قطع محمد على كلاى، بطل العالم لملاكمة الوزن الثقيل، زيارته فجأة إلى نيجيريا، وقرر السفر إلى القاهرة فى نفس اليوم، 3 يونيو، مثل هذا اليوم، 1964، وفقا لجريدة «الأهرام» 4 يونيو 1964.
كان «كلاى» بطلا للعالم للمرة الأولى منذ فبراير 1964 وعمره 22 عاما «مواليد 17 يناير 1942»، وأحدث فوزه على «سونى ليستون» بطل العالم آنذاك دويا هائلا، زاد منه إشهار «كاسيوس مارسيلوس كلاى» إسلامه، وتغيير اسمه إلى «محمد على كلاى»، تيمنا باسم سيدنا محمد رسول الله، وعلى بن أبى طالب رضى الله عنه، وفى آواخر مايو 1964 زار نيجيريا، ثم قرر قطع الزيارة فجأة قبل موعدها للسفر إلى القاهرة، فأحدث ارتباكا فى نيجيريا.
تذكر «الأهرام»، أنه فى نفس اليوم الذى أنهى فيه زيارته كان مقررا أن يؤدى عرضا فى العاصمة «لاجوس»، وحاول المسؤولون استبقاءه ولفت نظره إلى تنفيذ وعوده وبرنامجه، لكنه تشبث بالسفر، فقامت مناقشة حادة بينه وبين «هوجان باسى» بطل العالم فى وزن الريشة الأسبق ونجم نيجيريا القديم، أثناء حفل استقبال نظمته السفارة الأمريكية لـ«كلاى».
تكشف «الأهرام» أسرار المناقشة الحادة بين «هوجان» و«كلاى»..قال هوجان: «المفروض أن تبقى مساء الأربعاء لتقدم العرض الذى وعدت به ووضعناه فى البرنامج، فضلا عن تتويج ملكة جمال نيجيريا فى المسابقة التى تتم فى اليوم نفسه».. رد «كلاى» فى طلقات سريعة سرعة يده على الحلبة: «إنهم ينتظروننى فى القاهرة، وأرجو أن أقابل عبدالناصر، وهذا شىء ضخم جدا ، لقد دعونى منذ شهرين، وأوصلوا لى تذاكر الطائرة، ورحلة الطائرة غدا - 3 يونيو 1964، وليس هناك سواها هذا الأسبوع، ثم أن مصر أهم».
تؤكد «الأهرام»: «عندئذ احتد هوجان، وقال: أنت بطل والمفروض أن تفى بوعودك».. رد «كلاى»: مصر أهم دولة أفريقية، وأقواها، إنها بلد الصواريخ والجيش القوى والسد العالى.. أليس كذلك؟.. قاطعه هوجان قائلا: «لكنك أتيت إلى هنا أولا، وسفرك الآن «يلخبط» الدنيا، ويهدم كل شىء».. رد «كلاى» غاضبا: «لا أحب أن يلفت أحد نظرى إلى واجبى، ولا أن يقول لى افعل هذا ولا تفعل ذاك»، واستطرد يقول: على كل حال لم يزر جواريس، وشوجار رى روبنسون، وسونى ليستون «أبطال سابقون للملاكمة» أفريقيا، لأنهم خافوا أن تأكلهم الأسود والنمور، وأنا أراهن أن أبطال «الدقة القديمة» أولئك لا يصدقون أن فى أفريقيا أناسا لا يقلون عنهم ذكاء، وما من ملاكم عالمى المستوى والشهرة زار أفريقيا قبلى، وجئت إلى هنا لأثبت لأخوانى الأفريقيين رجالا ونساء أننا تحررنا.. إن الأفريقيين لا يمكنهم إفهام الأمريكيين أن لديهم مثلهم تليفزيون وسيارات وفنادق كبيرة، طوال عمرى كنت أتحرق إلى العودة لأفريقيا، حيث اختطف 22 مليونا من منازلهم لينتقلوا إلى أمريكا.
هكذا أصر «كلاى» على ترك نيجيريا للحضور إلى مصر، ووفقا للأهرام، فإن استقباله فى مطار القاهرة الدولى كان استقبالا حافلا لم يحظ بمثله بطل ولا فريق رياضى من قبل، حيث تجمع فى المطار بضعة آلاف يتقدمهم على شفيق رئيس الاتحاد العربى للملاكمة، وعلماء الأزهر، وأعضاء المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ومئات الطلاب من مدينة البعوث الإسلامية من مختلف الجنسيات، ورياضيون عامة وملاكمون خاصة، وعندما هبطت الطائرة إلى أرض المطار صعد العقيد على شفيق إلى سلم الطائرة، واستقبله بالأحضان والقبلات، ثم حيا البطل آلاف المستقبلين المتجمعين بالأعلام واللافتات وهتفوا له.
تذكر «الأهرام»، أن «كلاى» جلس فى الاستراحة، وألقى الشيخ محمد محمد المدنى من علماء الأزهر كلمة ترحيب به، مشيدا بإسلامه وبجرأته وشجاعته، وختم كلمته بهتاف طويل لم ينس فيه أحدا، ثم تحدث على شفيق، وتوفيق عويضة رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
وتحدث «كلاى» قائلا: «لا أستطيع أن أعبر لكم عن سعادتى بهذا الاستقبال الحار، وبوجودى فى عاصمة الإسلام، وأرجو أن يدعو لى كل أخ من إخوتى فى الإسلام كلما صعدت على الحلبة، لأننى ألاكم بعون الله وباسم الله وإيمان بالله، وبهذه المناسبة أذكر فضل الحاج محمد زعيم المسلمين فى أمريكا الذى أدخلنى فى صفوف الإسلام، ولسوف أقضى بينكم أسبوعا «امتدت الزيارة 15 يوما»، وأرجو أن يتحقق خلاله شرف مقابلة الرئيس ناصر الذى أقدره كل التقدير، والذى فهمت مما يكتب عنه فى صحف أمريكا أنه قوى بل أقوى الأقوياء».تؤكد «الأهرام»، أن أحد الهتيفة هتف مرددا اسم «كلاى»، فأشار إليه بغمزة من عينه وبطرف إصبعه، قائلا: «محمد على فقط، أرجوك».
فى 17 يونيو 1964 زار «كلاى» الرئيس جمال عبدالناصر، فى منزله بمنشية البكرى، وفى 25 مايو 1966 زار «كلاى» مصر للمرة الثانية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة