أصدرت الدائرة "67" مدني – بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية – حكما قضائياَ هو الأول من نوعه في مسائل الأحوال الشخصية بالاعتداد بحجية حكم طلاق صادر بالولايات المتحدة الأمريكية بين طرفين مسيحيين على الرغم من عدم وجود اتفاقية تبادل أحكام بين الدولتين.
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 4567 لسنة 2019 مدني "ك. ش" القاهرة، لصالح المحامي البير أنسى، برئاسة المستشار هشام شيخ العرب، وعضوية المستشارين إبراهيم الحداد، ومحمود فتحي، وبحضور أمانة سر إسلام صقر.
أيدت المحكمة في حكمها ما ورد في صحيفة الدعوى من أن المستقر عليه بقضاء النقض أن: " تنفيذ الحكم الأجنبي في مصر لا يكون إلا بعد الأمر بتنفيذه، إلا أنه يتعين التفرقة بين تنفيذ ذلك الحكم الأجنبي في مصر وبين الاعتداد بحجيته فلا يلزم فيه أن يصدر أمراً بالتنفيذ بل يكفى أن تتحقق المحكمة المصرية التي يحتج به أمامها أنه صادر من جهة ذات ولاية في إصداره طبقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي الواردة في قانون هذه الجهة عملاً بنص المادة 22 من القانون المدني، وبحسب قواعد اختصاص القانون الدولي الخاص وليس فيه ما يخالف النظام العام في مصر ، ولم يصدر في مصر حكم واجب النفاذ في نفس الموضوع وبين ذات الخصوم ، فمتى تحققت المحكمة المصرية من توافر هذه الشروط كان عليها الأخذ بحجية الحكم الأجنبي" وذلك طبقا للطعن رقم 2950 لسنة 68 ق - جلسة 12 مارس 2012.
الوقائع.. حكم قضائي يصدر من محكمة أمريكية بانهاء العلاقة الزوجية بين زوجين مصريين
تتحصل وقائع الدعوى في أن المدعية قد أقامت دعواها بموجب صحيفة موقعه من محام، أودعتها قلم كتاب المحكمة، وطلبت في ختامها بالاعتداد بحجية الحكم الأجنبي الصادر من الدائرة القضائية الخامسة عشر بمحكمة استئناف مقاطعة "بالم بيتش" بولاية فلوريدا، والمرفق أصله ملف الدعوى، والقاضي بالطلاق بينهما، وذلك على سند من القول أن المدعية صدر لها الحكم بإنهاء العلاقة الزوجية بينها وبين المدعى عليه – الزوج – وحيث أنه لم يصدر حكم قضائى في مصر عن ذات النزاع وبين ذات الخصوم حيث أن الحكم المطلوب الاعتداد به حكم استئنافي نهائي، الأمر الذى حدا بالمدعية لإقامة دعواها الراهنة للقضاء لها بطلباتها.
وفى الأثناء – تداولت الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وحضر المدعية بوكيل عنها محام، وقدم حافظة مستندات طويت على أصل الحكم الأجنبي سند الدعوى باللغة الإنجليزية، وترجمة للحكم سالف الذكر.
المحكمة تفرق بين تنفيذ الحكم والاعتداد به
وعن موضوع الدعوى قالت المحكمة في حيثيات حكمها أنه من المقرر قانوناَ وعلى ما جرى به نص المادة 296 مرافعات على أن الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبى يجوز الأمر بتنفيذها بنفس الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر المصرية فيه، وجرى نص المادة 297 مرافعات على أن يقدم طلب الأمر بالتنفيذ إلى المحكمة الابتدائية والتي يراد التنفيذ به ودون التقيد بالقانون الأجنبي في تحديده للمحكمة التي تختص بالأمر وجرى نص المادة 198 مرافعات على أنه لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق مما يلى:
1-أن محاكم الجمهورية غير مختصة بالمنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر وأن المحاكم الأجنبية التي أصدرته مختصة طبقا لقواعد الاختصاص الدولى المقررة في قانونها.
2-أن الخصوم في الدعوى التي صدر فيها الحكم قد كلفوا بالحضور ومثلوا تمثيلاَ صحيحاَ.
3-أن الحكم أو الأمر حاز قوة الأمر المقضى طبقا لقانون المحكمة التي أصدرته.
4-أن الحكم أو الأمر لا يتعارض مع حكم أو أمر سبق صدوره من محاكم الجمهورية ولا يتضمن ما يخالف النظام.
وبحسب المحكمة: وقد يثار الجدل حول أعمال هذا النص سيما في شرطه الأول إذ أن محاكم جمهورية مصر العربية مختصة بنظر مثل هذا النزاع، ولكن هذا الجدل سرعان ما يزول وفقا لما نصت عليه المادة 301 مرافعات والتي اختص بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية والتي ىتقضى بأن العمل بالقواعد المنصوص عليها في المواد السابقة لا يخل بأحكام المعاهدات المعقودة أو التي تعقد بين مصر وغيرها من الدول، وهو الأمر الذى اعتنقته محكمة النقض المصرية في الحكم الصادر منها بجلسة 21 يونيو 1988 رقم 558 لسنة 55 قضائية.
الأخذ بحجية الأحكام الأجنبية
ووفقا للمحكمة : ومتى كان الحكم الأجنبي صادراَ بشأن حالة الأشخاص بصفة نهائية ومن جهة ذات ولاية بإصداره بحسب قانونها وبحسب قواعد اختصاص القانون الدولى الخاص، وليس فيه ما يخالف النظام العام في مصر فإنه يجوز الأخذ به أمام المحاكم المصرية ولو لم يكن قد أعطى الصيغة التنفيذية في مصر ولو كان شرط التبادل غير متوافر، ما دام لم يصدر حكم من المحاكم المصرية واجب التنفيذ في نفس الموضوع وبين الخصوم أنفسهم، وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى الأخذ بحجية أحكام صادرة من محاكم لبنان، فيما قضت به من نفى بنوة شخص لأخر لبنانى قد أثبت استكمال هذه الأحكام للشرائط المتقدمة فإن الحكم لا يكون قد أخطأ القانون – طبقا للطعن رقم 4 لسنة 25 جلسة 12 يناير 1956.
كما استندت المحكمة في حكمها على ما ورد في صحيفة الدعوى - لما هو مستقر عليه بأن النظام العام كما هو مستقر عليه وفقا لأحكام محكمتنا العليا والتي قضت بأنه: " المتفق عليه أنه يشمل القواعد التي ترمى إلى تحقيق المصلحة العامة للبلاد سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية و التي تتعلق بالوضع الطبيعي المادي و المعنوي لمجتمع منظم و تعلو فيه على مصالح الأفراد وتقوم فكرته على أساس مذهب علماني بحت يطبق مذهباً عاماً تدين به الجماعة بأسرها و لا يجب ربطه البته بأحد أحكام الشرائع الدينية، وأن هذا لا ينفى قيامه أحياناً على سند مما يمت إلى العقيدة الدينية بسبب متى أصبحت هذه العقيدة وثيقة الصلة بالنظام القانوني و الاجتماعي المستقر في ضمير الجماعة، بحيث يتأذى الشعور العام عند عدم الاعتداد به، مما مفاده وجوب أن تنصرف هذه القواعد إلى المواطنين جميعاً من مسلمين و غير مسلمين بصرف النظر عن دياناتهم، فلا يمكن تبغيض فكرة النظام العام و جعل بعض قواعده مقصورة على المسيحيين و ينفرد المسلمون ببعضها الآخر، إذ لا يتصور أن يكون معيار النظام العام شخصياً أو طائفياً و إنما يتسم تقديره بالموضوعية، متفقاً وما تدين به الجماعة في الأغلب الأعم من أفرادها، وبهذه المثابة فلا يمكن اعتبار مبدأ عام تعدد الزوجات من النظام العام بالمعنى السابق تجليته، أخذاً بما هو مسلم به من قصره على الشريعة المسيحية وحدها، طبقا للطعن رقم 16 لسنة 48 جلسة 17/1/1979.
المحكمة تقضى لصالح الزوجة بالاعتداد بالحكم الأجنبي
ولما كان ما تقدم وهديا به – وكان الثابت للمحكمة أن تلك المنازعة تدور حول طلب المدعى بالاعتداد بحجية الحكم الأجنبي الصادر من الدائرة القضائية الخامسة عشر بمحكمة استئناف مقاطعة "بالم بيتش" بولاية فلوريدا، والمرفق أصله ملف الدعوى والقاضي بالطلاق بينهما، ولما كان الحكم الصادر للمدعى في تلك الدعوى ليس فيه ما يخالف النظام العام والآداب في مصر ومتعلق بحالة شخصية وكان الحكم ممهوراَ بخاتم تصديق القنصلية للمواطنين من سفارة جمهورية مصر العربية بواشنطن، ولم يصدر حكم من المحاكم المصرية واجب التنفيذ في نفس الموضوع بين خصومه، ولم يمثل المدعى الثالث بالجلسات رغم إعلانه قانوناَ ليدفع بثمة دفع للنيل من هذا الحكم، ولا ينال من ذلك عدم وجود شرط التبادل الدولى، كما هو مبين بحكم محكمة النقض السابق الإشارة إليه بعاليه، الأمر الذى تنتهى معه المحكمة إلى إجابة المدعية لطلبها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة