نلقى الضوء على كتاب "دروس الحب" لـ آلان دو بوتون، ترجمة الحارس النبهان، وقد صدرت ترجمة الكتاب عن دار نشر "التنوير"، وفيه يتتبع الكتاب المسار الجميل والمعقد للعلاقة الرومانسية، فنحن جميعًا نعرف كم تكون أيام الحب الأولى مثيرة ومذهلة، لكن، ماذا بعدها؟
يقع رابح وكيرستن فى الحب.. يتفتّح الافتنان بالآخر.. ثم يأتى مسار الحياة بعد ذلك. يتزوجان وينجبان، لكن العلاقة على المدى البعيد لا تكون بسيطة، إذ تتغير مشاعرنا بعد أن تعيش ضغوط العيش اليومي.
والحب هو الموضوع الأثير لدى بوتون، ومجددًا يُظهر ما يتمتع به من قدرة على كشف كل ما لدينا من مخاوف وآمال وأفكار، والحصيلة تجربة حسّية، روائية وفلسفية ونفسية، تجعلنا نفكر فى تجربة الحب.
يقول الكتاب تحت عنوان "افتتان": الفندق قائم على مرتفع صخرى، على مسافة ساعة واحدة إلى الشرق من مدينة مَلقَة، فندقٌ مصمّم من أجل العائلات يكشف، فى أوقات الوجبات خاصةً، ومن غير قصد، عن الصعوبات التى يواجهها نتيجة كونه مشروعًا عائليًا.
رابح خان فى الخامسة عشرة من عمره، وهو فى عطلة مع أبيه وزوجة أبيه، الجو بينهم قاتم، والأحاديث قليلة، مضت ثلاث سنوات على وفاة والدة رابح، يقدّم الفندق الطعام من خلال بوفيه يقيمونه كل يوم على شرفة مطلّة على بركة السباحة، ومن حين لآخر، تبدى زوجة أبيه ملاحظة عن طبق البايلّا، أو عن الريح التى تهبّ شديدة من جهة الجنوب، هى فى الأصل من جلوسيسترشاير، وتحب العمل فى الحديقة.
لا يبدأ الزواج بعرض الزواج، ولا حتى فى اللقاء الأول، يبدأ قبل ذلك بزمن طويل، يبدأ عندما تولد فكرة الحب، وعلى نحو أكثر تحديدًا، يولد مع الحلم بشقيق الروح.
يرى رابح الفتاة أول مرة عند المزلقة المائية، تصغره بنحو سنة واحدة، ولها شعر كستنائى قصير كأنه شعر صبي، وجلد زيتونى اللون، وأطراف رشيقة. إنها ترتدى بلوزة بحّارة مقلّمة، وشورتًا أزرق، وشبشبًا أصفر ليمونيًا. فى معصمها الأيمن سوار دقيق من الجلد، تلتفت وتلقى فى اتجاهه نظرة سريعة وتبتسم ما قد يكون ابتسامة غير متحمّسة، ثم تجلس على كرسى من كراسى التشمّس. تمضى بعد ذلك بضع ساعات فى النظر إلى البحر نظرة تأمل وهى تصغى إلى الووكمان الذى معها وتعضّ أظافرها من وقت لآخر. والداها جالسان إلى جانبَيها. تتصفّح أمها عددًا من مجلة Elle، ويقرأ أبوها واحدة من روايات لين ديتون، بالفرنسية. فى وقت لاحق، سيعرف رابح من سجلّ نزلاء الفندق أنها من كليرمونت فيرالد، وأن اسمها آليس ساور.
لم يشعر من قبل أبدًا بأى شيء يشبه هذا، ولو من بعيد. غمره هذا الإحساس منذ البداية. ليس إحساسًا معتمدًا على كلمات لن يتبادلاها أبدًا. أحس كأنه، على نحو ما، كان يعرفها دائمًا… كأنها تقدّم إليه إجابة عن وجوده نفسه، وكأنها تقدّم خاصةً إجابة عن منطقة ألم حائر فى داخله. وفى الأيام التالية، يراقبها فى أرجاء الفندق، لكن عن بعد: وقت الفطور فى فستان أبيض ذى حاشية مزينة بالزهور وهى تجلب من البوفيه لبنًا رائبًا ودرّاقة؛ وفى ملعب التنس تعتذر من المدرب عن ضربتها العكسية بأدب مؤثّر وبلغة إنجليزية فيها لكنة واضحة؛ وفى نزهة منفردة (فى الظاهر) حول ملعب الغولف… تتوقّف لتنظر إلى نباتات الصبار والخبازى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة