أصداء واسعة داخل المجتمع المصري بعد بث "اليوم السابع" فيديو لأب رفض كتابة قائمة منقولات – قايمة – لابنته مستندة على مقولة: "من يؤتمن على العرض لا يُسأل عن المال، اتقى الله في كريمتنا"، كرسالة "أب" لزوج ابنته بديلا عن "قايمة العفش"، التي عادة ما يتم تسجيل فيها المشتريات التي جلبها أهل العريس والعروس وقيمتها المادية، لضمان حقوق الطرفين في حالة الانفصال.
"قايمة العفش" بين التأييد والرفض
الواقعة حظيت باهتمام كبير من قبل الرأي العام العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة بين مؤيد ومعارض للفكرة، وذلك من باب أن قائمة المنقولات أصبحت سيفاَ مسلطاَ على رقاب الأزواج والشباب ومن باب التيسير على الزوج وعدم المبالغة في كتابة "القائمة"، فضلاَ عن وصف "قائمة المنقولات" بورقة "الفتنة"، حيث أن الابنة بالنسبة لأهلها لا تقدر بملايين الدنيا، وكون الفكرة تيسيرا كبيرا على الزوج، خاصة في ظل تلك الظروف القاسية التي نمر بها جميعا.
جانب من واقعة الأب
بينما الرأي الأخر، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك – تويتر" يرى أن "الأب" بهذه الطريقة يضيع حقوق ابنته في المستقبل حيث أنه لو نظر بعين الاعتبار لأعتبر، لأن هناك محاكم أسرة ليس في مصر فقط ولا الوطن العربي ولكن في كل دول العالم، تنظر الملايين من القضايا المتعلقة بـ"قايمة العفش"، وذلك لضمان حقوق الابنة أو الزوجة، بسبب الخلافات التي تقع بين الزوجين، ورددوا قائلين: "لو عايز الزوج يتقى الله في بنتك، اتقى أنت الله فيها واضمن حقوقها".
فكرة "قايمة العفش" أصلها يهودية
وخلال مناقشة تلك القضية بدأ عدد كبير من رواد موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك – تويتر" إثارة فكرة أنه بغض النظر عن مدى شيوع تلك الوثيقة "قايمة العفش" ومدى مشروعيتها خاصة في الإسلام وبلاد المسلمين، إلا أن كان الحديث عن حقيقة أن قائمة المنقولات الزوجية أصلها "يهودي" هو أمر مثر للدهشة حيث يعود أصل الحكاية إلي تاريخ مصر في القرن الثاني عشر إذ كان منتشراً بين المصريين ثقافة التعدد من ناحية وفكرة زواج المصريين من الفتيات اليهوديات الذين يتميزن بقدر عالِ من الجمال والثروة من ناحية أخرى، إلي أن هذا الزواج في أغلب الأحوال لا يستمر لوقت طويل لرغبة الزوج المسلم بالزواج من مصرية لينجب منها وفقا للدين.
الوثيقة اليهودية.. أصل الحكاية داخل معبد يهودي
بداخل "دار الجنيزة" التابعة للمعبد اليهودي في القاهرة نسخة ما زالت محفوظة لأقدم قائمة زواج كُتبت في مصر منذ نحو 850 سنة تقريباً، إذ يرجع تاريخها إلى عام 1160 ميلادية، وتتضمن نفس مواصفات قائمة الزواج الحالية في مصر، إذ تشمل منقولات وعفش منزل الزوجية بكامل تفاصيله من الملعقة وحتى الأثاث، ووثقت القائمة كل شيء في مسكن الزوجية آنذاك على النحو التالي "زوج ملاعق، معرقة، بردة، رداء قلموني، جوكانية مشهر وردة، نصف رداء مشفّع، جوكانية بياض، جوكانية بياض، منديل، مرتبة طبري 4 قطع، زوج مخدات شمعي، زوج مخدات رُماني، سطل، وطاسة، وكوز زيت بغطاه".
ونتيجة رغبة الزوج في الزواج من مصريات كان يثير غضب وقلق تلك اليهوديات وأهلهن الذين اعتبروا ان هذه الزيجات مهددة في أي وقت ولا يمكن الاستسلام لذلك الفكر سوى بوجود قواعد تنظم تلك العلاقة وتحميها من فكرة الطلاق وفقا لذلك المعتقد السائد، ومن هنا جاءت فكرة كتابة قائمة "منقولات الزوجية" التي من شأنها أن تقيد الزوج ويجعله يصرف النظر عن فكرة الطلاق والتعدد حال إذا رغب بالزواج من إمرأة يهودية، خاصة وأنه في حال تفكيره في قرار الانفصال عن تلك اليهودية سوف يتعرض للخسارة والعقاب في آن واحد، وبمرور الوقت بات كتابة قائمة المنقولات الزوجية من العادات والتقاليد السائدة بين المصريين حتى أصبحت لا تقتصر على الفتيات اليهوديات فحسب، وانما سادت وتأصلت في زواج المصريين وبعضهم البعض.
قائمة المنقولات من الناحية القانونية
أما عن "قايمة العفش" من الناحية القانونية – يقول الخبير القانوني والمحامي المتخصص في الشأن الأسرى عبد الحميد رحيم - إن قائمة المنقولات الزوجية تقاليد يهودية وليست في الأحكام الإسلامية، حيث أنه يصح التعامل بها لضمان حق الزوجة، كما أن الشرعَ الحنيف قرر حقوقًا للمرأة معنويةً ومالية، وجَعل لها ذِمتَها الماليةَ الخاصةَ بها، وفرض لها الصدَاقَ - المهر- وهي صاحبة التصرف فيه، والرجل مكلف شرعًا بأن يجهز كل شيء للعروس، وهذا يكون على حسب استطاعته، إلا أن الأمر تغير في العصور الحديثة وأصبحت الزوجة تتقاسم الزوج في شراء متطلبات الزواج كل حسب استطاعته.
ووفقا لـ"رحيم" في تصريح لـ"اليوم السابع"، فإن قائمة المنقولات أو ما يُطلق عليه فى العرف المصري بـ"القايمة"، هى بمثابة عقد من عقود الأمانة، التي نص عليها قانون العقوبات، لأجل ذلك وجب على الزوج أن يقر بأنه استلم القائمة الزوجية على سبيل الأمانة، وأنه ملتزم بشكل صريح بردها متي طلب منه ذلك، ويتم توضيح وحصر تلك المنقولات وتزيل بتوقيع الزوج، ولكن هناك شروط لابد من توافرها، عند كتابة "القايمة"، ومحاكم الأسرة تكتظ بالدعاوى المتعلقة بقائمة المنقولات سواء من ناحية التبديد أو من ناحية استردادها من قبل الزوجة وعادة ما تصدر أحكام في مثل هذه القضايا بالحبس وإيقاف التنفيذ وعدم براءة ذمة المتهم "الزوج" بشكل كامل.
وبحسب "رحيم" - يجب أن نعلم جيداَ أن قائمة المنقولات من الناحية القانونية تُعد عقد من عقود الأمانة، التي نص عليها قانون العقوبات حيث نصت المادة 341 من قانون العقوبات: "على أن كل من اختلس أو بدد مبالغ أو أمتعة أو بضائع أو نقود أو تذاكر أو كتابات أخرى، مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك إضراراً بمالكيها أو أصحابها أو واضعي اليد عليها، وكانت الأشياء المذكورة لم تسلم له، إلا على وجه الوديعة أو الإجارة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن أو كانت سلمت له بصفة كونه وكيلاً بأجرة أو مجاناً بقصد عرضها للبيع أو استعمالها فى أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره يحكم عليه بالحبس ويجوز أن يزيد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري".
الأب ضيع حقه ابنته وانتقص من شأنها
ويضيف: "جريمة تبديد منقولات الزوجية تتمثل في قيام الزوج بسبب المنقولات في حيازته المسلمة آلية من قبل زوجته، فالزوجة التي تسلم منقولاتها الزوجية للزوج أصبح باستلام الزوج المنقولات وإدخالها بحوزته، يلزم بردها حال طلبها، وفي حالة عدم ردها يعاقب بالحبس وفقا للمادة 341 عقوبات، وإثبات جريمة تبديد المنقولات، الاصل فيها أن تثبت بالكتابة ولكن إذا استلم الزوج المنقولات دون تحرير قائمة بذلك، فمن حق الزوجة إثبات القائمة بشهادة الشهود، فقد يكون هناك مانع أدبي حال دون تحرير قائمة المنقولات، بل يمكن إثباتها أيضا بإقرار الزوج، اي إثبات اعترافه وإقراره، باستلام القائمة، ومن حقها أن تثبت قائمة المنقولات باليمين الحاسمة الذي توجهها للزوج، والأمر المثار حاليا للأب الذي دون عبارة لابنته في قائمة المنقولات، دون ذكر المنقولات تفصيلا من حق الزوجة أن تثبت المنقولات التي أتت بها، بكافة طرق الاثبات بل هذا القائمة قرينة علي أن هناك منقولات لك تدون استلمها الزوج تعزز باقي الادلة في الإثبات، لتثبت الزوجة حقها في منقولاتها الزوجية الذي استلمها الزوج، وبذلك يكون الأب الذى سيسير على نهج هذا الأب قد ضيع حقه ابنته وانتقص من شأنها.
شروط كتابة القائمة
ويجب أن يُقر الزوج بأنه استلم القائمة الزوجية على سبيل الأمانة، وأنه ملتزم بردها متي طلب من ذلك، ويتم توضيح تلك المنقولات وتزيل بتوقيع الزوج، ولكن هناك شروط لابد من توافرها عند كتابة "القايمة" كالتالي:
1- أن يكون محل قائمة المنقولات أعيان منقولة فلا يصح أن يكون محل أو موضوع قائمة المنقولات أى شئ خلاف منقولات الزوجية.
2- أن تكون المنقولات مملوكة للزوجة وأن تكون فى حوزة الزوج، فجوهر جريمة تبديد المنقولات هي ملكية هذه المنقولات للزوجة، ويعد الزوج أميناً عليها بناء على عقد من عقود الأمانة، وهنا تثار مشكلة ملكية الزوج لبعض المنقولات ضمن القائمة التى تدعى الزوجة ملكيتها لها، بحيث يلقى عليه عبء إثبات هذه الملكية.
3- أن يكون تسلم الزوج منقولات الزوجية بموجب أحد عقود الأمانة.
وجريمة تبديد منقولات الزوجية، هي أحد الجرائم العمدية، فينبغي أن يعلم الزوج المتهم بالتبديد، أن المنقولات غير مملوكة له، وأنها بحوزته حيازة ناقصة لصالح زوجته، ويلزم بردها حال طلبها، فتعمد المتهم التصرف فى المنقولات مع علمه بعدم ملكيته لها يُعد إضراراً بالزوجة المالكة لتلك المنقولات.
غير أن مجرد امتناع الزوج عن رد المنقولات لا تتحقق به جريمة تبديد المنقولات الزوجية، وذلك إذا كان عدم الرد راجعاً إلى منازعة فى ملكية الزوج لبعض تلك المنقولات، كما لا يكفى فى تلك الجريمة مجرد التأخير فى الوفاء، بل يجب أن يقترن بانصراف نية الجاني إلى إضافة المال إلى ملكه واختلاسه لنفسه إضراراً بالزوجة، وينتفي القصد الجنائي بقيام الزوج بإنذار الزوجة على يد محضر بعرض المنقولات الزوجية – الكلام لـ"رحيم".
إشكالية انقضاء العقوبة بمضي المدة بعد 3 سنوات من صدور الحكم
وللإجابة على سؤال ماذا لو تم صدور حكم ضد الزوج لتبديد منقولات الزوجة وانقضت العقوبة بمضي المدة بعد 3 سنوات من صدور الحكم؟ يُجيب "رحيم": من المستقر عليه أن جهاز الزوجة حتي لو كان من المهر هو ملك الزوجة وحدها ولا حق للزوج في شئ منه وليس له أن يجبرها علي فرش أمتعتها له وإنما له الانتفاع بها وبإذنها فإذا اغتصب شيئا منه فلها مطالبته به أو قيمته، وبالتالي فإذا انقضت الدعوي الجنائية لتبديد المنقولات بمضي المدة فلا مفر من إقامة دعوي استرداد منقولات زوجية بمحكمة الأسرة ويسبقها إنذار علي يد محضر وتسوية بمحكمة الأسرة.
كيفية استرداد المنقولات الزوجية
وعن كيفية استرداد المنقولات الزوجية فى حال عدم تحرير قائمة منقولات زوجية للزوجة، فإنه لابد من تحرير محضر إثبات حالة من الزوجة أن منقولاتها الزوجية في الشقة وأن زوجها لم يسلمها المنقولات الزوجية المملوكة لها وتذكر وصف هذه المنقولات وتقدم بالمحضر صورة من إيصالات وفواتير شراء الأجهزة.
كذلك ينبغى إعذار الزوج بمعنى توجيه إنذار له على يد محضر تنذره فيه الزوجة بأنه قد تحصل على المنقولات الزوجية المملوكة لها ورفض تسليمها وتبين في الإنذار بيان بوصف وقيمة هذه المنقولات وتنذره برد هذه المنقولات الزوجية لها بالطرق الودية وتضرب له أجلا للوفاء لرد هذه المنقولات وإلا ستضطر لاتخاذ الإجراءات القانونية ضده للحصول علي منقولاتها عن طريق القضاء والغرض من توجيه هذا الإنذار هو أولا محاولة إنهاء النزاع بالطرق الودية قبل اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالحق، كما يهدف أيضا إلى وضع المنذر إليه في موضع المقصر الذى تعنت ورفض عامدا تسليم المنقولات الزوجية وديا، فلا يلومن إلا نفسه أن رفعت عليه هذه الدعوى للمطالبة برد هذه المنقولات الزوجية، ودعوى استرداد المنقولات الزوجية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات، بالتالى فيطلب عقب انعقاد الخصومة فى هذه الدعوى إحالة الدعوى للتحقيق لسماع الشهود فيها للوقوف على أن المدعى عليه تحصل على هذه المنقولات وانه رفض تسليم المنقولات الزوجية لزوجته.
رأى قانونى أخر حول قائمة المنقولات
وفى سياق آخر - يقول هاني صبري – الخبير القانوني والمحامى – أنه جرى العرف على قيام الزوج قبل الزفاف بالتوقيع على قائمة جهاز لصالح الزوجة بأن يقر باستلامه منقولات الزوجية ويتعهد بحفظها وردها عند الطلب، وللأسف الشديد أصبحت هذه الورقة من أحد أصبح خراب البيوت واستقواء الزوجات على أزواجهن بقائمة المنقولات الزوجية لمجرد وجود اي خلافات بسيطة بينهما تتوجه لقسم الشرطة لتحرير محضر لزوجها واتهامه بتبديد منقولاتها الزوجية، رغبة منها فقط لإيذاء الزوج أو مضايقته أو الانتقام منه.
ويؤكد "صبرى" في تصريحات خاصة - امتلأت أروقة المحاكم بهذه القضايا وأصبحت القائمة سيف مسلط علي رقبة ويقف الزوج أمام محكمة الجنح بتهمة أنه بدد منقولات الزوجية الواردة في القائمة، ويكون معرض للحبس من قفص الزوجية لقفص المحكمة وتكون هذه القضية بداية لفقد الثقة بين الزوجين، وقد تكون بداية لانهيار العلاقة الزوجية، وفِي كثير من الأحيان بكون الهدف من هذه القضية للمكايدة للإضرار بالزوج، ويقع علي الزوج عبء الإثبات وانتفاء ركن السليم ولابد من وجود شهود على التسليم الفعلى، وإشكاليات عديدة.
ويضيف "صبرى" - السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل قائمة المنقولات حافظت علي البيت أو حقوق الزوجة؟ وفي تقديري القائمة ليست ضمان للعلاقة الزوجية الزواج القائم علي ورقة قائمة فقط لن ينجح بل علي العكس أصبحت القائمة أحد جزء من المشكلة وغالباً ما يكون هو بداية المشكلة بين طرفي العلاقة وليس نهايتها، حيث إن كل هذه الأمور تتطلب التعديل العاجل لقوانين الأحوال الشخصية حتى لا يتم المزيد من إهدار حقوق كل من الطرفين، وهذا التعديل سيساهم في الحفاظ على تماسك الأسرة المصرية التي هي نواة هذا المجتمع؛ حيث يمثل ارتفاع نسب معدلات الطلاق بصورة مستمرة تهديداً لأمن وسلامة واستقرار المجتمع.
ويوضح "الخبير القانوني" - يجب أن يكون الزواج قائم علي المودة والرحمة وليس علي القائمة في تقديري الشخصي أن بداية حل المشكلة، واحد أهم الحلول يبدأ بأن يعرف كل من الزوجين دوره الحقيقي الذي خلقه الله عليه، وأن يفهم الإثنان سيكولوجية بعضهما البعض وأن يكون هناك لغة حوار وصداقة حقيقية بينهما، والبحث عن مساحات مشتركة للتفاهم وتقريب وجهات النظر بينهما بالحب والبعد عن الأنانية، لأن الحياة الزوجية هي المباراة الوحيدة التي يكسب فيها الأثنان معاً أو يخسران معاً.
دار الإفتاء و"قايمة العفش"
من ناحية أخرى - أجابت دار الإفتاء المصرية، على سؤال جاءها عبر موقعها الإلكتروني يقول صاحبه: "ما حكم الشرع في قائمة المنقولات المنزلية داخل منزل الزوج، وبيان شرعية إمضاء الزوج على هذه القائمة التي يتكفل بها أهل العروس؟".
وقالت الإفتاء حدد الشرعُ الشريفُ حقوقًا للمرأة معنويةً ومالية، وجَعل لها ذِمَّتَها الماليةَ الخاصةَ بها، وفرض لها الصَّدَاقَ، وهي صاحبةُ التصرف فيه، وكذلك الميراث، وجَعل مِن حقها أن تبيع وتشتري وتَهَب وتقبل الهِبَة وغير ذلك مِن المعاملات المالية، ما دامت رشيدةً، شأنُها في ذلك شأنُ الرجل؛ قال تعالى في شأن الصَّدَاق (أي المَهر): ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: 4]، وقال سبحانه: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 24].
وأضافت الإفتاء إن المرأةُ تقوم بإعداد بيت الزوجية بمقدم صداقها سواء أَمْهَرَهَا الزوجُ الصداقَ نَقدًا أو قَدَّمَه إليها في صورة جهازٍ أَعَدَّه لبيت الزوجية فإن هذا الجهاز يكون مِلكًا للزوجة مِلكًا تامًّا بالدخول، وتكون مالِكَةً لنصفه بعَقد النكاح إن لم يتم الدخول؛ كما جاءت بذلك نصوصُ القرآن الكريم وسنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ضرورة استخدام قائمة المنقولات في موضعها الصحيح
وتابعت في فتواها: "عادةً ما يكون هذا الجهاز في بيت الزوجية الذي يمتلكه الزوجُ أو يؤجره مِن الغير، فيكون الجهازُ تحت يَدِ وقَبضَةِ الزوج، فلَمَّا ضَعُفَت الدِّيَانةُ وكَثُر تَضييعُ الأزواجِ لِحُقوقِ زوجاتِهم رَأى المُجتمَعُ كتابةَ قائمةٍ بالمنقولات الزوجية (قائمة العَفْش)؛ لِتَكون ضَمَانًا لِحَقِّ المرأة لَدى زوجها إذا ما حَدَثَ خلافٌ بينهما، وتَعارَفَ أهلُ بلادنا على ذلك.
وأشارت إلى أن القائمة استُخدِمَت في موضعها الصحيح ولم تُستَخْدَم للإساءة ليست أمرًا قبيحًا، بل هي أمرٌ حَسَنٌ يَحفظ حقوقَ الزوجة ولا يَضُرُّ الزوجَ، ولا تُصادِمُ نصًّا شرعيًّا، ولا قاعدةً فقهيةً، وإنما هي مُتَّسِقَةٌ مع الوسائل التي استَحَبَّها الشرعُ في العُقودِ بِعَامَّةٍ؛ كاستِحبَابِ كتابةِ العُقودِ، واستِحبَابِ الإشهادِ عليها، وعَدَمُ وجودها في الزمنِ الأولِ لا يُشَوِّشُ على مشروعيتها؛ لأنها تَتَّسِقُ مع المقاصد العامَّةِ للشريعة مِن السعيِ لضمانِ الحقوقِ، ورَفْعِ النـِّزاع، فهي ليست البدعةَ المذمومةَ المَنهِيَّ عنها، بل هي بدعةٌ مُستَحسَنَةٌ مَمْدُوحَة، يَصِحُّ أن يُقال فيها وفي أمثالها كما قال عمر رضي الله تعالى عنه: "نِعمَتِ البِدعةُ".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة