اتصل الرئيس السادات، تليفونيا، بالكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين رئيس تحرير الأهرام، يوم 13 يوليو، مثل هذا اليوم، 1974.. كان «السادات» غاضبا بسبب مقال «الانفتاح ليس سداح مداح»، الذى كتبه بهاء ونشرته «الأهرام» فى صفحتها الأولى يوم 12 يوليو، 1974، وتناول الحالة السلبية التى أحدثها تطبيق قانون الانفتاح الذى أصدره الدكتور عبدالعزيز حجازى، النائب الأول لرئيس الحكومة «السادات» ووزير المالية، فى إبريل 1974.. «راجع، ذات يوم، 12 يوليو 2021».
أثار المقال ضجة واسعة وعلامات استفهام على أساس أن «الأهرام» لا يمكن إلا أن يعبر عن سياسة الدولة، حسبما يذكر «بهاء» فى كتابه «محاوراتى مع السادات»، مؤكدا أن الرئيس السادات قال له فى الاتصال التليفونى، ان الدكتور عبدالعزيز حجازى غاضب جدا من هذه المقالة، وأنه شكانى إليه، وأن ظهور مثل هذا المقال بهذا العنوان فى الصفحة الأولى من «الأهرام» وموقع باسمى بعد أقل من ثلاثة أشهر من صدور القانون، يعرقل الانفتاح ويثير له مشاكل كثيرة.يضيف بهاء: «انطلق السادات فى كلام طويل لم أعد أميز منه بالضبط ماذا يمكن أن يكون كلام الدكتور حجازى، وماذا يمكن أن يكون كلام السادات نفسه؟
لا يذكر «بهاء» تفاصيل المكالمة، لكنه يكشف عن الأثر الممتد لمقاله وما كشفه حجازى له حول هذه القضية.. يقول: «كنت على وشك السفر إلى الخارج بضعة أسابيع للعلاج فى لندن، فلما عدت وجدت أن الدكتور حجازى قد استعمل فى مؤتمر صحفى له عبارة «الانفتاح ليس سداح مداح، ولاحظت أن ثمة حملة لا تخطئها العين الخبيرة على الدكتور حجازى فى الصحف المصرية، وسمعت من بعض الأصدقاء أنه بدأ يشكو فى مجالسه الخاصة من تآمر بعض الوزراء عليه، وعدم تعاون أجهزة أخرى فى الدولة معه».
يكشف «بهاء» أنه ذهب لزيارة حجازى يسأله عن الأخبار.. يضيف: «أشرت فى حديثى معه إلى أنه استعمل العبارة التى قيل لى إنه غضب منها».. يؤكد: انفجر الدكتور حجازى فى حديث غاضب طويل، أذكر منه جوهره المتصل بموضوع الانفتاح، فقد قال لى ما معناه: أنه أصدر قانون الانفتاح، وأنه تم السماح بالاستيراد دون تحويل عملة لأول مرة «طبعا ليس هناك شىء اسمه استيراد دون تحويل عملة، ولكن ثمن المستوردات يدفع من عملات المصريين فى الخارج دون أن تمر هذه العملات على مصر، أى من بره بره»، ولكن الدكتور حجازى قال لى إنه قرن ذلك بإصدار قائمة بستين سلعة يمكن استيرادها على هذا النحو، وهى سلع ومواد مطلوبة لتسيير عجلة الصناعة والمهن المحلية فى كل مجال، فعشرات الآلاف الذين يعملون فى قطاع التجارة لم يعد لديهم ما يلزم فى قطاع النجارة من «مفصلات معدنية» و«كوالين» وغيرها، وآلاف مصانع الأحذية الصغيرة أيضا تنقصها مواد كثيرة ضرورية لصناعة الأحذية، والأمثلة كثيرة فى الصناعات المتوسطة».
يضيف عبدالعزيز حجازى، لبهاء: «المهم أنه فهم الانفتاح بهذا المعنى، على أنه تسهيل تدفق هذه الأصناف، ومعنى ذلك أنه من ناحية يحرك عجلة الاقتصاد والإنتاج والعمالة على نطاق واسع جفت ينابيعه وبدأ يتوقف، وأن هذا التحديد من ناحية أخرى سيعيد إلى النشاط الاقتصادى العارفين به، وأهل التجارة والصناعة الحقيقيين».
رغم فهم عبدالعزيز حجازى للانفتاح على هذا النحو فإنه وكما كشف لبهاء، فوجئ بالهجوم الاستهلاكى الذى ليس أول ما تحتاج إليه البلاد بعد سنوات الحرب، من 1967 إلى 1973.. يضيف «بهاء» أن حجازى قال له فيما يذكر: «لو أن لديك مالا فى الخارج، فأسهل عليك ودون أى علاقة بالتجارة والصناعة، أن تشترى من بيروت «فستق» بمائة ألف جنيه، وتعرضها فى أسواق القاهرة وسوف تلتهمها القاهرة فى أسبوع، فتكسب أرباحا طائلة بسرعة وتستورد «فستق» من جديد، وهكذا يدور مالك عشرات المرات بسرعة، والبلد ليست مشكلته الآن الفستق والشوكولاتة وزجاجات «السفن آب» التى تستورد وتباع الزجاجة منها فى مصر بخمسة وسبعين مليما «أسعار زمان قبل تضخم 12 سنة بعد ذلك».
يؤكد بهاء، أن الدكتور حجازى اعترف له أن هناك قوى عالمية تضغط فى هذا الاتجاه، وبدخول أصناف من الناس الغرباء عن عالم التجارة والمال والاقتصاد، وبمخاطر هذا التيار الذى يجرف أمامه كل سدود أو قيود، أو نظم، أو قوانين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة