نشاهد، اليوم، صورة للشيخ مصطفى عبد الرازق (1885- 1947) أحد رجال الأزهر الشريف فى النصف الأول من القرن العشرين، والذى يعد واحدا من أركان النهضة المصرية، وفى الصورة يجلس بين حفيديه يستمع إلى قراءتهما ويصحح لهما.
البداية كانت فى نشأة الشيخ مصطفى عبد الرازق، فى بيت ثراء وعلم ووطنية، ولد فى عام 1885 وكان والده من مؤسسى حزب الأمة، وشقيقه هو الشيخ على عبد الرازق صاحب الكتاب الشهير "الإسلام وأصول الحكم" الذى أثار ضجة كبرى فى النصف الأول من القرن العشرين.
وبجانب النشأة كانت التلمذة، فالشيخ مصطفى عبد الرازق تلميذ نجيب لأستاذه الإمام محمد عبده، وقد ظهر أثر هذه التلمذة فى أشياء كثيرة، لكن أهمها، من وجهة نظرى، يتعلق بالرؤية وطريقة التفكير.
أما الرؤية فأساسها أن الدين وجد لتحسين حياة الناس، وإصلاح أحوالهم وإفادتهم، وهذه الرؤية قد يقولها لك الكثير من رجال الدين، ولكنهم عادة لا يؤمنون بها كما ينبغي، ولا يفهمون مغزاها كما فهمه الشيخ مصطفى عبد الرازق.
أما طريقة التفكير فتمثلت فى شعار أن الزمن قد تحرك للأمام، فلم يعد الناس معرضين للفتنة من رؤيتهم لتمثال أو لوحة أو سماعهم للموسيقى والغناء، لذا قرأنا عن علاقته بالسيدة أم كلثوم، ولعل معظم الناس يتذكرون شخصيته التى ظهرت فى مسلسل "كوكب الشرق"، كذلك كان اهتمامه بالفلسفة ومؤلفاته فيها، وللعلم فإن الشيخ مصطفى عبد الرازق قد درس الفلسفة فى جامعات باريس وتعلم اللغة الفرنسية وترجم إليها، وعمل فترة مدرسا للغة العربية فى جامعة "ليون".
ومع كل ذلك لم يفقد الشيخ مصطفى عبد الرازق "هويته" أبدا، وظل مدافعا عن دينه ولغته وشرقيته، واختلف كثيرا مع أفكار المستشرقين التى كانت تتعمد الإساءة إلى الشرق وتنحو إلى تنميطه، وفى رأيى هكذا يكون الإنسان التنويرى، أن يتعلم ويجدد أفكاره دون التخلى عن "هويته".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة