الشاعر أحمد محرم من مواليد 20 يناير 1877 فى محافظة البحيرة، حين بلغ الثانية عشرة من عمره أرسله والده إلى مدرسة حكومية بالقاهرة، فأخفق، فأرسله إلى مدرسة غيرها فتكرر الإخفاق وكتب الفتى إلى والده شعرا يبين فيه عزوفه عن تعليم المدارس ورغبته فى أن يعلم نفسه بنفسه بالاطلاع على مكتبة والده العامرة وقد كان.
ينتمى إلى مدرسة الإحياء والبعث فى الشعر العربي، من أبرز الأعمال الشعرية التى انفرد بها ""ديوان مجد الإسلام" أو ما أطلق عليه: "الإلياذة الإسلامية"، وهى ملحمة شعرية قام من خلالها بتصوير البطولة الإسلامية فى السيرة النبوية، حيث نظمها فى ثلاثة آلاف بيت، وبتسلسل زمنى مرتب.
له ديوانان من الشعر ومئات من القصائد والمقطوعات فى المناسبات الدينية والرثاء وأحداث فلسطين ومختلف الأغراض، مسرحية شعرية من خمسة فصول بعنوان " نكبة البرامكة، وتوفى عام ١٩٤٥ عن عمر يناهز 68 عامًا .
املأ الأرضَ يا مُحمّدُ نُورا وَاغْمرِ النّاسَ حِكمةً والدُّهورا
حجبتكَ الغيوبُ سِرّاً تجلى يكشفُ الحُجْبَ كلَّها والسُّتورا
عَبَّ سيلُ الفسادِ فى كلّ وادٍ فتدفَّقْ عليه حتّى يغورا
جِئتَ ترمى عُبابَهُ بعُبابٍ رَاح يَطوِى سُيولَهُ وَالبحورا
يُنقذُ العالمَ الغريقَ ويحمي أُمَمَ الأرضِ أن تذوقَ الثُّبورا
زاخرٌ يَشملُ البسيطةَ مدّاً ويَعُمُّ السَّبعَ الطِّباقَ هديرا
أنت معنى الوجودِ بل أنت سِرٌّ جَهِلَ النّاس قبله الأكسيرا
أنت أنشأتَ للنُّفوس حَياةً غَيَّرتْ كلَّ كائنٍ تغييرا
أنجب الدهر فى ظلالك عصراً نابه الذكر فى العصور شهيرا
كيف تَجزِى جَميل صُنعِك دُنيا كُنتَ بَعثاً لها وكنتَ نُشورا
وَلدتكَ الكواكِبُ الزُّهرُ فَجراً هاشمى السَّنا وَصُبحاً منيرا
يَصدعُ الغيهبَ المُجَللَ بالوحى المُلَقَّى ويَكشِفُ الدّيجورا
منطقُ القدرةِ التى تُرهقُ القادرَ والعبقرى قُصورا
كُلُّ ذِمرٍ رَمَى النُّفُوسَ بوِترٍ مِن حَظاياهُ رَدَّه موتورا
خَرَّتِ العُربُ من مَشارِفها العُليا تُوالِى هُوِيَّها والحدورا
بات فيها ملك البيان حريباً يسلم الجند وَالحمى وَالثُّغورا
أنكرَ النّاسُ رَبَّهم وتَولَّوْا يَحسبون الحياةَ إفكاً وَزورا
أين من شِرعةِ الحياةِ أُناسٌ جعلوا البَغى شِرعةً والفجورا
تلك أربابُهم أتملك أن تنفَع مِثقالَ ذرّةٍ أو تَضيرا
قهروها صِناعةً أعجبُ الأرْبابِ ما كان عاجزاً مقهورا
ما لدى اللاّتِ أو مُناة أو العزى غَنَاءٌ لمن يَقيسُ الأمورا
جاءَ دِينُ الهدى وَهبَّ رسولُ اللَهِ يَحمِى لواءَهُ المنشورا
ضَرَبَ الكُفرَ ضَربةً زلزلته فَتداعى وَكان خطباً عسيرا
جَثمتْ حوله الحُصونُ وظنَّ القومُ ظنَّ الغرورِ أن لن تطيرا
هَدَّها ذو الجلالِ حِصناً فحصناً بالحصونِ العُلَى وَسُوراً فسورا
بالرسولِ الهادى وبالصفوةِ الأمجادِ يَقضون حقَّه الموفورا
يُهرقون النّفوسَ تَلْقَى الرَّدَى المُهْراقَ مثل الغديرِ يَلقى الغديرا
إنّ فى القتل للشعوبِ حياةً وَارفاً ظِلُّها وخَيراً كثيرا
ليس مَن يركبُ الدّنيّةَ يَخشى مَركبَ الموتِ بالحياةِ جديرا
أمِنَ الحقِّ أن تصُدَّ قُريشٌ عن فتاها وأن تُطيلَ النّكيرا
سَلْ أبا جَهلها وَقوماً دعاهم فاستجابوا جَهالةً وغرورا
أُولعوا بالأذى فألفوا رسولَ اللَهِ جَلْداً على البلاءِ صبورا
كُلما أحدثوا الذُّنوبَ كِباراً وَجدوهُ لِكُلِّ ذنبٍ غفورا
ما بِهِ نَفْسُه فيغضبُ يُرضيها وَتُرضيهِ ناعماً مسرورا
إنّه اللّهُ لا سِواهُ وَدِينٌ مَلَكَ النّفسَ وَاسترقَّ الشُّعورا
يَجِدُ النّاسَ وَالمقاديرَ فيهِ وَيرى ما عداه شيئاً يسيرا
ما زكا سابقٌ من الرُّسلِ إلا هو أزكى نَفْساً وأصفَى ضميرا
جاءه عمُّه يَقول أترضى أن يُقيموك سيِّداً أو أميرا
وَيَصُبُّوا عليكَ من صفوةِ المالِ حَياً ماطراً وَغيثاً غزيرا
قال يا عمِّ ما بُعثتُ لدنيا أبتغيها وما خُلِقتُ حَصورا
لو أتونى بالنّيرين لأعرض ت أُريهم مطالبى والشُّقورا
إن يُشيروا بما علمتَ فإنّي لأَدعُّ الهوى وأعصى المشيرا
دَونَ هذا دمى يُراقُ وَنفسِي تُطعَمُ الحتفَ رائعاً محذورا
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة