واقع الدولة المصرية الآن، وحجم ما أصبحت القاهرة تملكه من نجاح داخلى ، وتأثير إقليمى، وتحوزه من ثقة دولية، يمكن أن يقدم تفسيرا للكثير من الرسائل التى صدرت عن الرئيس عبدالفتاح السيسى، على مدى 7 سنوات، وأيضا تفسير ما واجهته مصر من حروب إرهاب ودعاية مضادة من منصات إعلامية ولجان إطلاق الشائعات، وهى الحروب التى نجحت بالفعل فى إسقاط دول فى المنطقة وتحويلها إلى مجالات للحروب بالوكالة ومراكز لنشر التهديد.
دائما كانت هناك أسئلة حول السبب فى الحروب الموجهة لمصر، وعلى رأسها الإرهاب، ممثلا ليس فقط فى تنظيم الإخوان لكن أيضا فى حلفاء التنظيم من داعش وغيره.
الواقع أن الدول والأجهزة التى مولت ودعمت الإرهاب بالمال والسلاح والدعاية، كانت تسعى لوقف صعود مصر إلى مكانتها الطبيعية فى الإقليم، كدولة ذات تأثير ونفوذ، وهذه الأطراف تمثل مصالح دول تسعى لحيازة نفوذ إقليمى من خلال تمويل وتدعيم الحروب بالوكالة.
وصل تنظيم داعش فى سوريا والعراق إلى قمة التأثير فى 2014، وهو ما منح الدول الراغبة فى انتزاع النفوذ أملا فى تحقيق الهدف، واستغلت الاختلال الاستراتيجى لشراء نفوذ أو اكتساب أرض، خاصة مع صعود تنظيم الإخوان إلى السلطة فى مصر، وما رافقه من ارتباك سياسى، كاد يفقد مصر توازنها، وتآكل داخلى، وطائفية صراعات اجتماعية واقتصاد منهار، مع الأخذ فى الاعتبار أن تنظيم الإخوان له ارتباطات خارجية، والمرة الأولى التى يسلم حاكم، مصالح وأسرار الدولة للخارج، نظام ينتظر التعليمات ويرهن إرادته لمشروعات نفوذ غامضة كادت ترهن القرار المصرى بمراكز أضعف منه تسعى لأن تحتل مكانة إقليمية.
كانت 30 يونيو علامة فارقة للحظة انتشال الدولة من مصير نماذج فى المنطقة فقدت نواتها الصلبة وقرارها، نجحت فى وقف التدهور، وبدأت عملية بناء فى كل الاتجاهات، بالداخل من خلال إعادة رسم وتخطيط للبنية الأساسية والاقتصاد، وإقليميا ودوليا إعادة موضعة مصر فى مكانتها.
مثلت 30 يونيو لحظة فارقة، قطعت الطريق على مشروعات التهام النفوذ، طمعا فى ملء فراغ بدأ فى الإقليم منذ الغزو الأمريكى للعراق، والذى خلق اختلالا استراتيجيا مكن دولا إقليمية من بسط نفوذها، فى محاولة لالتهام دور العراق، تبعته زلازل الربيع، حيث تحولت مطالب التغيير فى سوريا إلى حرب بالوكالة تصدرتها تنظيمات مثل داعش وتوابعه.
كانت الخطة أن يلتحم داعش مع الإخوان فى مصر، لتبدأ عملية زحف تعيد ترتيب النفوذ، لكن مصر استعادت قوتها وبدأت عملية بناء، وهو ما يفسر الحرب التى بدأت على كل الأصعدة، ربما يكون الإرهاب هو الجزء الظاهر من الحرب ضد مصر، حيث كانت هناك حروب متعددة دبلوماسية وسياسية سعت لعزل مصر إقليميا ودوليا.
مصر بعد تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، بدأت فورا فى عملية بناء داخلى للمجتمع والاقتصاد، وفى نفس الوقت بدأت أكبر عملية بناء نفوذ إقليمى ودولى.
من يلقى نظرة على وضع مصر الإقليمى والدولى قبل 7 سنوات، يمكنه اكتشاف الفرق بين مصر التى كان البعض يراهن على أنها إن حاولت استعادة قوتها الاقتصادية والتنموية، فإنها قد تفقد قدرتها على كسر العزلة إقليميا ودوليا، والعكس أيضا.
من هنا يمكن اكتشاف حجم الجهد الذى صنع هذا الوضع الحالى، فقد حلت مصر المعادلة الصعبة ونجحت فى تعويم وانتشال الاقتصاد، بل ودفعه إلى تنمية متسارعة مكنت مصر من الصمود أثناء أزمة كورونا التى أرهقت اقتصادات دول متقدمة، وفى نفس الوقت نجحت فى بناء قوة عسكرية ودبلوماسية، استعادت بها الـتأثير، لنرى اليوم مصر وهى طرف فاعل فى كل القضايا، من دون تدخلات عسكرية أو تهديد، لكن من خلال بناء قوة تأثير متعددة، تحظى بثقة إقليمية ودولية، ظهرت فى نجاح واضح فى ليبيا وفلسطين وباقى القضايا وهى رحلة واجهت فيها الكثير من الصعاب والتحديات ووصلت لتأثير واضح.