أصدرت الدائرة الجنائية "أ" – بمحكمة النقض – حكماَ قضائياَ أرست فيه مبدأ قضائياَ جديدا، حيث قضت فيه بالنقض والإعادة في قضية "إعدام" شخص متهم بالقتل.
وقالت المحكمة فى حكمها: "الخلافات السابقة ليست دليل قاطع علي توافر نية ازهاق الروح، وأن نية القتل فهي أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر، وإنما يدرك بالظروف المحيطة في الدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجانى وتنم عما يضمره في نفسه".
وقائع الطعن المقيد برقم 19879 لسنة 83 ق، تمثلت في اتهام النيابة العامة للقاتل وآخر سبق الحكم عليه في القضية رقم 5121 لسنة 1992 منفلوط، بأنهما في يوم 5 من ديسمبر سنة 1992 بدائرة مركز منفلوط – محافظة أسيوط – قتلا على حسن عمداَ مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية على قتله وعقدا العزم على ذلك، وأعدا لهذا الغرض أسلحة نارية بندقية آلية ومسدس وفرد، وترصداه في المكان الذى أيقنا سلفاَ مروره فيه وما أن ظفرا به حتى أطلقا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله، فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين آخرين أنهما في الزمان والمكان سالفى الذكر.
4 جرائم تحيط بالقضية
1- قتل المتهمان "صلاح. ح" عمدا مع سبق الإصرار والترصد، بأن بيتا النية على قتله وعقدا العزم على ذلك، وأعدا لهذا الغرض الأسلحة النارية سالفة البيان، وترصداه في المكان الذى أيقنا سلفا مروره فيه، وما إن ظفرا به حتى أطلقا عليه الأعيرة النارية قاصدين من ذلك قتله، فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
2- شرعا في قتل "عماد. ف"، بأن أطلقا عليه الأعيرة النارية من الأسلحة النارية سالفة الذكر قاصدين من ذلك قتله، فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو مداركة المجني عليه بالعلاج.
ثانياَ: أحرزا بغير ترخيص سلاحين ناريين مششخنين "بندقية آلية ومسدس".
ثالثاَ: أحرزا بغير ترخيص سلاحاَ نارياَ غير مششخن "فرد".
رابعاَ: أحرزا ذخائر "عدة طلقات" مما تستعمل على الأسلحة النارية سالفة الذكر حال كونهم غير مرخص لهم بحيازتها أو إحرازها.
وفى تلك الأثناء – أحالتهما النيابة إلى محكمة جنايات أسيوط لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياَ بمعاقبة "هشام. أ" بالسجن المؤبد عما أسند إليه، ومصادرة المضبوطات، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.
مذكرة الطعن قالت إن القاتل حينما طعن على الحكم فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المقترن بجنايتى القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والشروع فيه وإحراز سلاح ناري مششخن "مسدس" وذخيرته بغير ترخيص، قد شابه القصور في التسبيب، والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن لم يدلل تدليلاَ كافياَ وسائغاَ على توافر نية القتل في حقه، وأضاف إليه واقعة قتل "كرم. أ" رغم عدم وجودها بأمر الإحالة وفيما انتهى إليه الحكم، مما سيتوجب نقضه.
النقض: الخلافات السابقة ليست دليلا قاطعا على توافر نية ازهاق الروح
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن جرائم القتل العمد والشروع فيه تتميز قانونا بنية خاصة هي انتواء القتل وإزهاق الروح وهذه تختلف عن القصد الجنائي العام الذى يتطلبه القانون في سائر الجرائم العمدية، لما كان ذلك، فإن من الواجب أن يعنى الحكم الصادر بالإدانة في هذه الجرائم عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة التي تثبت توافره، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب في التدليل عليه إلى القول: "بحيث إنه عن نية القتل فهي أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر، وإنما يدرك بالظروف المحيطة في الدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجانى وتنم عما يضمره في نفسه فقد توافرت في حق المتهم من ضرب المجنى عليهما "على. ح"، و "صلاح. ح" في أجزاء متفرقة من جسدهما وحمل المتهم للسلاح، وتتبع خطوات المجنى عليهما حتى وصولهما إلى بندر منفلوط بما لا يقطع مجالا للشك من توافر نية إزهاق روح المجنى عليهما لدى المتهم وهى نية خاصة أضمرها المتهم الجانى في نفسه لوجود الخلافات السابقة بينهما.
وكان ما أورده الحكم المطعون فيه على النحو المتقدم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادى الذى قارفه الطاعن دون أن يكشف عن قيام نية القتل بنفس الطاعن، فإنه يكون مشوباَ بالقصور بما يبطله ويوجب نقضه، أضف إلى هذا ما أورده الحكم بأسبابه بشأن ما نسب إلى الطاعن وآخر قتل "كرم. أ" بالإضافة إلى المجنى عليهما "على. ح" و"صلاح. ح" رغم أن ما انتهى إليه الحكم ودانه به كان بشأن قتل المجنى عليهما سالفى الذكر فقط، ما يدل على اختلال فكرته عن عناصر الدعوى وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة الاستقرار الذى يجعلها في حكم الوقائع الثابتة، مما ينبئ عن أن الواقعة لم تكن واضحة لدى المحكمة، الأمر الذى يجعل الحكم متناقضاَ مع بعضه، مما يعيبه ويوجب نقضه والاعادة.
1
2
3
4