أوراق الرئيس السيسى من فلسطين إلى ليبيا ومن أفريقيا للمتوسط
أكرم القصاص
أكرم القصاص
منذ اللحظة الأولى لتفجر الأوضاع فى فلسطين المحتلة، وسياسات الاحتلال، بدا الموقف المصرى هو الأكثر اتساقا، إدانة للعدوان، مساع لوقفه وفتح المعبر وتجهيز المستشفيات فى العريش والإسماعيلية وإرسال سيارات إسعاف مجهزة لعلاج ونقل الجرحى، القاهرة تتحرك من منطلق مسؤولية، من الفعل وليس رد الفعل، عبر اتصالات مكثفة، لإقرار وقف فورى لإطلاق النار وإحياء مفاوضات جادة.
ومن فرنسا أعلن الرئيس السيسى، موقف مصر الثابت داعيا لوقف أعمال العنف فى أسرع وقت ممكن، والتوصل إلى حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطينى وإقامة دولته المستقلة وفق المرجعيات الدولية، كان التحرك المصرى نحو الهدف ومن دون تجاهل للقضية الأهم، وحسب وزير الخارجية سامح شكرى «حل الدولتين لا يزال الخيار العملى الوحيد مؤكدا أنه «لا سلام دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية».
وأجرى شكرى اتصالات مع نظرائه، وزراء خارجية الأردن وروسيا وإسرائيل وألمانيا والسعودية وفرنسا وإيرلندا بجانب والولايات المتحدة الأمريكية وقطر واليونان وهولندا وتونس.
ثم جاء إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى الأقوى بتقديم 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة، من خلال الشركات المصرية مع استمرار تدفق قوافل الغذاء والدواء والوقود إلى غزة، وبالرغم من العناد والصلف من الاحتلال قال مسؤول إسرائيلى لرويتر إن مصر كانت الوسيط الأكثر فاعلية.. وحظيت مبادرة القاهرة للتهدئة بدعم أمريكا والاتحاد الأوروبى.
بدت مصر هى الأقوى والأكثر تواصلا وارتباطا بأوراق القضية، وهى مواقف لم تولد فجأة لكنها نتاج لسياسة واضحة وقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى على مدى سنوات، وتكفى نظرة على خرائط الصراع فى المنطقة والإقليم شرقا وغربا.
حرصت مصر على فتح خطوط اتصال متواصلة بندية مع كل الأطراف الدولية الكبرى، فى عالم تحكمه المصالح، واصلت علاقاتها مع الولايات المتحدة، مع رسم علاقات قوية مع القوى الكبرى، الصين وروسيا واليابان والاتحاد الأوروبى كأطراف فاعلة ولاعبين أساسيين فى السياسات الدولية كما أكدت التحرك فى دوائرها التقليدية العربية والإسلامية والأفريقية، كما حرصت على تمتين علاقاتها مع دول البحر المتوسط وإعادة ترسيم الحدود فى شرق المتوسط، لحماية ثروات الغاز ومنح كل طرف حقوقه.
خلال 8 سنوات فقط تحولت مصر إلى مركز رئيسى للغاز فى المنطقة، وواجهت تحديات فى الغرب من تدخلات خارجية، نجحت بسياسة الفعل فى فرض وجهة نظرها فى القضية الليبية، واقترب الليبيون من التوصل إلى استقرار بعد سنوات من الفوضى.
لم تتوقف مصر فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى عن بناء استراتيجيتها فى أفريقيا بشكل يضمن مصالحها ومصالح الدول الأفريقية، والعلاقات مع السودان الشقيق شماله وجنوبه، استراتيجية لا ترتبط بأهداف مؤقتة لكن سياسة مستمرة تقوم على تقديم الدور الراعى والمساند للدول الأفريقية، انطلاقا من مسؤولية مصر، فى وقت تنكفئ فيه كل دولة على مشكلاتها الخاصة، وكانت هذه السياسة سواء أثناء رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى أو بعدها، وكانت الدورة التى رأستها مصر واحدة من أكثر الدورات نشاطا.
ومؤخرا كان مؤتمر باريس لدعم السودان، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ورئيس مجلس القيادة السودانى الفريق عبدالفتاح البرهان ورئيس وزراء السودان عبدالله حمدوك، ووفد ضم 31 مسئولا حكوميا سودانيا والذى انتهى بإسقاط 5 مليارات دولار ديون على السودان من فرنسا مع وعود فرنسية بتقديم 1.5 مليار دولار قروض لتسديد متأخرات لصندوق النقد ودول أخرى وقرض من البنك الدولى 2 مليار دولار، واتجاه لدعم السودان. ويشارك فى المؤتمر عدد كبير من الدول وممثلين من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى ورجال الأعمال وعدد كبير من المنظمات الدولية والعربية والأفريقية، فضلا عن 15 رئيسا أفريقيا، وممثلى عدد من مؤسسات التمويل الدولى، ورئيس المفوضية الأوروبية وعدد من مسؤولى الدول الأوروبية ومجموعة السبع الصناعية الكبرى ومجموعة العشرين، والهدف دعم انخراط السودان فى المجتمع الدولى بعد رفع اسمه من قوائم الإرهاب، وتنوير المستثمرين بالإصلاحات الاقتصادية بالسودان وإبراز فرص الاستثمار، وأتاح المؤتمر فرصة لطرح دعم الاستثمار فى أفريقيا.
مصر تفعل ذلك من واقع مسؤوليتها، ولم تتوان عن تقديم مساعدات وخبرات وقوافل لمساعدة الدول الأفريقية فى مواجهة فيروس كورونا. بل تم فتح الباب للأفارقة للاستفادة من مبادرات 100 مليون صحة.
إن مصر اليوم بقوتها إقليميا ودوليا لم تولد فجأة ولا يمكن فهمها من دون النظر إلى تراكمات الأحداث والتحولات خلال عشر سنوات، والنظر إلى خطط واستراتيجيات تبدو مختلفة عما كان قبل 8 سنوات فقط، عندما كانت تواجه تهديدا وجوديا من الإرهاب، وداعش يعلن دولة الخلافة فى سوريا والعراق، 29 يونيو 2014 وليبيا تحت سيطرة الميليشيات التكفيرية، مع تدفق الأموال والسلاح وإطلاق نقاط لتجنيد الشباب فى الدول العربية وأوروبا للانضمام إلى داعش فى سوريا والعراق، والقتال فى ليبيا وسيناء، قدرتهم جهات دولية وأوروبية بنحو 18 ألفا، وقدر حجم الإنفاق على داعش وإخوته بنحو 84 مليار دولار.
قبل 8 سنوات فقط بدا أن الشرق الأوسط ينحدر إلى فوضى كبيرة وبدأ النظام الإقليمى يفقد توازنه، كل دولة تنكفئ على نفسها، بينما مصر وسط الكثير من التزاحم والتحديات، وجدت وقتا للعمل داخل محيطها، والحفاظ على التوازن فى محيط مشتعل، واجهت الإرهاب باستراتيجية واسعة لا تتوقف على سيناء، واجهت تهديدات من الغرب، والشرق.
كانت مصر تواجه تراجعا فى الاقتصاد وتآكلا فى الاحتياطى النقدى لأقل من 16 مليار دولار، ونسبة نمو بالسلب، والتصنيفات الاقتصادية سلبية، والبطالة فى أعلى معدلاتها مع تضخم خطر، بدأت مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى ترتيب أوراقها ووضعت استراتيجيتها، بإصلاح اقتصادى مؤلم، واستعادة التنمية لقوتها، فى الزراعة والصناعة، والعشوائيات، ومكافحة فيروس الكبد سى، وإطلاق مبادرة 100 مليون صحة، والبدء فى تأمين صحى شامل، وخطط لإنهاء العشوائيات ونقل سكانها الى مجتمعات إنسانية متكاملة.
كل هذا من دون إهمال للملفات الخارجية والإقليمية «مصر لا تتدخل فى الدول الأخرى وترى أن رسم السياسات المتعددة من شأن شعبها، وفى نفس الوقت مصر تحمى أمنها القومى ولا تسمح بأى تحركات من شأنها أن تخل بالاستقرار فى المنطقة»، هكذا تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى فى منتدى شباب العالم ديسمبر 2019، مؤكدا أن عودة الاستقرار للإقليم العربى مصلحة للجميع، يوفر الفرصة للتنمية والتراكم فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية، بالشكل الذى يسهل البناء بينما التفرغ لمواجهة الإرهاب فقط يخل بالقدرة على البناء المستمر. واستشهد الرئيس بحالات دول دخلت فى الفوضى أو ضربها الإرهاب، وفشلت أمنيا واقتصاديا، محذرا مما أسماه «تسلسل أزمات».. أزمة يترتب عليها أزمة.
اختارت مصر طريقا صعبا، وهو مواجهة الإرهاب، واستمرار جهود التنمية، إقليميا لم تتجاهل أن الأمن القومى المصرى يمتد فى كل الاتجاهات، بما يفرض على القاهرة أن تكون متيقظة لما يجرى، رسمت حدود أمنها القومى، استنادا إلى وحدة وقوة الدولة الوطنية باعتبارهما أساس الاستقرار والتنمية، وموقف ثابت تجاه القضايا العربية والإقليمية والدولية.
الرئيس عبدالفتاح السيسى، أكد دائما أن مصر لا تتدخل فى شؤون الدول الأخرى، وترى أن رسم السياسات المتعددة من شأن شعبها، وفى الوقت ذاته تحمى أمنها القومى، ولا تسمح بأى تحركات من شأنها أن تخل بالاستقرار فى المنطقة، ويرى السيسى أن عودة الاستقرار مرة أخرى للإقليم العربى مصلحة للجميع، لأنه يوفر الفرصة للتنمية والتراكم فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية.
تحركت مصر بخطى ثابتة تجاه كل الملفات، بخطوط حمراء لأمنها القومى، وصبر فى الكثير من الملفات، واليوم تتجه ليبيا إلى الحل، ويتجه السودان للخروج من أزماته، وتوافق مصر والسودان تجاه أزمة سد النهضة، يؤكد صحة الرؤية المصرية، فى منطقة مشتعلة كادت تحترق فى صراع لا نهائى، ولكل هذا امتلكت مصر القدرة والقوة، استنادا لقوة الموقف الداخلى والاقتصادى بشهادة المنظمات الدولية، وامتلاك علاقات وأوراق تأثير تقوم على دعم الدولة والوطنية وامتلاك أدوات التأثير.
تحرك سريع وخطوات واضحة وقرارات شجاعة لصالح الشعب الفلسطينى
محمد الدسوقى رشدى
محمد الدسوقى رشدى
لم يرفع أحد صوته بالمزايدة على مصر ومواقفها الثابتة، إلا وظهر مقص الحقيقة وقطع لسانه، واقع يتجسد كل يوم ويتجدد مع كل أزمة، تسير القاهرة بخطاها الثابتة والناضجة وتدير ملفاتها الإقليمية والدولية بمهارة تليق بحجم دولة تاريخها له جذور ثابتة فى الأرض السابعة، ومن حولها يتساقط كل المتاجرون بالقضايا وكل الذين عاشوا وَهم سرقة دورها، وكل من أنفق وخطط لتشويه صورتها.
كل المؤشرات الخاصة بالتطورات الأخيرة فى القضية الفلسطينية، وما يمارسه المحتل الإسرائيلى من إجرام فى حق الشعب الفلسطينى، تشير إلى أن ردود الفعل كلها فى كفة، ورد الفعل المصرى الثابت والواضح والمؤثر والعملى فى كفة بمفرده، وهى الكفة الرابحة والراجحة، بداية من تحركات الخارجية المصرية وتصريحات السيد سامح شكرى، وزير الخارجية، والرافضة لممارسات المحتل الإسرائيلى، والتى كانت، وبلا أدنى شك، هى التحركات والتصريحات الواضحة والصريحة، أو كما يقول أهل «الرماية» طلقات متتالية فى قلب الهدف أو «السوادة»، ومن بعدها جاءت تحركات الدولة المصرية على الأرض بمد يد العون للشعب الفلسطينى، سواء عبر المساعدات التى عرفت طريقها سريعا إلى أهلنا فى غزة، وبقية الأراضى الفلسطينية، أو من خلال فتح المعبر، وتخصيص أطقم طبية لمساعدة الجرحى والمصابين، ثم بدرة تاج الموقف المصرى، وهو قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى بتقديم 500 مليون دولار كمبادرة مصرية، تخصص لصالح عملية إعادة الإعمار فى قطاع غزة، نتيجة الأحداث الأخيرة، مع قيام الشركات المصرية المتخصصة بالاشتراك فى تنفيذ عملية إعادة الإعمار، وهو القرار الذى تضاعف بريقه وتأثيره بسبب توقيت إعلانه، والمكان الذى تم الإعلان فيه، حيث أعلن الرئيس السيسى ذلك فى قلب باريس، أمام العالم أجمع.
وبالتركيز مع مع توقيت ومكان إعلان مبادرة الرئيس السيسى، يمكنك أن ترى بوضوح أن التحركات المصرية الأخيرة تجاه الأزمة الفلسطينية الحالية، هى صفعات متتالية على وجوه كانت قد استعدت للمزايدة على الدور المصرى، وعلى كيانات ودول أنفقت مليارات من الدولارات فى محاولات لتقزيم مصر والنيل من دورها، وكلها محاولات شديدة البؤس وواضحة الفشل.
حتى هؤلاء الذين سجنوا أنفسهم فى مربعات المراهقة السياسية، انكشفت خيباتهم وهم يسعون لخلق بكائية: «مش عاوزينا نتظاهر عشان فلسطين»، فانهارت تلك البكائية قبل أن تسيل أولى دموعها بسبب التحركات المصرية السريعة والحاسمة والواضحة والداعمة للشعب الفلسطينى، بعد أن انتفت أسباب فكرة التظاهر، ليكتشف الشعب المصرى أن خلايا المراهقة السياسية التى تضم نشطاء ومعارضين طالما اعتادوا المتاجرة بالقضية الفلسطينية، هم أصحاب عقول سجينة فى مربع الشعارات والجعجعة، وتظن أن الدعم مجرد مظاهرة على الماشى، لتأتى تحركات الدولة المصرية، خلال الأزمة، كدليل عملى كاشف للفارق الكبير بين تحركات الدولة الفاعلة والمؤثرة تأثيرا يليق بحجم مصر، وبين ألاعيب المراهقة التى يمارسها هؤلاء الذين يعيشون فى أجواء تسعينيات القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة، بينما كل شىء من حولهم تطور ونضج، وأصبحت الفروق واضحة بين من يستطيعون قيادة مؤسسات ودول وبين هؤلاء الذين لا يصلحون لإدارة مراجيح المولد.
مصر فى تحركاتها الأخيرة تخبرك، وتخبر الجميع، أنها أكبر من أن يزايد عليها أحد، تلك حقيقة لا تغيب حتى وإن غابت الشمس ذاتها، وإن مرت الألسنة على ذكر القضية الفلسطينية وجب على كل الألسنة أن تخضع وتلين وتذكر وتعدد ما قدمته مصر لخدمة فلسطين وأهلها وقضيتها، ومن قبل ذلك، وجب على العقول الاعتراف بأن القاهرة وحدها صاحبة الموقف الثابت، الذى لم يتغير من قضية تلاعب وتاجر بها الجميع، إلا مصر، بكلمة واحدة لا تتغير مهما تغير الزمن أو تبدلت أنظمة الحكم، وهى الحقيقة التى أوضحها وزير الخارجية سامح شكرى، قائلا: «دعم مصر ثابت وكامل للقضية الفلسطينية العادلة وللقيادة الفلسطينية الشرعية، وإصرارنا على إحلال السلام والتوصل لتسوية تعيد للشعب الفلسطينى، كامل حقوقه المشروعة من خلال إقامة دولته المستقلة ذات السيادة وفقا للشرعية الدولية، ومقرراتها، وعلى نحو يدعم الاستقرار والأمن فى الشرق الأوسط».
تلك كلمات القاهرة منذ زمن، وتترجمها الأحداث المتواترة إلى أفعال قدمت من خلالها مصر دماء أولادها، وجهود دبلوماسياتها، وأموال خزائنها لدعم فلسطين وأهلها، لذا يبدو الأمر مضحكا حينما يطل علينا أراجوزات الإخوان من حين إلى آخر، مهاجمين القاهرة ومتهمين سلطتها بالتفريط فى القضية الفلسطينية، وعدم الدفاع عن الفلسطينيين.
يبدو مضحكا لأن ألسنة الجماعة الكاذبة، تفعل ذلك منذ عشرات السنين دون أن يصدقها أحد، كلما دخلت فى خصومة مع السلطة المصرية تبدأ حملة اتجار بالقضية الفلسطينية لجذب التعاطف والتلاعب على الوتر الشعبى، متهمة السلطة بأنها تقف حائلا بينها وبين حلم تحرير فلسطين، بينما كل حوادث الزمن ووقائعه تمنحنا دليلا قاطعا بأن أحدا لم يربح من خلف الاتجار بالقضية الفلسطينية قدر الإخوان وجماعات الإسلام السياسى عموما، سواء كان ربحا شعبويا أو ماديا.
يتغافل قطعان جماعات الإسلام السياسى، والأبواق الصادحة بالكذب، عبر مواقع التواصل الاجتماعى، عن موقف مصر الواضح من القضية الفلسطينية، يبذلون الجهد للتشويش على المواقف المصرية الرسمية والشعبية، فى مقابل اجتهاد مسموم لإظهار الأدوار العنترية والمزيفة لكيانات لم تقدم للشعب الفلسطينى، على مر الزمن، سوى المزيد من الشعارات فى العلن، بينما فى الخفاء تتعاون عسكريا واقتصاديا مع الكيان الصهيونى، وتمنع كل فرصة لإعادة إعمار ما تم تدميره فى غزة.
وربما حان الوقت لكثير من الصراحة فى ذلك الملف، والاعتراف الواضح بأن تيار الإسلام السياسى، ومعه شلة النشطاء وغيرهم، هم أول من أضاعوا حق الفلسطينيين، وأول من ساعدوا الكيان الصهيونى على النهوض والسيطرة.
لن أخبرك بأن الفتن التى زرعتها جماعات الإرهاب وعلى رأسها الإخوان فى الوطن العربى، هى التى سمحت لإسرائيل أن تخطط وتدبر وتسيطر، أنت تعلم يقينا، وشاهدت بعينيك على مدار السنوات الماضية، بأن هذه الجيوش العربية المفككة والمنهكة والعواصم المدمرة فى سوريا وليبيا والعراق واليمن كان الإخوان هم أداة نشر الفوضى فيها، ألم يؤد كل ذلك إلى حالة هوان عربى أضعفت الموقف الفلسطينى؟!
يروج الإخوان تحديدا أن وعى الشعوب العربية تم التلاعب به، وتزييف وجدانه فيما يخص القضية الفلسطينية، بينما الحقيقة الواضحة على أرض الواقع، طوال السنوات الماضية، أن الإخوان والتيارات السلفية، هم أكثر من زيفوا الوعى العربى، ودمروا القضية الفلسطينية فى الوجدان، سواء بالمزايدة أو المتاجرة بالدم الفلسطينى أو بالشعارات الحنجورية والخطابات التواكلية، وشغلونا بمعارك السواك واللحية والملابس القصيرة والحجاب والحجامة وعورة صوت المرأة، بينما كانت إسرائيل تمضى قدما فى تنفيذ مخططها، وسرقة حق الشعب الفلسطينى.
القاهرة تنتصر مجددا، قاهرة عبدالفتاح السيسى التى تتحرك بثبات وإخلاص وذكاء وتعرى أصحاب الشعارات والأكاذيب الذين طالما وعدوا بالإعمار والدعم والمساعدة لإنعاش الشعب الفلسطينى إقتصاديا ومرت السنوات وذابت شعاراتهم كما يذوب الزبد على نار هادئة، قاهرة عبدالفتاح السيسى تنتصر، وتخبر الجميع أنها تقف فى مكانها الطبيعى داخل هذا الإقليم، وتقف على بوابة مائدة السلام والحلول السلمية كصاحبة مفتاح مهم لأغلب القضايا الدولية.
«السوشيال ميديا» تنتصر للفلسطينيين.. والدور المصرى فى الواجهة..ملايين يتعاطفون مع أحداث القدس وعشرات الهاشتجات لدعمها.. غضب يطال شركات التكنولوجيا لتحيزها.. ثورة فى حب مصر..وقرار السيسى بدعم غزة يتصدر «التريند»
مؤنس حواس
هجمات عنيفة يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلى ضد الفلسطينيين على الأرض، وهو ما جعل من منصات السوشيال ميديا ساحة للتنفيس عن التوترات ورصد الأحداث، فبعد أن كان العالم يعتمد على ما تنقله الوسائل الإعلامية المقروءة والمرئية للأحداث فى تلك البقعة الساخنة، لعبت السوشيال ميديا دورا بديلا فى إيصال الصورة لكافة سكان العالم، بل على عكس الوسائل الإعلامية التى يمكن التأثير عليها لخدمة طرف ما، كشفت منصات التواصل الاجتماعى عن الصورة الحقيقة بدون أى تجميل، بداية من «فيس بوك» ثم «تويتر»، مرورا بـ«إنستجرام» وحتى «تيك توك»، جميعها أصبحت منصات لمشاركة الأخبار، خاصة مع الجمهور الواسع الذى تضمه تلك المنصات، حيث انتشرت صور إطلاق الصواريخ فوق إسرائيل والدمار فى غزة والاحتجاجات الفلسطينية على المنصات.
الهاشتاجات كلمة السر
كانت البداية من انطلاق هاشتاج #SaveSheikhJarrah فى إشارة إلى التهديد بإجلاء عائلات فلسطينية من أحد أحياء القدس الشرقية، ويكفى فقط أن تبحث تحت هذا الهاشتاج على أى من منصات السوشيال ميديا، لتجد ملايين المشاركات المختلفة، سواء كانت مشاركات ترصد ما يحدث هناك، أو مشاركات تدعم الفلسطينيين.
نشر القضية عالميا
مع وقوع أحداث غزة الأخيرة، ظهرت فيديوهات الدمار والفوضى التى أحدثها العدوان الإسرائيلى، على مختلف المنصات، بما فى ذلك «فيس بوك، وتويتر، وإنستجرام، وتيك توك»، وقد كان لها تأثير كبير على إدراك الجمهور حول العالم لهذه الأزمة، ما دفع العديد من سكان العالم لإدراك الواقع والمطالبة بوقف هذه الانتهاكات، كما قام قادة العالم بمطالبة بوقف التصعيد من جميع الأطراف.
وخلال العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، استطاعت صفحات الفيسبوك الفلسطينية أن تظهر بشاعة العدوان، وتبرز دور المقاومة الفلسطينية فى صد هجمات الاحتلال، الأمر الذى أزعج الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لتشن حملة من التحريض ضد الفلسطينيين فى وسائل التواصل الاجتماعى، ما نتج عنه إغلاق صفحات فلسطينية كبرى فيها ملايين المتابعين.
ومع بداية موجة المواجهات الحالية برزت صفحات إخبارية فلسطينية فى تغطية الحدث على الأرض، وتقديم معلومات فورية وتفصيلية عن المواجهات وعمليات المقاومة، ونشر إرشادات للمتظاهرين وصور الشهداء والمصابين، بالإضافة إلى دورها فى تعرية الاحتلال خلال اعتدائه على الأطفال والبيوت الفلسطينية والمدنيين العزل، الأمر الذى شكل إزعاجا لسلطات الاحتلال.
لكن فى الوقت ذاته هناك بعض المخاوف من تدخل شركات التكنولوجيا لإزالة بعض المنشورات، وذلك بناء على بعض سياسات المحتوى الخاصة بها، مثل عدم نشر الصور التى تحتوى على قتلى أو صور التى تحض على العنف وغيرها من الأمور، وهو ما دفع بعض نشطاء الحقوق الرقمية الفلسطينيين للتعبير عن قلقهم بشأن إزالة إنستجرام للمنشورات التى تشير إلى احتمال إخلاء الفلسطينيين من حى الشيخ جراح فى القدس الشرقية، وتعليق تويتر للحسابات المتعلقة بنقطة الاشتعال.
وقد اشتكى نشطاء فلسطينيون وعرب من عمليات تقييد أو حجب حساباتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعى، بعد مشاركتهم منشورات تدعم القضية الفلسطينية، فيما لا يعد الحديث عن حملات لإخفاء المحتوى الرقمى الفلسطينى أمرا جديدا، إلا أن البعض أشار إلى ارتفاع ملحوظ فى مستوى تلك الحملات، خاصة بعد أحداث حى الشيخ جراح وما تبعها من تطورات
فيما دافعت المنصات عن نفسها باللوم على أنظمتها الآلية، التى قالت إنها ارتكبت أخطاء تقنية، إلا أن هذا التفسير لم يرض الكثير من الناس، مطالبين بضرورة أن تكون المنصات الاجتماعية أكثر شفافية حول كيفية عمل الخوارزميات الخاصة بهم.
كى بورد بدون نقاط
بسبب الخوارزميات، لجأ العديد من مستخدمى منصات التواصل الاجتماعى خاصة العرب، إلى حيلة قائمة على اللغة العربية القديمة التى كانت تكتب بدون نقاط، حيث أصبحوا يستخدمون لوحة مفاتيح يمكنها كتابة الحروف بدون نقاط، حتى لا تتمكن خوارزمية المنصات الاجتماعية من التعرف على هذا المحتوى وحذفه أو تعليقه، وهى الحيلة التى لاقت رواجا كبيرا بين المستخدمين خلال الفترة الأخيرة.
دبلوماسية رقمية
إن الحرب الجارية حاليا لا تعتمد هذه المواجهة المباشرة فى العالم الافتراضى على الهاشتجات والهاشتاجات المضادة، فقط، بل باتت تتخذ أبعادا وأشكالا متنوعة، حيث ينشر كل طرف من الأطراف العديد من المحتويات التى تكشف تفوقه على الطرف الآخر فى محاولة لتحقيق نصر معنوى عليه، ورغم أن الأساليب الرقمية التى يستخدمها الطرفان تبدو متقاربة ومتشابهة، إلا أن البعض يراها غير متكافئة ويتهم مواقع التواصل بالانحياز لطرف معين فى الصراع.
دعم مصر لغزة يسيطر على السوشيال ميديا
كان لدعم المصريين لسكان غزة تأثير واضح على شبكات التواصل الاجتماعى، وقد ظهر ذلك من خلال العديد من المظاهر بداية من تفعيل صور العلم الفلسطينى على أغلفة الملفات الشخصية لحساباتهم على المنصات المختلفة، مرورا بنشر المحتويات الداعمة للفلسطينيين وأحقيتهم فى أراضيهم.
ثم جاء إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى، بتقديم مصر مبلغ 500 مليون دولار كمبادرة مصرية تخصص لصالح عملية إعادة الإعمار فى قطاع غزة نتيجة الأحداث الأخيرة، مع قيام الشركات المصرية المتخصصة بالاشتراك فى تنفيذ عملية إعادة الإعمار، ليتصدر تريند منصات السوشيال ميديا المختلفة، وعلى رأسها منصة تويتر، حيث تصدر هاشتاجا «السيسى زعيم العرب»، و«السيسى قائد عظيم».
وأشاد رواد تويتر، بقرار الرئيس السيسى، الداعم للفلسطينيين، مشيرين إلى دور مصر القيادى فى القضية الفلسطينية، وأن مصر هى الشقيقة الكبرى للدول العربية، فقال أحد المغردين: «الرئيس السيسى الوحيد اللى ما بيتكلمش، شغال وبس، لا بيطلع فى مؤتمرات يقول شعارات ولا يرفع علم فلسطين والناس تهلل وراه، عايز تساعد فلسطين اتعلم»، وقال آخر: «الرئيس عبدالفتاح السيسى من باريس يعلن تقديم مصر مبلغ 500 مليون دولار كمبادرة مصرية تخصص لصالح عملية إعادة الإعمار فى قطاع غزة نتيجة الأحداث الأخيرة، مع قيام الشركات المصرية المتخصصة بالاشتراك فى تنفيذ عملية إعادة الإعمار.. تسلم الأيادى ياريس مصر معاك أم الدنيا لكل أشقائها العرب».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة