الأقليات، الحق فى التصرف فى السودان".