يجب تجاوز الصخب والضجيج المحيط بقضية تجديد الفكر الدينى وإعادة تفعيل صالونات الفكر وورش العمل وتأسيس عقد اجتماعى جديد يضمن لنا جميعا الاحترام المتبادل واستقرار المجتمع
الإرهاب لا مستقبل له لأنه قائم على مفاهيم مغلوطة وفكر جماعاته مثل الخوارج غير قابل للبقاء أمام المواجهات الفكرية.. والدراما لها دور كبير فى التوعية بخطورة الفكر الإرهابى
تقدم برنامج «رجال حول الرسول» فى شهر رمضان.. برأيك كيف يمكننا الاستفادة من تاريخ الصحابة فى مجتمعنا الحاضر؟
يدور البرنامج حول المهن التى امتهنها الصحابة منذ العهد النبوى، طوال الحلقات نقدم ونفتش عن المهن والحرف التى عمل بها الصحابة رضى الله عنهم، ونستخرجها، ونوضح المهن المماثلة لها فى العصر الحالى، والهدف من البرنامج هو أن نبين كيف كانت صناعة المؤسسات فى العهد النبوى، ونعرض من خلاله جانبا جديدا من الهدى النبوى فى البناء و العمران، كما أن المعانى التى نتحدث عنها فى البرنامج لتقريب الصورة الحقيقة لما وجد فى عهد النبوة من مهارة وكفاءة ومقدرة على إدارة شؤون الحياة والتفاعل مع العالم واستيعاب ما يحدث فيه، ونريد الجودة العالية فى كل شىء، لنرى كيف زرع الرسول فى صحابته الرقابة الذاتية، وأن يقوم كل مواطن بممارسة عمله بحب وأن يتقن فيه ويضيف ويبدع ولا يكون منصبه مجرد منصب شرفى، ولعل كلمة أو تصورا أو كفاءة أو معنى معينا نستطيع توصيله إلى أطفالنا وشبابنا اليوم، يستفيدون منه عندما يكبرون، والمترجم والمعلم والوزير وغيرها من المهن التى ظهرت أيام النبوة تؤكد أن هناك ضرورة بأن من يقوم بحرفة عليه أن يمارسها بحب ويبدع فى أدائها، وأن يكون هناك تفكير فى كيفية الإبداع، وعدم التعامل على أنه فى منصب شرفى أو أن يقوم بالعمل وهو ضجر لأن هذا لن يساعد على بناء الدولة».
تجديد الخطاب الدينى هو إعادة صناعة وعى دينى ووطنى وإنسانى جذاب ومنير ولافت للنظر ومؤسسى ومدرك للواقع بكل تعقيده وملابساته، وقادر على الخوض فيه ومواجهته بنجاح، بحيث يحاصر فكر التطرف والتكفير ويفنده ويفككه، ويحرز فى هذا نجاحا يلمسه الناس، ويعيد بناء الإنسان المصرى الجاد العبقرى المبدع الرائد، ويعيد تشغيل مصانع الحضارة فى الفكر المسلم حتى يرجع لقراءة القرآن فيستخرج منه الحضارة والتمدن والحياة والإحياء، وكل هذا لابد فيه من عمل منظومى مؤسسى، وفرق عمل، تعتمد على ورش عمل وخطط تنفيذ ومتابعة وحوكمة، فتجديد الخطاب الدينى، هو طاقة إبداعية روحية جديدة، تنطلق داخل العقول قبل أن تتحقق على أرض الواقع، وتستطيع مواجهة فكر الخوارج الجدد بمختلف صوره وراياته وشعاراته ومقولاته، والانتصار السريع عليه.
تثار منذ فترة قضية تجديد الخطاب الدينى .. برأيك ما الذى نحتاجه لتحقيق هذا التجديد؟
وتجديد الخطاب الدينى ينقسم إلى مستويات ثلاثة، أول هذه المستويات يشبه عمل رجل الإطفاء، حيث يخرج علينا تيار من التيارات المتطرفة بكارثة من الكوارث، فتحتاج إلى ملاحقة شديدة للرد والتفنيد، وأغلب الجهود المبذولة من المؤسسات إلى الآن فى هذا الطور، وبعد مرحلة ملاحقة الكوارث الفكرية التى تثيرها التيارات المتطرفة وتفنيدها، يأتى مستوى آخر فى إعادة صناعة الفقه الملائم لهذا الزمن، والذى يملأ العقول مناعة من الفكر المتطرف، وصولا إلى المستوى الثالث، الذى لم يتم التطرق إليه حتى الآن، وهو إعادة صناعة «النموذج المعرفى للمسلمين» والطرح الدينى والفكرى والعقلى.
وماذا عن دور بقية المؤسسات الدينية فى تلك العملية؟
نثمّن ونقدر جهود المؤسسات الدينية وما تقوم به من دور فى هذه العملية، والأزهر الشريف يؤدى دوره فى مواجهة الفكر المتطرف من خلال عدد من القنوات والإجراءات والآليات، وهناك دور يناط بمشيخة الأزهر، كما أن هناك دورا ثانويا لأفراده وخبرائه الذين يعكفون على رصد مكتسبات العصر حتى يسفر الأمر عن منتج نهائى يسمى فى نهاية المطاف دور الأزهر فى مواجهة الفكر المتطرف.
لكم مساهمات فى قضية تجديد الخطاب الدينى.. ماذا عنها؟
عام 2015 صدر كتاب «الحق المبين فى الرد على من تلاعب بالدين»، تناولت فيه موضوع التيارات المتطرفة بأدوات المنهج الأزهرى الرصين، ومسألة التيارات المتطرفة مسألة شديدة التعقيد والتركيب ويُعد سيّد قطب أحد رموزها فى هذا العصر بالمفاهيم المغلوطة التى اخترعها وتبناها المتطرفون من بعده، فلهذا السبب عكفت على تحليل خطاب سيد قطب وسبر أغواره واعتماد المتطرفين عليه فى تنظيرهم، ومن أهم المسائل التى تم تفنيدها من خلال هذا العمل: الحاكمية، وتكفير المسلمين، مفهوم الجاهلية وانقطاع الدين، مفهوم دار الكفر ودار الإسلام، مفهوم الوعد الإلهى، مفهوم الجهاد، مفهوم التمكين ومسألة الوطنية.
وما هو الهدف من الكتاب؟
كان الهدف منه معالجة فكر سيد قطب معالجة علمية رصينة، وذلك لشدة تأثيره فى فكر التيارات المتطرفة، وتوضيح الخلل الذى وقع فى بعض المفاهيم المغلوطة، وإبراز العقلية الأزهرية الأصيلة فى تناول النصوص الشرعية، الواقع الذى تعيشه الأمة من سفكٍ للدماء وقتلٍ للأبرياء باسم الدين، وتشويهٍ للشريعة الإسلامية السمحاء، وجرأةٍ على استنباط الأحكام من النصوص.
هناك من يخلط فى هذه القضية بين تجديد الخطاب الدينى وبين تعديل الثوابت الدينية.. كيف ترى هذا الأمر؟
وهل ترى أننا بحاجة إلى تنقية التراث الإسلامى.. ومن أين نبدأ برأيك؟
التراث كلمة واسعة تشتمل على النتاج الفكرى للمسلمين فى مختلف العلوم والمجالات، من الفقه والحديث والتفسير إلى الطب والتشريح والفلك والهندسة، وبناء المدن وتخطيطها، وعلوم البحار، وغير ذلك ما أسهم فيه المسلمون، أما بخصوص التراث الدينى على وجه الخصوص فنحن نفرق تماما بين ما تشتمل عليه الكتب من مناهج فهم وتعامل مع الوحى والاستنباط منه، وبين مسائل زمنية كانت تناسب زمانهم ولم تعد تناسب زماننا بالمرة، ونحن هنا نستفيد من المناهج ولا نتوقف عند المسائل، فالقبول المطلق خطأ، والرفض المطلق أيضا خطأ، ويبقى لنا الانتقاء الواعى، هذا من حيث المبدأ، لكن قناعتى الشخصية هى أننا يجب أن ننظر إلى الأمام، ونجرى جريا فى هذا العالم المتطور المتغير شديد السرعة.
قدمت موسوعة «جمهرة أعلام الأزهر الشريف».. ما هو الهدف من تلك الموسوعة؟
على مدار 16 سنة صُنع وتبلور ونضج هذا الكتاب، 10 سنوات منها كانت جمعا للمادة العلمية، و6 سنوات كانت عكوفا وانقطاعا وانكبابا على التنفيذ والتدوين والتحرير والصياغة.
ما هى رسالتك للشباب فى وقتنا الحاضر؟
رسالتى أن الإنسان المصرى، إنسان عظيم، قادر على اجتياز أى أزمة، وصناعة مكانة تليق به، ووطنه لن يتخلى عنه، مهما كانت أزماته، بل إن مفتاح حل أزمات الوطن هو أنت أيها الإنسان العظيم، والواجب الوطنى الأول هو الثقة فى النفس، والثقة فى الوطن، وأن نلتف جميعا حول وطننا حتى يكون فى المكان الذى نحبه فى طليعة الأمم.
كيف ترى جهود الدولة فى حل أزمة الغارمات، خاصة فى ظل اهتمام الرئيس السيسى بحل تلك الأزمة؟
الرئيس عبدالفتاح السيسى وجه بمعالجة جذرية لقضية الغارمات منذ سنوات، ودفع من ماله الخاص مبلغا لكل سيدة غارمة، وتوجهنا إلى أكثر من سجن وتم الإفراج عن عدد كبير من الغارمات.قدمت كتابا عن «الشخصية المصرية».. كيف ترى أوجه الاستفادة من تحليل الشخصية المصرية للأجيال الجديدة؟
الكتاب يرصد تكوين وتركيبة الشخصية المصرية، والكثير من الشباب فى حاجة إلى النصيحة فى كيفية الخروج من دائرة الضيق إلى السعى والعمل والإبداع والابتكار، واختراق حواجز الأزمات التى قد تبدو كبيرة ومعقدة، والتى تتصاغر أمام النجاحات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة