فى خطوة جديدة على الصعيد السياسى المحتقن فى لبنان، دعا البطريرك المارونى صاحب الثقل السياسى فى الدولة بشارة بطرس الراعى، السبت، خلال وقفة لعدد من اللبنانيين أمام الكنيسة المارونية فى بكركى، إلى تشكيل حكومة جديدة وعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة، للمساعدة فى إنهاء الأزمة الاقتصادية والسياسية الخانقة التي تعيشها لبنان، وقال: "نحن نواجه حالة انقلابية"، فيما رددت الحشود هتافات تدعو إلى خروج إيران من البلاد.
تقاطر الآلاف
تقاطر آلاف من المواطنين من مختلف المناطق اللبنانية ومن مختلف الطوائف الى الصرح البطريركي في بكركي، دعما لمواقف البطريرك المارونى الكاردينال مار بشارة بطرس الراعى الداعى، إلى الحياد وإنعقاد مؤتمر دولي من أجل لبنان المنهار"، حاملين الأعلام اللبنانية وصور البطريرك الراعي، في إطار ثلاثة شعارات "بكركي لكل لبنان" "سيادة حرية إستقلال" "لبنان أولا وأخيرا".
وكانت الحشود بدأت بالوصول الى ساحة الصرح إعتبارا من الواحدة ظهرا، في ظل إنتشار أمني كثيف وتنظيم بداعي التباعد الإجتماعي، نظرا لجائحة كورونا، وقد وضعت في الساحة الخارجية للصرح حوالى السبعة آلاف كرسي. وكان لافتا مشاركة وفد "اللقاء الروحي" في لبنان الذي يضم مسيحيين ومسلمين، يتقدمه السيد حسن الأمين، الشيخ عامر زين الدين، الشيخ أحمد المصري، الأب إيلى كيوان، إضافة الى عدد من أهالى شهداء المرفأ.
بدأ اللقاء بالنشيد الوطنى، ليطل بعدها البطريرك الراعى من على شرفة الباحة الخارجية للصرح، وسط التصفيق الحاد، محييا الحضورعلى وقع ترنيمة "فى ظل حمايتك يا مريم".
حشود اللبنانيين امام الكنيسة
وألقت مارى آنج نهرا كلمة باسم المنظمين، قالت فيها: "بالرغم من انتشار وباء كورونا والمحاذير المتعلقة به، واحتراما للتباعد المفروض، ولولا هذا الوباء، لكنا في هذا الصرح الكريم أضعافا أضعاف هذا العدد - جئناكم اليوم، مباشرة، ومن دون أي وكيل عنا - نحن الشعب اللبناني المستقل - المنتفض منذ أكثر من سنة - وفي هذا الظرف الاليم الذي نعيشه، لنقف الى جانبكم، في هذا الصرح الوطني الجامع والعابر للطوائف والانتماءات كافة، ولكي نشد على يدكم بمطالبتكم بحياد لبنان الناشط، ولعقد مؤتمر دولي بإشراف الامم المتحدة لننقذ كيان لبنان، وكي نلتف حول دولة قادرة، نزيهة، قوية، تعطينا الثقة، وتفرض ثقتها على المجتمع الدولي، خصوصا وان لبنان عضو مؤسس فيها كما في جامعة الدول العربية".
وتابعت: "نحن الشعب اللبنانى، ركيزة هذا الوطن، نحن شعب منفتح يحب الحياة ولا يعتبر الاختلاف خلافا، مؤمن بالعيش المشترك ويسعى الى التطور والتقدم، والإنماء والحياة الكريمة في مواكبة لدول العالم المتحضر".
رئيس لبنان
لا فساد إداريا لا استقواء بأي خارج، ولا وصاية من أحد على أحد، وحدها الدولة التي تنظم حياة مواطنيها، وتطور مؤسساتها حسب المعايير الدولية وكما تراه مناسبا، تحت سقف الدستور، لا لتدوير زوايا. لا لألاعيب ومغامرات وطمس حقائق في قضايا الفساد وانفجار المرفأ، والجرائم على أنواعها، فالسياسة علم ومنطق وموقف واخلاق"، لتتفضل الدولة القوية التي نطمح اليها وتجد الحلول الجذرية للمخيمات الفلسطينية، وللنزوح السورى، وتحصر السلاح المتفلت بمؤسساتها الامنية الشرعية، وتتحمل مسؤولية حفظ السلام والامن، وحدها حسب الاصول، على كامل ترابها".
لا للسلاح غير الشرعى
من جهته رحب البطريرك الراعي بالحشود الشعبية وقال: "عاش لبنان واحدا موحدا، حياديا ناشطا، سيدا مستقلا، حرا قويا، مستقرا: لبنان شركة ومحبة.
أتيتم من كل لبنان، أتيتم من كل الأعمار، نساء ورجالا أتيتم، رغم أخطار كورونا، لتدعموا طرح الحياد والمؤتمر الدولي الخاص بلبنان، وبكلمة أتيتم تطلبون إنقاذ لبنان. إننا معا، نعم معا، سننقذ لبنان.
أضاف: "لا يختلف اثنان على أن خروج الدولة أو قوى لبنانية عن سياسة الحياد هو السبب الرئيس لكل أزماتنا الوطنية والحروب التي وقعت في لبنان. لقد أثبتت التجارب التاريخية، القديمة والحديثة، أن كلما انحاز البعض إلى محور إقليمي أو دولي، انقسم الشعب وعلق الدستور، وتعطلت الدولة وانتكست الصيغة اللبنانية، واندلعت الحروب، ونحن نجدد الدعوة إلى اقرار حياد لبنان لكي نعطي للحياد صفة دستورية ثابتة.
نحن نواجه حالة انقلابية بكل معنى الكلمة على مختلف ميادين الحياة العامة، حالة انقلابية على المجتمع اللبناني وعلى ما يمثله وطننا من خصوصية حضارية في هذا الشرق. وكان الإنقلاب الأول على وثيقة الوفاق الوطنى التى أقرها مؤتمر الطائف سنة 1989، وقد إنعقد برعاية دولية وعربية. ولكنه لم يطبق حتى اليوم بكامل نصه وروحه؛ وعدل الدستور على أساسه، فظهرت فيه ثغرات أثرت في العمق على حياة الدولة حتى أصيبت بالشلل.
نريد من المؤتمر الدولى، أن يجدد دعم النظام الديمقراطي الذي يعبر عن تمسك اللبنانيين بالحرية والعدالة والمساواة. نريد من المؤتمر الدولي إعلان حياد لبنان فلا يعود ضحية الصراعات والحروب
نريد من المؤتمر الدولى، أن يوفر الدعم للجيش اللبناني، ليكون المدافع الوحيد عن لبنان، والقادر على استيعاب القدرات العسكرية الموجودة لدى الشعب اللبناني من خلال نظام دفاعي شرعى يمسك بقرار الحرب والسلم.
نريد من المؤتمر الدولى، أن يحسم وضع خطة تنفيذية سريعة لمنع التوطين الفلسطيني، ولإعادة النازحين السوريين آمنين إلى ديارهم. وخاطب اللبنانيين قائلا:" لا تسكتوا عن تسييس القضاء، لا تسكتوا عن السلاح غير الشرعي وغير اللبناني، لا تسكتوا عن سجن الأبرياء وإطلاق المذنبين، لا تسكتوا عن التوطين الفلسطيني ودمج النازحين، لا تسكتوا عن مصادرة القرار الوطني، لا تسكتوا عن الانقلاب على الدولة والنظام، لا تسكتوا عن عدم تأليف حكومة، لا تسكتوا على عدم إجراء الإصلاحات، ولا تسكتوا عن نسيان الشهداء. شهداؤنا ذخيرة وجودنا الروحي والوطني، وويل لمن ينسى شهداءه ويقايض عليهم" .