عقدت وزارة الأوقاف، ندوة للرأى تحت عنوان :"التسامح وأثره فى استقرار الفرد والمجتمع" بمبنى الإذاعة والتليفزيون، تحدث فيها : الدكتور هشام عبد العزيز على، أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والدكتور سعيد حامد مبروك مدير إدارة بحوث الدعوة بديوان عام الوزارة.
وفى كلمته أكد الدكتور هشام عبد العزيز أن التسامح خلق أصيل وهو منهج ربانى يعكس صورة الإسلام المشرقة، وفطرة دينية، وقيمة إنسانية ذات أهمية عظيمة فى حياة البشر، يقول سبحانه وتعالى : "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ"، ويقول (عز وجل) : "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ" مشيرًا إلى أن الإنسان لكى يصل إلى هذا الخلق العظيم لابد وأن تكون عنده سلامة صدر حتى يستطيع أن يسامح غيره ويتغلب على نفسه.
وأوضح أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دعا إلى التسامح والسلام بين المسلمين وبين غيرهم من الأمم، واعتبر ذلك من مكارم الأخلاق، فكان فى تعامله مع المسلمين متسامحًا، وقد وصفه الحق سبحانه وتعالى بقوله : "لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ"، وكان مع غير المسلمين ينطلق من هذا المبدأ العظيم ليؤسس قاعدة التواصل والتعاون والتعارف بين الناس، ولتكون العلاقة الطيبة هى الأساس الذى تُبنى عليه علاقات ومصالح الأمم والشعوب، وحتى مع أعدائه الذين ناصبوه العداء كان متسامحًا إلى حد العفو عن أسراهم واللطف بهم والإحسان إليهم، مؤكدًا أن ثقافة التسامح تشكّل صمام الأمان لعالم مطمئن ومزدهر ومتقدّم، كما تشكّل الأساس المتين لعلاقات طيبة على مستوى الأفراد والمجتمعات، لذا من واجب الجميع العمل على نشر قيم وفضائل التسامح حتى تصير ثقافة عامة، فنعيش فى عالم مطمئن ومتقدم.
وفى كلمته أكد الدكتور سعيد حامد مبروك أن الإسلام دين الفطرة والقيم، وفى طليعة هذه القيم قيمة التسامح، فهو دين الحنيفية السمحة، دين التسامح والمحبة والأخلاق العظيمة وقد جسّد النبى (صلى الله عليه وسلم) هذا الخُلُق من مفاهيم عملية فحوّلها إلى سلوك عملى لازم حياته فى جميع مراحلها، قبل البعثة وبعدها، ولقد ضرب (صلى الله عليه وسلم) لنا أروع الأمثلة فى العفو والتسامح , فعن معاوية بن الحكم السُّلَمى قال: "بينا أنا أصلى مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذْ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرمانى القوم بأبصارهم، فقلت: واثُكْلَ أُمِّيَّاهْ، ما شأنكم تنظرون إليّ؟ فجلعوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني، لكنى سكتُّ، فلما صلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فبأبى هو وأمي، ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، فو الله ما كَهَرني، ولا ضربني، ولا شتمني، قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هى التسبيح والتكبير وقراءة القرآن موضحًا أن التسامح منهج ربانى، ومبدأ من المبادئ التى أمر الحق سبحانه وتعالى البشر أن يتعاملوا بها فيما بينهم وجعلها سببًا لمغفرته ومرضاته، يقول تعالى : "وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ الله لَكُمْ وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ".
وأكد أن الدين كله قائم على اليسر، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم):” إنَّما بُعِثتم مُيسِّرين ولَمْ تُبعثُوا مُعسِّرِين”، والفقه فى الدين وفى الأحكام مبنى على التيسير , ولم يقل أحد على الإطلاق: إن الفقه هو التشدد، غير أننا ابتلينا فى العقود الماضية القريبة بأناس جنحوا نحو التطرف متوهمين أن التشدد تحوط، مع أن أهل العلم المعتبرين يؤكدون أن الفقه هو الرخصة من ثقة، وهو التيسير بدليل حيث يقول الحق سبحانه : "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : " اللهم من ولى من أمر أمتى شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولى من أمر أمتى شيئا فرفق بهم فارفق به " .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة