بين مدن يخنقها الازدحام، وقرى تكاد تخلو من السكان، تجد إسبانيا نفسها أمام مفارقات الحياة العصرية التي فرضت على الكثيرين العيش في بيوت ضاقت بأصحابها في الكثير من المدن، نظرا لصغر مساحتها وكثرة سكانها، وبين مئات من القرى والمدن حيث لا يسكن فيها سوى عدد جد محدود من الأشخاص، منها 1800، لا يقطنها سوى شخص واحد، حسب موقع إيل كونفيدونسيال El Confidencial الإسباني، الذي أكد أن تلك القرى والمدن تنتشر في مختلف أنحاء إسبانيا لكنها تتمركز بشكل أكبر في جاليسيا وأستورياس.
ونقل موقع راديو مونت كارلو، أن هذا الوضع يعكس واقع العزلة التي بات مئات الأشخاص يعيشونها، والمعاناة التي يعاني منها أولئك الأشخاص بعدما رحل أفراد أسرهم الواحد تلو الآخر، تاركين لهم الأرض والوحدة.
ويؤكد العديد من سكان تلك القرى أنهم كانوا يقطنون في أسرة ممتدة يصل عدد أفرادها إلى حوالي عشرين، لكن الكبار توفوا والصغار اختاروا حياتهم بعد وصولهم لسن البلوغ، وورث من بقوا على الأرض وتمسكوا بها إما عن حب لها أو أمام عدم وجود بديل آخر.
وحسب موقع إيل كونفيدونسيال، لا تنظر السلطات بعين الرضا لهذا الوضع، فهي مجبرة بحكم قوانين البلاد على توفير الضروريات الأساسية لكل ساكنيها، ما يضطرها إلى مد شبكة المياه والكهرباء وتوفير بعض البنيات التحية كالمجاري وصيانة الطرق لفكها من العزلة وجمع القمامة وتوفير النقل العام.
وأمام ما فتحته جائحة كورونا من مجال واسع للعمل عن بعد، بات الكثير من سكان تلك القرى يعولون على هذه الوسيلة لجلب أهاليهم للسكن معهم، عبر حثهم على التفاوض مع أرباب عملهم عن إمكانيات العمل عن بعد لوقت طويل أو محدد خلال السنة. لكن إشكال ضعف شبكة الهواتف والأنترنيت في العديد من تلك القرى يحد من إمكانيات اختيار هذا الحل للحد من عزلة تلك المناطق.
وبموازاة ذلك، اختار أشخاص تحويل منازلهم المنعزلة إلى منتجعات سياحية تستقبل زوارا فتذر دخلا على أصحابها وتخرجهم من وحدتهم. وهو نوع من الاستغلال لتلك الأماكن تشجعه الدولة لكونه يساهم في إنعاش الاقتصاد.
كما تعمد البلديات إلى المساهمة في ترميم منازل عديدة في تلك القرى وتشجيع ساكنيها ممن هجروها إلى العودة إليها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة