نحتفل اليوم ويحتفل الملايين فى مصر والعالم العربى وكل محبى الفن بعيد ميلاد الزعيم عادل إمام الموافق 17 مايو عام 1940.
يكمل الزعيم اليوم 81 عامًا، أعطى منها أكثر من 60 عامًا للفن وأبدع خلالها فى كل مراحل حياته وما زال يمتع الجميع بفنه وينتظر الملايين طلته فى كل عمل جديد.
عادل إمام الذى يصحب اسمه هالة كبيرة وتاريخ طويل استطاع خلاله أن يتربع على عرش القلوب وأن يحوز لقب الزعيم دون أن يدعيه أو يطلقه على نفسه، بل أطلقه عليه الجمهور ونصبه زعيمًا على دولة الفن.
استطاع عادل إمام أن يخلق لنفسه مكانًا ومكانة فى قلوب الجماهير حتى فى بداياته ومع أول ظهور له وفى أعمال لم يظهر فيها سوى مشاهد قليلة لينبئ بأن هذا الفنان الموهوب سيكون له شأن كبير، واستطاع أن يخلق حالة خاصة بينه وبين المشاهدين لهذا الفتى الذى لا يحمل مواصفات الجان التقليدية ولكنه يحمل طاقة فنية وجاذبية وموهبة وسحر وروح تعرف كيف تؤثر فى الجمهور وتكسب حبه وتلفت نظره وتنال إعجابه، فمن ينسى دسوقى أفندى كاتب المحامى فى مسرحية "أنا وهو وهى"، وهو من أوائل أدوار الزعيم، وكيف أحدث ظهوره ضجة على المسرح وأعلن عن مولد نجم من طراز خاص.
لم يبدأ الزعيم بأدوار البطولة لكنه استطاع أن يخلق لنفسه مكانة مميزة وأن يكون مختلفًا أينما ظهر، وتدرج حتى حصل على أدوار البطولة مع فيلم البحث عن فضيحة عام 1973 وبعدها توالت بطولاته.
لم يكن عادل إمام مجرد فنان يحصل على أدوار البطولة فحسب بل عبر من خلال فنه وما قدمه عن آلام وأحلام وهموم الوطن والمواطنين، جعل المواطن يرى نفسه وما يعانيه على الشاشة، ويضحك حتى البكاء، قدم الزعيم الكوميديا بمنظور مختلف كوميديا تشبه حياة المصريين الذين يطلقون النكات على أوجاعهم ويضحكون وهم يتألمون ويعانون.
غير عادل إمام مفهوم ومواصفات الفتى الأول فى السينما والمسرح فلم يعد هو ذاك الشاب الذى يتمتع بقدر كبير من الوسامة التى تجذب إليه أنظار الفتيات، وأصبح عادل إمام الفتى الأول الذى يشبه ملامح معظم الشباب المصرى ويرتدى ملابس مثل ملابسهم ويتحدث مثلهم ويعانى مما يعانون منه فنصبوه زعيما لهم، وأدرك هو هذه المكانة فحرص على طرح كل المشكلات التى تعانى منها الطبقات الكادحة وكل أحلامها.
كان كل عمل للزعيم يحدث ضجة ويقلب الأرض وينبت فيها فكرًا جديدًا، سواء بما يقدمه على المسرح أو فى السينما والإذاعة والتلفزيون، ويكفى أن نذكر أسماء بعض أعماله فى فترات مختلفة وما أحدثته من ضجة وتفكير ومنها مسرحيات مدرسة المشاغبين، شاهد ماشافش حاجة، الواد سيد الشغال، الزعيم ، وبعض أفلامه ومنها إحنا بتوع الأتوبيس، الحريف، المشبوه، الإرهاب والكباب ، الإرهابي، اللعب مع الكبار ، الهلفوت، الافوكاتو، كراكون فى الشارع، بخيت وعديلة، رسالة إلى الوالى، طيور الظلام، شمس الزناتى، عمارة يعقوبيان، عريس من جهة أمنية، ومن المسلسلات: "أحلام الفتى الطائر، دموع في عيون وقحة، فرقة ناجى عطا الله، صاحب السعادة" العراف، أستاذ ورئيس قسم، عوالم خفية، فلانتينو".
فى معظم هذه الأعمال اشتبك عادل إمام مع قضايا الوطن والمواطن، وكأنه يكتب تاريخ مصر وتطوراتها وأحوال أهلها بأعماله الفنية، فعبر عن الفئات المهمشة وتفاعلاتها مع قضايا المجتمع.
حارب عادل إمام الإرهاب بالفن، وهو ما عرض حياته للخطر فى أوقات كثيرة ، فمثلا فى عام 1988 وفى أوج خطورة العمليات والجماعات الإرهابية أصر الزعيم أن يذهب ليعرض مسرحية الواد سيد الشغال فى أسيوط رغم خطورة ذلك على حياته، فضلا عن أعماله المتعددة التى فضحت الجماعات الإرهابية ومحاولات تسللها إلى كل المجالات.
وربطت الزعيم علاقة صداقة بعدد كبير من المفكرين والكتاب ومنهم المفكر فرج فودة الذى اغتالته الجماعات الإرهابية، وكان عادل إمام إلى جواره حتى لفظ أنفاسه الأخيرة فى المستشفى وعبر عن هذا الحدث من خلال فيلمه الإرهابى.
وعلى مدار مسيرته الفنية التى امتدت أكثر من 60 عامًا لم يخلف الزعيم وعده للجمهور حتى فى أصعب لحظات حياته، حتى أنه عندما توفى والده عام 1997 وكان يعرض مسرحيته فى لبنان وقف على المسرح وأضحك جمهوره فى نفس يوم وفاة والده وقلبه يتمزق حزنًا، وهكذا فعل مع وفاة صديقه ورفيق عمره الفنان مصطفى متولى أثناء عرض مسرحية بودى جارد عام 2000 وكان متولى مشاركا بالتمثيل فيها، ورغم ذلك استكمل الزعيم العرض حتى لا يخل بالتزامه مع الجمهور الذى حجز تذاكر المسرحية.
كل عام وعادل إمام زعيمًا لدولة الفن كبيرًا فى عيون جمهوره مبدعًا يجدر بنا أن نحتفل بوجوده بيننا وأن ننتظر منه المزيد دائمًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة