بهامته المشدودة وخطابه البليغ وقف الرئيس السابع للجمهورية التونسية قيس سعيد يعلن من القاهرة أرض الكنانة أكثر من مجرد تضامن عربي بل موقف تاريخي ثابت وأن الأمن القومي لمصر جزء لا يتجزأ من الأمن القومي لتونس وأن بلاده لن تقبل أبدا المساس بالأمن المائي لمصر مؤكدا ضرورة استنباط طرق جديدة للتعاضد والتكاتف وليس التضامن فقط، طرق أخرى نرتقي بواسطتها لما نصبوا إليه من أحلام".
ما فعله الرئيس قيس سعيد يمثل منهج عمل جديد للتضامن العربي، منهج عملي يحشد طاقات الأمة في مواجهة تحديات تمس أمنها ووجودها. أمن وجود وليس حدود، وهو ليس غريبا على أستاذ القانون الدستوري، قليل الكلام، كثير الفعل والعمل في سبيل نهضة أمته ووحدته.
ولعل تصريحات الرئيس قيس سعيد في القاهرة أو قبل الزيارة في تونس وفي منتدى أسوان، تعيدنا إلى زمن من الأحلام الكبرى يوم أن وقفت مصر إلى جانب الحركة الوطنية التونسية في نضالها ضد الاستعمار، وتكشف رسالة دكتوراة بجامعة زى قار عن العلاقات السياسية المصرية التونسية(1956-1970) أعدتها الدكتورة فاطمة فالح الخفاجي عن دور الزعيم الراحل جمال عبد الناصر (1918-1970) في تدريب الشاب المتطوعين التونسيين في القاهرة لمواجهة الاستعمار، وإعدادهم للقتال في معسكرات الحرس الوطني، فضلا عن دور الدبلوماسية المصرية بقيادة الدكتور محمود فوزي وزير الخارجية ، بالاحتجاج لدى الأمم المتحدة على الأعمال الوحشية للاستعمار في تونس، وإقناع العالم بصدق قضية المجاهدين التونسيين واحتضنت القاهرة المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة، حتى قبل ثورة 23 يوليو 1952، وفي 27 يوليو 1954 تقدمت مصر مع 13 دولة أفريقية وآسيوية بمذكرة للأمم المتحدة لإدراج القضية التونسية في جدول أعمال الدورة التاسعة للأمم المتحدة.
وكان السياسي التونسي صالح بن يوسف كذلك كثير الزيارات للقاهرة للتنسيق معها ودعم مطالب الشعب التونسي في نيل استقلاله عن فرنسا. وأذكر أنني أثناء إعداد مذكرات السياسي التونسي الكبير الطاهر بلخوجة وزير داخلية بورقيبة عندما زار القاهرة رحب به قدامى تجار الموسكي والحسين، متذكرين أيام وقفته معهم في زيارة تونس.
وهذا مجرد فصل واحد من فصول التضامن والتكاتف والتعاضد والأخوة المصرية التونسية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة