من الشعراء المؤثرين فى التاريخ الأدبى العربى الشاعر الكبير ابن الرومى، والباحثون عادة ما يضعونه فى مرتبة الكبار أمثال المتنبى وأبو نواس وبشار بن برد، وهو أبو الحسن على بن العباس بن جريج، ولد فى بغداد فى ظل الدولة العباسية فى 25 يونيو عام 836م، وبها نشأ وكان مسلماً موالياً للعباسيين.
بكاؤكُما يشْفى وإن كان لا يُجْدى
فجُودا فقد أوْدَى نَظيركُمُا عندى
بُنَى الذى أهْدَتْهُ كَفَّاى للثَّرَى
فَيَا عِزَّةَ المُهْدَى ويا حَسْرة المُهدِي
ألا قاتَل اللَّهُ المنايا ورَمْيَها
من القَوْمِ حَبَّات القُلوب على عَمْدِ
تَوَخَّى حِمَامُ الموتِ أوْسَطَ صبْيَتي
فلله كيفَ اخْتار وَاسطَةَ العِقْدِ
على حينَ شمْتُ الخيْرَ من لَمَحَاتِهِ
وآنَسْتُ من أفْعاله آيةَ الرُّشدِ
أبدع ابن الرومى فى الرثاء وذلك نظراً لما عاناه فى حياته من كثرة الآلام والكوارث التى تعرض لها، وكان رثاؤه الذى قاله فى ابنه الأوسط يعبر عن مدى الألم والحزن فى نفسه، كما له رثاء فى "خراب البصرة"،
وتتجلى عاطفة ابن الرومي، وقوة شعره فى حادثة وفاة ابنه محمد إثر مرض داهمه، وهو فى هذا الشعر ينتقى الكلمات بعناية لتعبّر عمّا فى مكنونه من الألم والضيق والحسرة، ومن الفقد والوجع بعد وفاة فلذة كبده.
طَوَاه الرَّدَى عنِّى فأضحَى مَزَارُه
طَوَاه الرَّدَى عنِّى فأضحَى مَزَارُه
بعيداً على قُرْب قريباً على بُعْدِ
لقد أنْجَزَتْ فيه المنايا وعيدَها
وأخْلَفَتِ الآمالُ ما كان من وعْدِ
لقَد قلَّ بين المهْد واللَّحْد لُبْثُهُ
فلم ينْسَ عهْدَ المهْد إذ ضُمَّ فى اللَّحْدِ
تَنَغَّصَ قَبْلَ الرِّى ماءُ حَياتِهِ
وفُجِّعَ منْه بالعُذُوبة والبَرْدِ
ألَحَّ عليه النَّزْفُ حتَّى أحالَهُ
إلى صُفْرَة الجادى عن حُمْرَةِ الوَرْدِ
وظلَّ على الأيْدى تَساقط نَفْسُه
ويذوِى كما يذوى القَضِيبُ من الرَّنْدِ
فَيَالكِ من نَفْس تَسَاقَط أنْفُساً
تساقط درٍّ من نِظَام بلا عقدِ
عجبتُ لقلبى كيف لم ينفَطِرْ لهُ
ولوْ أنَّهُ أقْسى من الحجر الصَّلدِ
بودِّى أنى كنتُ قُدِّمْتُ قبْلَهُ
وأن المنايا دُونَهُ صَمَدَتْ صَمْدِى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة