تمر اليوم ذكرى سقوط مدينة بيروت فى يد الحملة الصليبية، ففى يوم 13 مايو عام 1110 قام الصليبيون باحتلال مدينة بيروت وأطلقوا عليها اسم "جوتييه" وعاثوا فيها فسادًا وارتكبوا مذابح مروعة فيها، كان سكان المدينة خليط من المسلمين والمسيحيين، وحوصرت بيروت لمدة 11 أسبوعاً حتى سقطت عندما تمكن اليأس من المدافعين عنها، وعلى الرغم من حصول سكانها على وعد بالأمان من الملك بولدوين مقابل فتح أسوارها أمام قواته إلا إنه أخلف وعده وانطلق جنوده يقتلون السكان حتى امتلأت الشوارع بالدماء.
شعر الصليبيون بضرورة الاستيلاء على المدن الساحلية لضمان حرية المواصلات مع أوروبا، وقد تم لهم ذلك بالرغم من مناعة هذه المدن، ففى سنة 500هـ/1107م، فشلوا فى دخول صيدا بسبب مساعدة الأسطول الفاطمى لها.
وفى سنة 501هـ/1108م، لم يتمكن الأسطول الفاطمى من مساعدة طرابلس فسقطت بيد الصليبيين، ذلك أن الأسطول المصرى عاد إلى مصر بالرغم من تمسك أهل بيروت وصيدا وصور ببقائه فى مياه ثغورهم، حماية لهم من غزو صليبى وشيك.
وكان سقوط طرابلس بيد الصليبيين درسًا للفاطميين، لذلك لم تكد تصل الأخبار إلى الأفضل الفاطمى بزحف الصليبيين نحو بيروت سنة 503هـ/1110م، بقيادة بلدوين الأول ( ملك بيت المقدس وبرترام بن صنجيل وجوسلين صاحب تل باشر، حتى أرسل الأسطول المصرى لنجدة بيروت، التى حوصرت 11 يومًا.
يذكر أسطفان الدويهى فى كتابه "تاريخ الأزمنة": أن الحصار استمر مدة شهرين برًا وبحرًا حتى سقطت بيروت، ولم يكن الاستيلاء على بيروت أمرًا سه ًلا، فالمسلمون دافعوا ببسالة عن مدينتهم، وعندما صنع الصليبيون برجًا من خشب صنوبر بيروت، ونصبوه على سور المدينة، ونصبوه على سور المدينة، كسره المسلمون بحجارة المنجنيق.
وفى هذه الأثناء، أرسل الأفضل الفاطمى أسطولا مصريًا، يتألف من 19 مركبًا حربيًا، لنجدة المسلمين فى بيروت، وتغلب الأسطول الفاطمى على مراكب الصليبيين، واستولى المسلمون على بعضها، ثم أفرغت شحنة تلك السفن من القوت والمؤن والعدد والسلاح، فقويت نفوس أهل بيروت، واشتدت عزائمهم، وبدأوا يقومون بهجمات عنيفة على الصليبيين الذين يحاصرون بيروت.
وعندئذ استنجد الملك بلدوين الأول بالجنوية، الذين طالما سخروا سفنهم فى خدمة الحركة الصليبية، فأتوه فى أربعين مركبًا مشحونة بالمقاتلين، ونصبوا عليها مائة منجنيق، كما نصبوا برجين من خشب الصنوبر على أسوار المدينة، واشتدوا فى حصارهم لبيروت وأخذوا يمطرونها بقذائف الحجارة المدمرة، واستشهد فى المعركة، مقدم الأسطول المصرى وعدد كبير من رجاله، ولكن المعركة تحدد مصيرها أمام ضخامة الحشود الصليبية، فانهزم المسلمون، ودخل الصليبيون بيروت قهرًا.
قام صلاح الدين الأيوبي، باستعادة بيروت فى سنة 1187 م، ولم تدوم تحت قيادة مسلمة لمدة طويلة، لتعود تحت حكم الصليبيين مرة أخرى بعد 10 أعوام من استعادة صلاح الدين لها، ظل الصليبيون فى المدينة حتى سنة 1291، ويعد "يوحنا الأول سيد إبلين"، من أشهر الحكام الذين حكموا بيروت، وهو يلقب "بسيد بيروت العجوز"، وقام ببناء قصر "آل إبلين"، وترميم المدينة بعد المعارك المتعددة مع صلاح الدين الأيوبي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة