كانت فى الحياة كما نشاهدها فى السينما، ضميرا متحركا يمشى على الأرض، فنانة تؤدى أدوارها بإتقان، تعرف إمكانياتها جيدًا فتزداد تواضعًا، وتحرص أكثر على تنمية ذاتها، ومراقبة سلوكها ونفسها، وفى زمن التسريبات، لا تسريب لها، ولا تثريب عليها، لم تسقط يومًا فى فخ الكراهية، إنها سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة.
وتمر اليوم الذكرى الـ90 على ميلاد سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، إذ ولدت فى 27 مايو عام 1931، ويعدها الكثيرون علامة بارزة فى السينما العربية، حيث عاصرت عقودًا طويلة من تطور السينما المصرية وساهمت بشكل كبير فى صياغة صورة جديرة بالاحترام لدور السيدات بصورة عامة فى السينما العربية من خلال تمثيلها منذ عام 1940.
فى زمن الفن الجميل، كان الفن أكثر ارتباطا بالفن، وكان أهل الفن والثقافة أصدقاء متقاربين للغاية، لذا ارتبطت السيدة فاتن حمامة، بصداقات عديدة من الوسط الأدبى، وكانت صديقة مقربة بعدد من كبار الروائيين وجمعتها مواقف عدة ببعضهم، وقدمت من إبداعاتهم الكثير من الأعمال الفنية، كما كانت لها العديد من القصص معهم.
بكت فى منزل طه حسين
من القصص المتداولة أن سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، بكت بسبب عميد الأدب العربى طه حسين، حيث دعاها إلى مقابلته بعد ترشيحها للعب دور "آمنة" فى فيلم "دعاء الكروان" وقال لها بسخرية واستهزاء: "إنت تقدرى تفهمى دور آمنة؟" فقالت: "فهمته كويس"، وهز حسين رأسه بسخرية.
وقال مصطفى أمين فى مذكراته: "خرجت فاتن من عند طه حسين باكية مجروحة مطعونة.. وراحت تقول لمنتج الفيلم: "لماذا اخترتونى للبهدلة؟"، مشيرًا إلى أنه تم تصوير الفيلم وعرض فى عرض خاص حضره عميد الأدب العربى وقرينته وابنه وابنته، وفور انتهائه فوجئت فاتن بقول حسين: "إن خيالى وأنا أكتب صورة آمنة فى القصة هو بالضبط الذى قمت به"، فخرجت سيدة الشاشة العربية وهى أسعد امرأة فى العالم.
صديقة إحسان عبد القدوس المقربة
لم تقترب إحسان فى السينما من أدب أى كاتب أو أديب، مثلما اقتربت من أدب إحسان عبد القدوس، ويبدو أن الاثنين كونا ثنائيا فنيا أدبيا، فلم تكتفى بتجسيد أعمال أخذت من روايات وقصص "عبد القدوس"، فهو الآخر لم يبخل عليها بكتابة أفلام وسيناريوهات لها خصيصا، ودائما ما كانت قصصه لها الأولوية فى أعمالها، قدمت فاتن حمامة فى السينما، لإحسان عبد القدوس من رواياته الطريق المسدود عام 1958، والتى نشرت عام 1955، "لا أنام" التى نشرت فى عام 1958، وقدم الفيلم قبلها بعام واحد، كما قدمت لا تطفئ الشمس فى عام 1962، بعد عام واحد من نشر الرواية، وإمبراطورية ميم.
وبحسب كتاب "فاتن حمامة" للكاتبة زينب عبد الرازق، فإن إحسان وفاتن كانت تربطهما صداقة قوية، حتى أنها عندما طلبت منه تقديم أعمال تليفزيونية تكون من تأليفه رفض وقال لها "تبقى حمارة"، لكن لم تكن تستطيع الزعل من إحسان، بحد وصف الكتاب.
وأضافت وبالفعل رفض إحسان أن يعطيها أى رواية قصيرة تقدمها للتليفزيون وبدأت تبحث فى الكتب، ووجدت روايات لتوفيق الحكيم عظيمة جدا، واختارت منها "الساحرة"، "أريد هذا الرجل"، "أغنية الموت".
علاقتها بـ يوسف إدريس
"تأمل أى صورة لفاتن حمامة أو شاهد لها أى فيلم وثق بأنك من أول لحظة ستقف إلى جانبها وتتحمس لها، لا لجمالها وأناقتها، ولا لأى اعتبار يتعلق بالجنس أو الإثارة ففاتن ليست من ممثلات الجنس"، هكذا وصفها الكاتب الكبير يوسف إدريس، والذى جسدت له بعض من أشهر رواياته، ربما أهمها وأشهرها على الإطلاق "الحرام" الذى يمثل واحدا من أيقونات السينما المصرية، تم إنتاجه فى عام 1965، بينما الرواية نشرت فى عام 1960.
وقدمت قبله فيلم "لا وقت للحب" عام 1963، والمأخوذ عن رواية "قصة الحب" التى نشرت عام 1957، وبحسب الكاتبة زينب عبد الرازق فى كتابها "فاتن حمامة"، كما نقلت على لسان الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين، وكانت تربطهما علاقة صداقة قوية، إن زوجته هى من رشحت لها أن تقرأ رواية "الحرام" وما إن انتهت فاتن من قرأتها حتى قررت تجسيد دور عزيزة، كما أن والحديث لا يزال على لسان أحمد بهاء الدين، فإن يوسف إدريس، عندما فاز الأديب الكبير العالمى نجيب محفوظ، بجائزة نوبل، اتصل بفاتن وعبر عن غضبه مؤكدا أنه الأحق من محفوظ بهذه الجائزة.