ما لفت انتباهي في مداخلة الرئيس عبد الفتاح السيسي مع برنامج حكاية الذى يقدمه الاعلامى المعروف عمرو اديب على قناة ام بى سي مصر هو تأكيده على ضرورة عودة هيبة الدولة بمؤسساتها وهيئاتها بقوة القانون وهى الهيبة التي غابت خلال الأربعين أو الخمسين عاما الماضية وضاعت في ركام الفساد الادارى والمالى الذى بدا في التغلغل في مؤسسات الدولة وخاصة في المحليات منذ نهاية السبعينات وادى الى كافة مظاهر الخلل في جسد الدولة المصرية التي وهنت أمام شراسة الفساد وغياب الدولة في مواجهته وتراجعها أمام بل يمكن القول تحالفها في بعض الأحيان معه.
الرئيس السيسي ضرب مثالا بعقارات الإسكندرية وعقار المحور ومخالفات البناء في مصر وخاصة في عروس البحر الأبيض المتوسط التي تحتوى على نحو 40% من مخالفات العقارات في مصر. وقد يتساءل البعض وكيف وصلنا الى هذا الحال..؟ لكن السؤال لا يحتاج الى إجابة لان الفوضى والعشوائية وغياب دولة القانون، لذلك لم يكن من المستغرب ان يصف الرئيس الوضع في بداية حكمه باننا" شبه دولة"
الوضع الحالي وفى اقل من 6 سنوات أصبح مغايرا تماما لما كان في الماضى..واستعادت الدولة هيبتها بقوة القانون وحسمه وحزمه وشاهدنا ذلك عندما بدأت الدولة في اطلاق المشروعات القومية وخاصة مشروعات الطرق والجسور والكبارى وواجهت فساد المحليات المتراكم بقوة القانون دون اية اعتبارات واطلقت حملة المصالحات مع المخالفات وأوقفت البناء في بعض احياء القاهرة والجيزة والمحافظات بعد ان تمدد غول البناء على الأراضي الزراعية والبنية الأساسية وتشوهت المدن التاريخية بالابنية الخرسانية العملاقة.
الدولة عادت مع الرئيس السيسي الذى يؤمن باستراتيجية القوة الداخلية التي تخلق القوة الخارجية للدولة، فقوة الاقتصاد الداخلي ومناعة المجتمع ضد الفتن والإرهاب والتشرذم وقوة الجيش والشرطة تنعكس على قوة الدولة الخارجية ودورها في محيطها الإقليمي والدولي وهو ما نراه الأن. لذلك هناك ثقة في التعامل مع ملف سد النهضة مع اتخاذ كافة التدابير والإجراءات الداخلية لترشيد المياه سواء في مشروع تبطين الترع أو معالجة مياه الصرف وغيرها لتوفير حوالى 2-3 مليار متر مكعب من المياه مع حسن استغلال مياه الامطار.
المشروعات في الداخل لبناء الدولة القوية في كل اتجاه ولبناء الانسان صحيا وتعليميا، الطرق والسكك الحديدية والجسور ليست بالكثير ومازلنا نحتاج الى المزيد في كافة القطاعات. ويكفى مشروع القضاء على العشوائيات ومشروع تطوير القرى – حوالى 4500 قرية- والذى سيغير من وجه الحياه في الريف المصرى وتوفير الحياة الكريمة لحوالي 58 مليون مواطن ومن وجهه نظرى ان مشروع حياه كريمة وتطوير القرى المصرية هو أضخم المشروعات القومية منذ نشآة الدولة الحديثة في بداية القرن التاسع عشر. وياتى معه مشروع القضاء على العشوائيات
البناء لم يقتصر على القرى والطرق والسكك الحديدية بل كان الأساس فيه هو الانسان المصرى الذى يوليه الرئيس السيسى اهتماما خاصا سواء في صحته وتعليمه وتوفير العيشة الكريمة له، فجاءت حملات 100 مليون صحة والقضاء على فيروس سي وصحة المرآة وأطفال المدارس ومشروع التأمين الصحى الشامل ثم مشروع تطوير التعليم.
الدولة القوية بمؤسساتها وشعبها هو المستهدف في فكر الرئيس السيسى ونظرته للمستقبل القريب والبعيد لصورة مصر الجديدة ، لكن يتبقى هناك مسئولية تقع على عاتق الشعب المصرى في المشاركة الفعالة في عملية التنمية التي تبتلعها الزيادة السكانية، فالمطلوب الحد من هذه الزيادة حتى تحقق التنمية العائد منها ويجنى ثمارها وعوائدها كل فرد من أبناء الوطن.. مشركة الشعب ووحدته وتماسكه خلف قيادته هو الرقم الأهم في بناء الدولة المصرية القوية.