يوما وراء يوما ينكشف دور الحركة الإخوانية في تدمير تونس ونشر الأفكار المتطرفة ومحاولة وقف العمليات الدستورية في البلاد، لكن اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب تعمل على التصدي لتلك الحركة لوقف تمويل الجماعات المسلحة بالمال والسلاح.
وقررت اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب في تونس، تجميد أموال وأصول 3 أشخاص طبيعيين مرتبطين بالإرهاب، كما جددت وفق بيان صادر عنها، تجميد أموال وأصول 40 شخصا طبيعيا مرتبطين بالإرهاب.
وأكد رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، منير الكسيكسي في تصريحات سابقة، أن اللجنة تمكنت من تجميد أموال 108 أشخاص، تعلقت بهم شبهات تمويل للإرهاب، وأنها ستقوم بنفس الإجراء الإداري مع الجمعيات التي تثبت القرائن تمويلها للإرهاب.
وأوضح الكسيكسي أن تمويل الإرهاب هو مجال اختصاص اللجنة في حين أن ملف تبييض الأموال ليس من صلاحياتها.
يأتي ذلك في إطار عمل اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب في تونس، للتصدي لتمويل الإرهاب وفق ما ينص عليه القانون الأساسي عدد 9 لسنة 2019 مؤرخ في 23 يناير 2019 المنقح والمتمم للقانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المؤرخ في 7 أغسطس 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، والأمر الحكومي عدد 419 لسنة 2019 المؤرخ في 17 مايو 2019 والمنقح والمتمم بالأمر الحكومي عدد 457 لسنة 2019 المؤرخ في 31 مايو 2019، المتعلق بضبط إجراءات تنفيذ القرارات الصادرة عن الهياكل الأممية المختصة المرتبطة بمنع تمويل الإرهاب ومنع تمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل.
من ناحية أخرى، كشفت شهادة كريم عبد السلام، مدبر عملية "باب سويقة" وأحد قادة شباب حركة النهضة التونسية، عن تورط قيادات حالية في الحزب في أحداث العنف التي تعود لسنة 1991، والتي نتج عنها حرق حارسي مقر حزب "التجمع الدستوري الديمقراطي” الحاكم آنذاك، علاوة على إعدام ثلاثة من شباب "النهضة"، وفق ما نشرت صحيفة "الشرق الأوسط” اليوم الثلاثاء.
وقال عبد السلام إن العملية "كانت من تدبير قيادات الحركة، ومن تنفيذ شبابها"، وبرر عدم العودة إلى هذا الملف الساخن، وعدم البحث عن رفات من أُعدموا في تلك الفترة، بتورط بعض قيادات "النهضة" في تلك الأحداث.
وتساءل في هذا السياق عن عدم كشف علي العريض، أحد أبرز قيادات الحركة، خفايا تلك الفترة عندما تولى وزارة الداخلية، مبرزاً أيضا أن نور الدين البحيري لم يطرح هذا الملف، حين كان وزيراً العدل، ونفس الشيء بالنسبة للقيادي سمير ديلو عندما تولى وزارة حقوق الإنسان، وأيضاً بالنسبة لعبد اللطيف المكي عندما تسلم حقيبة وزارة الصحة، رغم سيطرتهم على وزارات حساسة.
واتهم عبد السلام قيادات حالية في حركة النهضة بالتخطيط والتدبير لهذه العملية الإرهابية، في مواجهة مفتوحة مع نظام بن علي، معتبراً أن عملية "باب سويقة" كانت مدبرة، وأن معظم قيادات الحركة كانت على علم بتفاصيلها.
كما كشف عن وجود "خطة استثنائية" آنذاك لمقاومة نظام بن علي، قام بوضعها عبد الحميد الجلاصي، القيادي البارز في حركة النهضة، بتعاون مع الحبيب اللوز، وعبد الكريم الهاروني، والعجمي الوريمين، وجميعهم قيادات حالية في حركة النهضة، وتتمثل هذه الخطة في تجميع الأسلحة، وإعداد مجموعات لاستهداف مقرات حزب التجمع المنحل، وحرق مقار المؤسسات التعليمية.
كما أوضح عبد السلام، الذي قدّم هذه الشهادة التاريخية عبر أمواج إذاعة "شمس. إف. إم"، أن راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، قاد حملة وقتها لتعبئة أنصار الحزب، وكشف عن تصنيع حركة النهضة للأسلحة بوسائل محلية، في بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي، استعداداً لمواجهة مفتوحة مع نظام بن علي، داعياً الغنوشي إلى "الاعتذار والاعتراف بمسؤوليته عن إبادة جيل، أو جيلين من أنصار حزبه"، على حد تعبيره.
وفي رده على هذه الاتهامات، اعتبر الغنوشي أن شهادة عبد السلام بخصوص عملية "باب سويقة"، التي صنفها نظام بن علي طعملية إرهابية"، "ليست سوى مجـرد محاولة بائسة ويائسة لتحويل حركة سياسية... تعد الحزب الأكبر في البلاد، إلى حالة وقصة أمنية، عبر محاولة ربطها بالإرهاب"، على حد قوله.
واعتبر عبد السلام أن الجهاز السري لحركة النهضة ما زال موجوداً، "طالما أن الحزب لم يعلن عن تفكيكه"، مشيراً إلى أن الحركة ما زالت تحتفظ بتنظيمين: واحد هيكلي إداري عادي، وآخر موازٍ يتضمن دائرة استعلامات وجهازاً عسكرياً مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً وعضوياً ومباشراً مع الغنوشي.
يذكر أن مجموعة من الأحزاب اليسارية سبق أن اتهمت في مناسبات عدة حركة النهضة بتسيير جهاز أمني موازٍ، وبالمسؤولية عن الاغتيالات السياسية بعد 2011، والاحتفاظ بغرفة مظلمة في وزارة الداخلية، مؤكدة أن الحركة "لم تتحول بعد إلى حزب مدني ينبذ العنف".
على صعيد متصل، كشف محمد بن سعد، المسؤول السابق عن التعبئة داخل حزب "التجمع الدستوري الديمقراطيط المنحل، أن عدداً من "الدستوريين"، الذين اضطلعوا بمناصب قيادية في الحزب، كانوا "مندسين" داخله.
وقال بن سعد، خلال حوار نظمته جمعية «علوم وتراث” بمدينة القلعة الكبرى (وسط شرقي)، تحت عنوان «علاقة الأجيال بالإرث الوطني وعيد الاستقلال»، إنه عاين وجود العديد من طلبات الانخراط في الحزب لأفراد أكدوا انسلاخهم عن "حركة الاتجاه الإسلامي" (حركة النهضة حالياً)، لنيل قبولهم كمنخرطين جدد في "التجمع الدستوري الديمقراطي". وأكد أن هذه الخطة جاءت استجابة لنداء الغنوشي، الذي دعا مناصريه وأبناء حركة الاتجاه الإسلامي إلى الالتحاق بحزب "التجمع".
وقبل المشرفون على الحزب انخراطهم، رغم علمهم بانتمائهم للتيار الإسلامي لسببين: الأول هو مجاراتهم لكشف ما كان يخفيه هؤلاء من مخططات تستهدف نظام الحكم، والآخر يتمثل في محاولة طي صفحة الماضي، ومنحهم فرصة للعمل داخل الحزب، لكن بعد سنة 2011 غادر هؤلاء "التجمع" وعادوا إلى مواقعهم الأصلية، على حد تعبيره.