واصلت محكمة أمن الدولة العليا، برئاسة الفريق أول محمد فؤاد الدجوى، نظر محاكمة المتهمين فى قضية «التنظيم السرى الإرهابى لحزب الإخوان المنحل»، المشهورة تاريخيا باسم «تنظيم 1965 بزعامة سيد قطب».
بدأت المحكمة جلساتها يوم 9 إبريل 1966، واستأنفتها يوم 10 إبريل، مثل هذا اليوم، 1966، ونشرت «الأهرام»، وقائعها، وألقى صلاح نصار، رئيس النيابة، كلمته الافتتاحية، موضحا طبيعة التنظيم الإرهابية، وعقيدته التكفيرية، وذلك باعترافات المتهمين أثناء تحقيقات النيابة.. «راجع، ذات يوم، 9 إبريل 2021».
ذكر «نصار» مقاطع كاملة من إجابات المتهمين، وخصوصا سيد قطب، ثم فندها بأسانيد قوية، أكد أن «قطب» أسس نظريته لتنظميه بقوله: «إننا اليوم فى جاهلية، كل ما حولنا جاهلية، تصورات الناس وعقائدهم، عاداتهم وتقاليدهم، موارد ثقافتهم وآرائهم، تراثهم وقوانينهم، حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية، ومراجع إسلامية، وفلسفة إسلامية، وتفكيرا إسلاميا، هو كذلك من صنع هذه الجاهلية، وأن المجتمع الجاهلى هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم، وأن الإسلام يهدف إلى إزالة الأنظمة والحكومات الجاهلية»، ودعا «قطب» إلى تجمع تنظيمى حركى يزيل هذه الأنظمة القائمة فى صورة الجهاد بالسيف، وذلك على نحو ما أملته نفسيته المريضة الحاقدة».
أضاف «نصار»، أن قطب يدعو بذلك إلى تنظيم سرى يهدف إلى إحداث فتنة دامية وثورة عارمة، أملا فى أن تسنح لجماعته الفرصة فى اغتصاب السلطة، وهو فى هذا يحرف الكلم عن مواضعه، وأنه كان يرأس هذا التنظيم السرى المسلح الذى يتبع جماعة الإخوان، ويقوده على أساس المعالم التى تكفل بوضعها له، وقبل قيادته بعد أن علم أنه تنظيم سرى «فدائى» ينبغى الانتقام من الحكومة لما حدث لجماعتهم عام 1954 «بعد محاولتهم الفاشلة فى اغتيال جمال عبدالناصر».
سئل «قطب» عما إذا كان قيام تنظيم سرى بصورته الإرهابية مخالفا للقانون؟ أجاب: «العيب فى القانون ذاته، لمخالفته لأمر من أوامر الدين، حين منع النشاط العلنى لجماعة الإخوان»، وسئل: «ولكن الثابت على ما نعرف أن حزب الإخوان كان يشكل تنظيما سريا إرهابيا داخل الدولة، ارتكب بواسطته أكثر من جريمة»، أجاب: «الذى أعرفه شخصيا أن جماعة الإخوان كان لها تنظيم سرى، وأن وجوده ليس السبب المباشر فى حل الجماعة، وإنما السبب هو الدسائس الأجنبية التى تآمرت وأدى ذلك لحل الجماعة».
سئل: «هل ترى أنه كان من الممكن السماح بقيام جماعة ذات تنظيم سرى مسلح داخل الدولة؟ ألا ترى أن فى قيام تلك الجماعة، افتئات على الدولة، وعلى نظام الحكم القائم فى البلاد بما لاترضاه أى دولة فى العالم، ولا يرضاه أى نظام ولاقانون؟»، أجاب: «طبعا لا ترضى الدولة، ولكن كان ممكنا حل هذا التنظيم السرى بالتراضى على أساس حل التنظيم وإبقاء الجماعة كحركة علنية».
علق «نصار»: «لست أدرى فى أى واد يهيم المتهم بهذا القول، هل كان يبغى قيام مفاوضة بين الحكومة وبين جماعة مارقة خارجة على القانون لحل تنظيم كان له فى كل خطوة خطر داهم، إنه يرى أن رجال الدين الآمنين على الإسلام هم الإخوان، دون سواهم من عباد الله أجمعين، وأن تحريم نشاط هذه الجماعة وتأثيم جرائمها هو الذى يعد كفرا».
سئل «قطب»: «هل ترى أن التنظيم السرى كان ملتزما بما ضمنته من آراء فى كتاب معالم فى الطريق؟»، أجاب: «أيوه، ومعالم فى الطريق كتاب فيه فعلا خلاصة آرائى اللى كنت أقود التنظيم على أساسها»، سئل: «ما مدلول عبارة الحاكمية لله، فى رأيك؟»، أجاب: «أن تكون شريعة الله هى قاعدة التشريع»، سئل: «ومتى نودى بهذه العبارة فيما تعرف؟»، أجاب: «ده تعبير استقبلته أنا من دراستى للإسلام»، سئل: ألا تعرف أن هذه كلمة قالها الخوارج قديما، وقال عنها على بن أبى طالب: كلمة حق يراد بها باطل؟»، أجاب: «لا أتذكر موضعها هذا من التاريخ، ولم أكن أعنيه عندما استعملتها، وأنا كنت أعنى أن تكون شريعة الله هى قاعدة التشريع».
سئل: «ألم تنقل هذه الأفكار من مؤلفات أبى الأعلى المودودى؟»، أجاب: «أنا انتفعت بكتب المودودى وغيرها من الكتب أثناء دراستى للإسلام، ولا فرق بين ما أنادى به، وما ينادى به المودودى».
علق «نصار»: «يقينى أن المتهم يعرف أنه لما كانت واقعة صفين بين على ومعاوية، واتفق الطرفان على التحكيم، نفر قوم من جند على، وقال قائلهم: لا حكم إلا لله، وجابت هذه الجملة الأنحاء، وأصبحت شعار طائفة الخوارج الذين أصبحوا علما على السطحية والتعصب معا، يتشددون فى شعائر العبادة، ويقصرون فى طلب العلم وينادون: لاحكم إلا لله، وأمهلوا فى الكفر والتقتيل، فجعلوا قتال على وقتله مبيتا على ظنهم، وبلغ الشطط بهم فى إعمال شعارهم: لا حكم إلا لله، ورد عليهم على بن أبى طالب بقولته المشهورة: كلمة حق يراد بها باطل».
.. واستمرت الجلسات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة