أحمد إبراهيم الشريف

"وَيُلهِهُم الأمل".. الانشغال عن الحق

السبت، 15 مايو 2021 09:40 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يمكن القول إن الأمل أمر سيئ أو ممنوع، ولكنه أحيانًا يكون وبالًا على صاحبه، وذلك عندما يكون مرتبطًا بالغرور والثقة الزائدة عن الحد، أو بإنكار حق من الحقوق، أو بالتعالى على خلق الله سبحانه وتعالى.
 
يقول الله فى سورة الحجر "ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ"، أنا عادة أميل إلى أن فكرة الأمل تعنى التفكير فى الغد، بالتالى فإن الكلمة - فى حد ذاتها - ليست سلبية، وليس معناها الخطأ، ولكن عند الربط بين الأمل والإلهاء تظهر المشكلة، فالإلهاء يعنى "الإغفال" ومعنى يلههم الأمل أي أنه يشغلهم عن الصواب، وهو ما نمر به جميعا، حيث يشغلنا الغنى عن التفكير فى الجوع، وبالتالى عن الإحساس بالفقراء، وتشغلنا الصحة عن التفكير فى المرض، وبالتالى لا نأبه بالمرضى وما يحتاجونه، ويشغلنا استيقاظنا فى الصباح عن التفكير فى الموت وانقضاء الأجل.
 
والأمل فى هذه الحالة "مخادع"، يتساوى والوهم، وذلك لكونه يخدع القلب ويوهم العقل بأن الحياة آمنة مستقرة، وأن يد التغيير لن تصيب الثابت من حياتنا، وأن ما يحدث للآخرين لن يقع لنا، ومن هنا تكمل الآية المعنى فتقول "فسوف يعلمون"، والعلم مرتبط باليقين ولا علاقة له بالظن، أى أنهم سيعلمون بالفعل أن كل ما فكروا فيه وكل ما شغلهم عن الحق كان أملا كاذبا ليس حقيقة.
 
وبالطبع هذه المعانى ليست دعوة للتوقف عن التفكير فى الغد، بل إنها دعوة لتوازن الإنسان على هذه الأرض، أن يكون معتدلا قدر استطاعته، حيث يقول ربنا سبحانه وتعالى فى السورة نفسها "وجعلنا لكم فيها معايش"، وهى آية دالة على أننا لم نأت للحياة كى نقف على حافتها ونشاهدها كغرباء ننتظر أن يأتى الموت، بل تعنى السعى والعمل من أجل رزق الله، وفى الوقت نفسه نتحكم فى اندفاع الأمل المخادع الموجود تحت جلودنا.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة